سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سمير وشهير وبهير.. أبناء شرعيون لسينما الألفية الثالثة فيلم خفيف يعكس روح فريق جاد من الممثلين والمؤلفين المخرج اختار جمهوره من الشباب.. والكبار يمتنعون
المجموعة التي تقف وراء الفيلم "سمير وشهير وبهير" تنتمي إلي جيل واحد من شباب الثمانينيات والتسعينيات والعشرة الأولي من الألفية الثالثة. أي منذ أن خرجوا إلي النور من بطون أمهاتهم. ورضعوا ثقافة تغذيها أفلام محمد سعد وهنيدي وعلاء ولي الدين وأبو الليف وعمرو دياب وإيهاب توفيق وأفلام السبكي ونجوم ومخرجين وكتائب من المطربين وكتاب الأغاني. فضلاً عن ثقافة المخدرات والوجبات السريعة وطقوس تعاطيها وتعاطي الشيشة في "الكافيتريات" التي احتلت الشوارع والحواري.. إلخ إلخ. أيضاً جيل اكتسب مفاتيح الدخول عبر أبواب المعرفة والإبحار فيما وراء البحار والمحيطات باستخدام أدوات التكنولوجيا وعالم يخضعپ-شئنا أم أبينا- لرياح العولمة. وفيلم "سمير ....." مثال واضح علي قدرة المجموعة التي قامت بتأليفه وتمثيله علي تكثيف هذه الثقافة التي ارتبطت بجيلهم. وروح الشباب التي يشيعها الفيلم ليست سوي مزيج مقبول وفرح لما تنتجه ثقافة هذا الجيل وحساسيته وما يلتقي مع روحه ومزاجه الترفيهي والفني والكوميدي أيضاً. وحتي "أجيب من الآخر" هذا فيلم خفيف الظل فعلاً. وأشبه بوجبة سريعة لذيذة ومليئة بالكوليسترول ويمكن "حبسها" بفنجان شاي تقيل علي مقهي مع دورين شيشة ولا بأس من "صاروخ" في الخباثة. ولذلك فإنني لم أندهش من ردود الفعل الايجابية التي أحدثها الفيلم وسط جمهور الشباب. ولأني من "الشباب" "!!" أعجبني الفيلم وضحكت وتجاوبت مع التنفيذ الجيد لمواقف كثيرة ظريفة. ولنوع الفكاهة التي لم تعتمد علي الإسفاف وإنما الذكاء والحساسية الكوميدية.. وأيضاً للخلطة الطريفة بين ما كان في زمن الماضي القريب وما طرأ علي الحاضر. واللعب علي التداخل بين أزمنة وبين جيلين: الآباء والأبناء. أيضاً لفت نظري قدرة المخرج معتز التوني مواليد 1979 في أول عمل له علي إشاعة جو من الحيوية والمرح من دون افتعال. وبعفوية لافتة.. ومن الصعب أن تبدأ في أول المشوار مع الفيلم الروائي الطويل بوجوه جديدة لم يعرفها بعد جيل رواد السينما: أحمد فهمي "مواليد 1980" وهشام ماجد "مواليد 1980" وشيكو "مواليد 1980" ومحمود العزازي "مواليد 1981" ومعهم إيمي سمير غانم ورحمة حسن وانجي وجدان. أقول من الصعب أن تفعل ذلك في أول لقاء مع الجمهور المصري دون حس مغامر وثقة في قدرة التجربة علي المواجهة والتجربة لا شك طازجة فليس من المعتاد أن نعثر علي روح الفريق بهذا التماسك.. وأن يشترك الأبطال الثلاثة الرئيسيون في التأليف والتمثيل ثم ينجحوا في اثارة الضحك وتوفير جرعة مشبعة من الترفيه السريع بلغة أبناء جيلهم وأسلوبهم في التعامل وفي لغة التخاطب. وروح الفكاهة ونوع الدُعابة والجو العام المألوف لدي أقرانهم من نفس