لم تنم دمياطالجديدة هذه الليلة.. كان حديث المقاهي والبيت وحتي أولئك الذين خرجوا من صلاة العشاء.. حديثا مشتركا وهو الجريمة الثلاثية التي راح ضحيتها المهندس الطيب "ابراهيم" وزوجته الحسناء "نجلاء" وطفلها البريء "يوسف" حيث عثر علي الجثث الثلاث في بيت المهندس وزوجته ولا أثر للقاتل يفك غموض الجريمة المفزعة التي هزت أمن وشعب دمياط كلها. تري ما الذي يدفع قاتل دخل بكل تأكيد من باب الشقة بشكل طبيعي إلي قتل ربة البيت وزوجها الطفل الصغير ما الدوافع التي قادته لارتكاب هذه الجريمة وهل كان وحده يقتل ويخنق بهدووء دون أن يعترضه أحد وكيف دخل وكيف خرج؟ غموض هل هو لص استطاع الدخول عبر الباب الرئيسي بحيلة سقطت فيها صاحبة الشقة زوجها أم هو أحد الموظفين العموميين من كشافي الكهرباء والمياه والغاز أو عامل إصلاح التليفونات أم الذي يعمل علي استبدال اسطوانات الغاز أم هو شخص آخر غير كل هؤلاء؟! هذا الغموض ظل مسيطرا علي أهل دمياطالجديدة وارتفع نقاشهم وازداد حدة أمام نعوش افراد الأسرة الثلاثة واتسعت دائرة الشبهات ليشمل عشرات الاشخاص بعد أن تم اكتشاف الجريمة. مأساة الأسرة المنكوبة بدأت منذ سنوات طويلة لكن نتائجها تحققت ربما بعد 20 سنة من تلك الكارثة التي وقعت للمجني عليها. كانت شابة في السابعة عشر من عمرها عندما غرر بها احدهم واغتصبها عنوة وداوم علي اغتصابها حتي حملت طفلا ولدته بغير أب إلا ان رجلا في السبعين من عمره تقدم للزواج من نجلاء التي لم يكن أمامها من خيار سوي الموافقة علي من يتقدم لها حتي ولو كان خيال ظل.. فالفضيحة تكبر في بطنها والألسن لا ترحم وشقيقها ابراهيم لا يفتأ يعايرها بما حدث لها كما ان الجيران اصبحت قصتهم الرئيسية في مجالسهم قصة اغتصاب نجلاء. فضيحة هربت نجلاء من فضيحتها بالزواج من العجوز ذو الأعوام السبعين وولدت طفل السفاح وقبل الرجل أن يطلق عليه اسمه ولكنه بعد 9 سنوات كان قد أعلن الرحيل عن الدنيا وتوفاه وترك الشابة الجميلة الصغيرة تواجه مصيرها مع طفلها. المرأة كانت جميلة بمقاييس الزمان والمكان الذي نشأت فيه. وكانت من ذلك النوع من النساء الذي لا يقنع برجل واحد وحياتها شديدة الصخب وهو ما كان يثير أخاها ويغضبه فالسنة الناس لا ترحم وشرار كلماتهم يصل أذنيه مهما اغلقهما. بعد وفاة العجوز الذي اقترب من الثمانين من عمره كانت "نجلاء" لاتزال في هوج الشباب وفوره النضوح فقررت البحث عن آخر وبسهولة شديدة وجدته مهندسا في العقد السادس وكان متزوجا وله ابنة طبيبة وابن مهندس ويحيا دون زوجة فاختارت أن تكون نجلاء هي هذه المرأة التي يركن إليها وأن يجعل من ابنها ابنا له وان لم يلده. ثمة أمر آخر كان ينمو تدريجيا في ذهن شخص آخر. لم ينس ابراهيم ابدا ان شقيقته تحمل العار مجسدا في طفل يسير علي ظهر الأرض يلهو ويلعب بينما هو خطيئة اخته مجسدة لحما ودما. كيف يمكن أن تستقيم الحياة. لقد ادمنت شقيقته الرجال ولم تعد تقنع برجل واحد حتي ولو تزوجته فهو ليس الا شعارا تستتر خلفه ثم تلهو بحياتها كيفما شاء لها الأمر أن تفعل. لم يكن الزوج المهندس الذي تزوجته نجلاء رجلا سيئا بل كان رحيما بها وبطفلها يغدق عليهما من ماله ما يطلبا ولكن المرأة لم تكن علي استعداد للتخلي عن نزواتها أو هكذا يقول شقيقها في اعترافاته أمام المحققين ظلت "نجلاء" تتردد من رجل لآخر وزوجها يحسن معاملتها وشقيقها ابراهيم يراقبها ولذا كان لابد لنهاية لقصة المال والجنس والحرام الذي أصبح طفلا. كانت الفكرة قد اختمرت تماما في ذهن ابراهيم وعندما دقت طبول الفرح لزفاف شقيقته الصغري كانت مجوهرات وذهب نجلاء يلمع في الأضواء ببريق