· نعم ضحكنا مع هنيدي في «أمير البحار» ولكننا لم نستمتع. والآن.. وحتي تستمر ثورة التصحيح التي تعيد لمحمد هنيدي مكانته ككوميديان موهوب يحبه الناس وتسعد بمشاهدته وعليه أن يعيد قراءة مشواره كان محمد هنيدي أهم عنوان في السينما المصرية «المعاصرة»!، فقد نجح هذا الفتي المرح في أن يعيد الجمهور إلي صالات العرض، وأن يعيد الحيوية لصناعة السينما المتأزمة في نهاية التسعينيات، وقاد ثورة المضحكين الجدد.. ولكن الثورة لم تستمر!. السينما المصرية الآن تعيش مرحلة بلا عنوان، فقد انتهت رسميا مرحلة المضحكين الجدد بعد أن استمرت عقدا من الزمان «1998 - 2007»، هذه المرحلة كانت الإيرادات فيها صاحبة الكلمة العليا، لذلك احتل فيها محمد هنيدي مكانة الزعيم بعد فيلمي «صعيدي في الجامعة الامريكية» «وهمام في أمستردام»، واستمرت نجومية هنيدي بقوة الدفع في أفلام لم تحقق نفس الإيرادات ، ولم تكن مضحكة بنفس الدرجة.. ولكن هنيدي بما يملك من خفة ظل وتلقائية وموهبة الحضور استمر رغم مزاحمة علاء ولي الدين ومحمد سعد وآخرين لتحقيق محاولات أو أفلام انقلابية خرجت بشكل عشوائي فانطفأت بنفس سرعة اشتعالها، إلي أن وصل الحال في العامين الآخيرين للتساؤل: أين ذهبت الأفلام الكوميدية؟. وكان لابد أن يأتي الرد من زعيم هذه المرحلة، ولم يخيب الظن فقدم فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» الذي اعاده إلي قمة الإيرادات مع أحمد حلمي فتي الإيرادات المدلل في السنوات الثلاث الأخيرة، والذي تمرد علي الشكل التقليدي للضحك بتقديم كوميديا مختلفة. والمهم أن هذا النجاح أعاد التوازن لنجومية هنيدي، وجعله يسترد عافيته التي تراجعت بعد أن أصبح «وش إجرام» و«عندليب».. وبمعني آخر قام هنيدي بثورة تصحيح ليظل نجما باقيا، وكانت أهم ملامح هذا التصحيح في فيلم «رمضان» أنه لم يكن البطل الوحيد، فهناك بطلة تغني وترقص وتحرك الاحداث «سيرين عبد النور» ومجموعة من الأدوار الكوميدية المساعدة، بالاضافة إلي سيناريست لديه قدرة علي الاقتباس وصناعة كوميديا الموقف «يوسف معاطي»، ومخرج يملك حسا كوميديا في توظيف أدواته «وائل احسان». استراح محمد هنيدي لهذا النجاح، وقرر أن يستمر مع نفس فريق العمل «المؤلف والمخرج»، من أجل أن تستمر ثورة النجاح والتصحيح.. وهذه المرة لم ينتظر المحصلة الأخيرة لإيرادات فيلم «أمير البحار» ليقول انه عاد نجم شباك التذاكر الأول، انما استخدم طريقة أخري تستخدمها بعض البنوك الآن وهي أعلي أرباح «أو إيراد» في يوم واحد، فخرج ليعلن انه حقق أعلي إيراد في يوم واحد في تاريخ السينما «كل الايرادات التي تروجها شركات الانتاج مضروبة ولا يمكن أن نتحقق من ذلك!!»، ثم اقام حفلاً ليعلن أنه حقق الملايين العشرة الأولي في مدة قياسية!.. والمهم أن الأمر كله هو إعلان «فرحة» هنيدي بأنه قد عاد زعيم الايرادات!. ولكن المعلومات المؤكدة تشير إلي أن ايرادات فيلم «رمضان مبروك» التي بلغت حوالي 22مليون جنيه سوف تظل هي الأعلي، وإن الفيلم نفسه أفضل فنيا وتحقيقا للحالة المرحة من فيلم «أمير البحار».. ففي هذا الأخير عاد هنيدي لعادته القديمة بأن يصبح هو كل شيء بالفيلم، كما أن القصة ملفقة وينقصها بناء المواقف التي يتولد منها الضحك.. أما الضحكات التي صاحبت عرض الفيلم من الجمهور فكان مصدرها «الافيهات»، وهذه التلقائية التي صاحبت أداء هنيدي والتي كانت مصدر نجاحه أصلا.. وبالنسبة لموضوع الفيلم الذي يدور حول القرصنة البحرية والذي يبدو بالفعل جديدا إلا أنه قدم بمعالجة قديمة للغاية وغير مبتكرة ومتلعثمة، ولجأت إلي مشهد فيلم «تيتانك» الشهير ليصبح هنيدي هو ليونارد دي كابريو، وتصبح شيرين عادل هي كيت وينسلت وهما طائران فوق السفينة، وعندما جف نبع المواقف المضحكة تمت العودة لمدخرات ثلاثي أضواء المسرح «الضيف وجورج وسمير» في الافلام القديمة.. نعم ضحكنا مع هنيدي في «أمير البحار» ولكننا لم نستمتع. والآن.. وحتي تستمر ثورة التصحيح التي تعيد لمحمد هنيدي مكانته ككوميديان موهوب يحبه الناس وتسعد بمشاهدته ، عليه أن يعيد قراءة مشواره : متي نجح وارتفعت إيراداته، ومتي أخفق؟.. لقد انتهت رسميا مرحلة المضحكين الجدد، وعلي هنيدي أن يستمر وحده في أسلوبه الذي يقدم الضحك للضحك، فالناس تحتاج هذا النوع من الأفلام وتقبل عليه، وهذا ما يحتاج إلي جهد واجتهاد خاص، فقد تغيرت طبيعة المرحلة، وأصبحت الافلام أكثر تنوعا واختلافا.