الجيل. لاحظت احدي السيدات أثناء الفرجة علي الفيلم أنني أقوم بتدوين بعض الملاحظات. فسألتني ونحن نهم بالخروج هل أعجبك الفيلم. أجبتها بأنه ظريف ويعجب الشباب. فكان تعليقها أنها جاءت لمشاهدته بعدپالاعجاب الشديد الذي أبداه ابنها عن الفيلم. وسألتني عن السبب. فكانت اجابتي أن الفيلم اختار جمهوره ويعرف لمن يتوجه ونحن الكبار خارج هذا الجمهور. إن صناع الفيلم بالفعل يوجهون هذا العمل الترفيهي إلي جيلهم ويعرفون جيداً المزاج الخاص بهذا الجيل والترفيه الذي يمكنهم التجاوب معه.. وهذه التجربة الأولي لمخرجها ليس فيها من الابتكار ولا الابداع إلا مهارات التقليد والمحاكاة. وخلق معادل مصري لأصل أمريكي ناجح فيلم "العودة إلي المستقبل" وتكييف طاقم الممثلين ولذلك المواقف وصبغها باللون المصري. وبالطبع اجادة تصنيع الطبعة المصرية من الأصل الأمريكي حتي تتواءم مع البيئة والمناخ المحليين. وعلي هذا يمكننا القول ان الفيلم نجح في هذه المهمة من دون ادعاء أو تحميل التجربة أي مسئولية خارج متطلبات الترفيه. خفة الأداء ومن أهم هذه المتطلبات خفة الأداء وأشهد بأن الممثلين الثلاثة أحمد فهمي وهشام ماجد وشيكو قدموا أدوارهم بخفة دم. ومهارة كوميدية. وعفوية لافتة وكذلك محمد العزازي الذي لعب دور عبدالحليم حافظ بأداء كوميدي ناجح لأنه حرك شهية المتلقي للضحك وأشير إلي إيمي سمير غانم وأقول انها طاقة كوميدية ظريفة والجميع أحدهم إضافة وطاقة ايجابية في صناعة الترفيه وأضيف للموضوعية أن جميع طاقم الممثلين الجدد ومنها أيضاً رحمة حسن بملامحها الجميلة التي تصلح لكل الأدوار وتجعل منها "نجمة" للمستقبل إذا أحسن توظيفها. وكذلك إنجي وجدان في دور شهيرة شهير في شبابها.. لعب "الكبار" نسبياً أدواراً غذت الفيلم بجرعة مقويات فنية أضافت لهذا العمل الأول لمخرجه قيمة ولتكن التكافل الفني إذا صح التعبير.. حسن حسني في دور والد بهيرة بهير. ودلال عبدالعزيز والدة سمير ومحمود الجندي الذي لعب دور الأب حين صار عجوزاً ثم الممثل الشاب أيضاً شريف رمزي الذي لعب دور "منير الخطير" شاب تزوج الأمهات الثلاثة اللاتي أنجب منهن ثلاثة أبناء في ليلة واحدة غريبة ومليئة بالمغامرات الشقية.. والدور أداه شريف بإقناع وحس كوميدي يمتلئ بالسعادة والعفوية أيضاً. العودة إلي السبعينيات اختار المؤلفون مرحلة السبعينيات من القرن الماضي حين كان عبدالحليم حافظ هو مطرب الجيل ومعبود الجماهير. وحين تسيدت موضة الشارلستون والبنطلونات "الكلوش" والألوان الزاهية وموضة الشعر الرجالي الطويل. في هذه المرحلة وبفعل آلة الزمن يعود جيل الألفية الثالثة إلي زمن آبائهم وأمهاتهم. حيث يلتقي الثلاثة الأبطال شهير وسمير وبهير بأمهاتهم وتحدث المفارقات الطريفة وتقع الأمهات في غرام الأبناء. ويكتشف الأبناء الأكاذيب التي حاكتها الأمهات عن مجدهن وشرفهن ومستوي أسرهن الاجتماعي والمالي وادعائهن الذي لم يتوقف بهدف إيهام أبنائهن بما ليس