خطف عيني الشقيق فتبلورت الفكرة المخمترة في رأسه وأصبحت النهاية قريبة. لابد من التخلص من العار بأية وسيلة والاستيلاء علي هذا الذهب وهذه المجوهرات السهلة بسرعة فهو لن يرتكب جريمة بل سيأثر لشرفه المهدر ويقطع الألسنة التي تلوك سيرتها وسيحرم عشاقها وهم كثر من جسدها اللعين الطري الذي طالما نهشته الذئاب الغريبة بعد أن فتح لهم الطريق ذئب آخر لأول مرة منذ 17 سنة عندما كانوا يعيشون في بلدتهم القديمة منية النصر بالدقهلية. استدعي ابراهيم شريط حياته وحياة شقيقته وهو شارد الذهن يفكر في طريقتها لادارة حياتها وعبثها واستهتارها حتي بالرجل التي تزوجته في أكتوبر الماضي رغم انه لم يبخل عليها وعلي طفلها بشيء. فلاتزال العشيقة المفضلة لكل راغبي المتعة في المنصورةودمياطالجديدة. ثم انها قد جنت كثيرا من علاقاتها المشبوهة وأصبح لديها الذهب والفضة بل وقطع الألماس بينما تحاصره الديون هو وصديقه المبلط محمد يحيي الذي أشار عليه أن يتخلص منها حتي يمسح عاره الأبدي ويستوليا علي الذهب والألماس الذي يطوق يديها وعنقها اقتنع ابراهيم بفكرة صديقه المبلط وقررا ان ينفذاها سويا وحددا ساعة الصفر. بضع طرقات علي باب الشقة التي تضم شقيقته وزوجها وطفلها كانت هي طرقات النهاية لحياة "نجلاء" وزوجها المهندس ابراهيم وطفلها الصغير الذي جاء الحياة رغما عن الجميع من أب مجهول. رحبت نجلاء بقاتليها ودعتهما لدخول الشقة وتناول الشاي وعندما ذهبت للمطبخ كانت هي علامة البداية لنهاية هذه الأسرة. ذهب القاتلين خلفها حيث طعنها شقيقها 5 طعنات ولم يستمع لتوسلاتها وبكائها واسترحامها له حتي يتركها وظل يطعنها حتي لفظت انفاسها في نفس الوقت الذي قام فيه صديقه المبلط بطعن زوجها المهندس ابراهيم بتسع طعنات نافذات في صدره قضت عليه تماما بعدها توجه شقيقها القاتل إلي غرفة الطفل الذي كان نائما فخنقه حتي انقطعت انفاسه وغادر الحياة نائما. لم يكتف القاتلين بذلك بل قاما بسرقة كل حلي "المجني عليها" من ذهب وأموال اضافة إلي ثلاث هواتف محمولة ودخل إلي الحمام حيث "حلق" لحيته وتوجه صديقه إلي دكرنس لبيع الهواتف بينما اتفق الاثنان علي تأجيل بيع الذهب بعد انتهاء تحريات الشرطة حول الجريمة ثم نزعا مفتاح الشقة من الداخل ونزعا خرطوم اسطوانة الغاز ليخنق من لا تزال روحه فيه. يد العدالة كان هذا قدر "نجلاء" الذي انتهي بقتلها وكان هذا هو قدر ابنها الذي انتهي بخنقه ولكن القاتلين تصورا ان الجريمة انتهت عند هذا الحد وان وقت جني الثمار قادم لا محالة خاصة وان "ابراهيم" اعتقد انه غسل عاره بيده بهذه الطريقة ولكن يد العدالة ليست مغلولة وانتقام الخالق له وقته. بينما كان القاتلان يحتفلان بتحقيق مآربهما كان اللواء سامي الميهي مدير أمن دمياط يجلس مع نائبه اللواء عبدالحميد الحصي يحصون ما توصلت إليه التحريات ويقيمون الرجال الذين كانوا علي علاقة بالمجني عليها ودرجة قربهم منها. شارك في فك رموز هذه القضية الغامضة العميد أحمد فتحي مدير المباحث ورئيس مباحث مديرية دمياط العقيد السيد العشماوي وانحصرت شكوك القيادات الأمنية في عدد من الاشخاص كان علي رأسهم شقيق المجني عليها وصديقه. سقوط بتضييق الخناق علي ابراهيم "السباك" شقيق المجني عليها انهار واعترف أمام المقدم محسن نجيب مفتش المباحث بمأمورية منية النصر وأرشد عن صديقه محمد يحيي "المبلط" فقامت قوة من مباحث منية النصر بالقبض عليه ضمت الرائد أحمد شكري رئيس مباحث دمياطالجديدة والنقيب محمد المعداوي والنقيب إسلام قصب والنقيب هشام أشرف ليسقط المتهمين في قبضة العدالة والزج بهما خلف القضبان والقصاص منهما.