فيهن.. في هذا الزمن يكتشف الثلاثة أيضاً حقيقة الأستاذ الجامعي الهزلي الذي ملأ رءوسهم بأكاذيب ليس لها أول من آخر.. والأكثر طرافة المواقف التي لعبت فيها الصدفة أدواراً رئيسية.. ومنها المصادفات التي جمعت النساء الثلاثة سميرة وشهيرة وبهيرة بالزوج الوحيد الخطير "منير خطير" الدونجوان المغامر الذي لا يخلو من نصب ولا تنقصه الفهلوة. إن الجو العام الفكاهي الذي تغلب عليه روح الشباب يمكن لجمهور الشباب أن يحب الفيلم ويتعاطف مع نوع الخيال ويتقبل بمنطق الترفيه أي شيء. دقة التنفيذ تقتضي العودة إلي الماضي التوظيف الجيد لعنصر الملابس ودقة تنفيذها خصوصاً أنها مرحلة مازالت حاضرة في ذهن نسبة من جمهور السينما وكذلك تقتضي خلق مناخ تلعب فيه التفاصيل الصغيرة أدواراً كبيرة وقد وفق مصمم الملابس. والاكسسوارات وأيضاً المكياج في خلق الإيحاء بفترة السبعينيات وإن تم ذلك بشكل كاريكاتوري لا يتعارض مع روح الفكاهة وهدف الإضحاك. ومن العناصر اللافتة التوفيق الذي ظهر في اختيار الممثلات اللاتي لعبن أدوار الأمهات في مرحلة الشباب.. وفي اختيار الممثل الذي يلعب دور عبدالحليم حافظ والايحاء بالتشابه بين الأصل والتقليد وهذه مهمة ليست سهلة بمنطق الاستسهال الذي اعتدنا عليه. والفيلم رغم ما يوحي به من خفة تم انجازه بقدر غير قليل من الجدية في اعتماده علي بناء مواقف كوميدية وليس فقط علي الإفيهات اللفظية ومن هذه المواقف اعادة انتاج مشاهد من أفلام قديمة "عنترة بن شداد" وبرامج قديمة "هوانم جاردن سيتي" فالفيلم يتطلب جهداً إخراجياً مضاعفاً في اعتماده علي تصوير "فيلم داخل فيلم" في بعض المشاهد. ويتميز التأليف الذي شارك فيه الممثلون الثلاثة بالذكاء في اختيار الحبكة والشخصيات التي تعتبر نموذجية لفيلم كوميدي. بقول آخر عند اختياره لثلاثة أشقاء من أب واحد وثلاثة أمهات بينهم الكثير من التباين والتنافس ثم تشخيص هذا الطاقم بمهارة واتساق وشحنة إيهام تنجح في تحقيق الغرض منها وبسلوك وملامح تثير الضحك "هناء الشوربجي دلال عبدالعزيز سلوي عثمان". ويسند للأبطال الثلاثة الرئيسيين وظائف تفتح المجال لمواقف تسخر من ظواهر فنية واقعية ملموسة.. وأشير إلي وظيفة الكومبارس مؤدي الأدوار الخطيرة. والمطرب ومؤلف أغان في زمن الطرب صار مهنة من لا مهنة له. وكذلك تأليف الأغاني ثم "تلبيس" عبدالحليم حافظ أغاني سعد الصغير. وتصويره بوشم عمرو دياب الشهير.. ومع خفة الفيلم وخياله فإن المادة الموضوعية التي يمكن استخلاصها لا شك تنتمي إلي جيل صناع الفيلم. ويمكن تصور روح المرحلة وبعض سماتها لو مرت علي هذه التجربة سنوات طويلة.. ومع استعارة الفكرة. والمحاكاة لأصل أمريكي فإنه يعتبر عملاً أصيلاً ينتمي لصناعة من جيل الشباب الذين صاغوا شخصياته ومواقفه وحشوها بالكثير من غذائهم هم الفني والثقافي والسلوكي. ملحوظة: في المقال تواريخ ميلاد أرجو تصحيحها لو كانت خطأ من خلال رسالة SMS أو علي الإيميل