تحقيق الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية وسلبيات تصدير المواد الخام وكيفية علاج القصور في التشريعات الحالية والنهوض بالمهارات الادارية والبشرية في هذا القطاع الهام.. قضايا هامة وغيرها ناقشناها مع د. مصطفي البحر رئيس هيئة الثروة المعدنية الذي أكد أن القانون الجديد الذي ينتظر مناقشته في الدورة الحالية لمجلس الشعب يتلافي السلبيات الموجودة في القانون الحالي ويحقق الاستغلال الأمثل لمواردنا. قال في حواره ل "المساء" إن الفترة المقبلة سوف تشهد اقامة تجمعات تعدينية في الوادي الجديد والصحراء الغربية والصعيد لتعظيم الاستفادة من المعادن الموجودة بها ولإقامة صناعات جديدة تساهم في جذب مزيد من الاستثمارات وتوفير فرص عمل للشباب وخدمة الموانيء الموجودة بالمنطقة. أضاف أنه ستتم الحد من تصدير الخامات في صورتها الأولية والعمل علي تصنيفها وتصديرها كمنتجات حفاظاً علي ثرواتنا في هذا المجال ولضمان تحقيق قيمة مضاعفة أعلي. أشار إلي أنه ستتم اقامة مدينة للذهب وأحجار الزينة في سيناء مما يجعل مصر في المراكز العالمية في هذا المجال وأيضاً استخدام أحدث الطرق في تصنيع أحجار الزينة. أوضح أن هناك اهتماماً أكبر بتنمية المهارات الإدارية والبشرية لضمان نجاح مشروعات الهيئة حيث ان تنمية العنصر البشري لا تقل أهمية عن وجود الخام نفسه. * سألنا مصطفي البحر ماهي الأسباب التي دعت إلي اعداد قانون جديد خاص بالثروة المعدنية من المتوقع أن تتم مناقشته خلال دورة مجلس الشعب الحالية؟ ** القانون الذي ينظم استغلال الثروة المعدنية هو القانون 86 لسنة 1956 وبالتأكيد به بعض النقاط الإيجابية ويحدد العلاقة بين الجهات المرخص لها بالبحث وبين الهيئة واجراءات استغلال الثروة المعدنية ولكنه في نفس الوقت لا يساعد علي النهوض بهذا القطاع الحيوي وادارته بمفهوم اقتصادي بعيداً عن الخسائر التي عاني منها لفترات طويلة خاصة قبل عام 2004 فالقانون الحالي علي سبيل المثال لا يساعد علي قيام كيانات كبيرة تستطيع استغلال ما يوجد لدينا من ثروات مثلما حدث في منجم السكري للذهب الذي تعثر انتاجه في فترة من الفترات ولكن تم مؤخراً حل مشاكله ومن المتوقع أن يرتفع انتاجه إلي 160 ألف أوقية في بداية هذا العام..كما أن الرسوم التي يسددها المستثمر لكي تقوم الهيئة بمنحه حق التنقيب والبحث ضئيلة للغاية وكان من نتيجة ذلك أن ظهرت فئة من الشركات ليس لديها الاستثمارات الكافية أو الخبرات المطلوبة للتعامل مع هذا القطاع الحيوي وعندما يتولون مسئولية البحث في موقع من المواقع لا يتعاملون معه بالحرفية المطلوبة ويقومون بإهدار ما به من ثروات ويستخرجون المكونات ذات الجودة العالية فقط ويهدرون باقي الأصناف التي يمكن أن تستغل بشكل أفضل مما هو حادث الآن. قانون جديد * وماذا عن أهم ملامح القانون الجديد الذي تم اعداده؟ ** مشروع القانون يتلافي العديد من السلبيات الموجودة في القانون القديم ويوفر حلولا ناجحة للمشاكل القائمة وهو بصفة عامة يساعد علي نمو الاستثمار في هذا القطاع بشكل أفضل وبنسب أعلي ويضمن الاستغلال الأمثل للثروة المعدنية ويساعد علي الجهة المسئولة علي تحقيق قيمة مضافة من ثرواتنا المعدنية ويضمن الحفاظ علي المناجم والمحاجر لأطول فترة ممكنة ويمنع الاستغلال الجائر لها الذي حدث في فترات سابقة ونتمني أن يري النور قريباً لأن هذا القطاع من القطاعات الحيوية التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في دفع الاقتصاد القومي إلي الأمام بشرط أن نحسن استغلاله وإدارته بمفهوم اقتصادي أكثر تطوراً. اهدار الثروة * عاني قطاع التعدين لفترات طويلة من الإهمال أدت إلي اهدار جزء كبيرمن الخامات فكيف سيتم النهوض بهذا القطاع؟ ** أتفق معكم في هذه الجزئية حيث كان يوجد في الماضي نوع من الاهدار لكثير من الخامات ولذلك فهدفنا في المرحلة القادمة منع ذلك وعدم تصدير هذه الخامات كخامات أولية ولكن تصديرها بعد التصنيع لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد القومي وتساهم في نفس الوقت في جذب استثمارات مصرية وأجنبية وزيادة فرص تشغيل الشباب ومن أجل تحقيق هذا الهدف فقد قمنا بإعداد خريطة لكل الخامات الموجودة لدينا نحدد فيها حجم هذه الخامات والاحتياطي المتوقع وبدأنا بالذهب ثم الفوسفات والرمال الزجاجية والكوالين والفسبار حيث إن هذه الخامات تدخل في الكثير من الصناعات وتعتبرمكوناً رئيسيا فيها مثل الحراريات والسيراميك.. أيضاً تم الحد من منح التراخيص في هذا المجال للحفاظ علي الاحتياطي منها والهدف من كل هذه الخطوات عدم حدوث استنزاف لهذه الثروات والحفاظ عليها كما يحدث في كل دول العالم فدولة مثل اليابان لا تقترب من ثروتها التعدينية وتعتمد علي الاستيراد لتصبح فيما بعد مصدرا مهما لهذه الثروات خاصة وأن الخامات التعدينية من الممكن أن تستغل في المستقبل في مجالات جديدة تماماً لم يتطرق العالم إليها حتي الآن. استثمارات جديدة * وماهي أكثر المعادن التي يمكن أن نستغلها لإقامة صناعات خاصة بها وضخ استثمارات جديدة؟ ** لدينا العديد منها الذهب وكذلك الفوسفات ورغم أننا لسنا من الدول كثيفة الإنتاج في هذا المعدن إلا أنه يمكن استغلال ما لدينا بشكل أفضل حفاظاً عليه من الإهدار ولدينا خطة لتحقيق أقصي استفادة من هذا الخام بتحديد احتياجاتنا منه حتي عام 2025 وسيتم قريباً اقامة مزايدة لاستغلال الفوسفات مشاركة بين الهيئة بالخام والقطاع الخاص بالاستثمارات وستتم اقامة تجمعات جديدة لهذا الغرض في الصحراء الغربيةوالوادي الجديد وصعيد مصر.. وهناك خام الفسبار الذي يتواجد بكثرة في جنوب مصر والقصير ومرسي علم وهناك اتجاه لإقامة تجمع تعديني للسيراميك والحراريات بهدف اقامة صناعة واعدة في هذا المجال تؤدي إلي خدمة وتنمية موانيء البحر الأحمر وأيضاً تنمية مدن الصعيد وفيما يخص المنجنيز هناك اتجاه للتعاون مع شركة سيناء للمنجنيز بحيث نوفر كهيئة الخام لهم ونحصل مقابل ذلك علي سبائك المنجنيز التي تدخل في العديد من الصناعات. مدينة الذهب * تمتلك مصر ثروة من الذهب الخام كما أعلن أكثر من مرة وكذلك من أحجار الزينة فكيف سيتم الاستغلال الأمثل لها؟ ** هناك توجه نسعي إليه حاليا وهو اقامة مدينة للذهب وأحجار الزينة لنستغل امكانياتنا في هذا المجال ففيما يخص الذهب يوجد لدينا140 منجماً علي مستوي الجمهورية نسعي حالياً لاستغلالها بشكل أمثل حيث طرحنا في عام 2006 المزايدة الأولي للاستغلال وتم فيها الوصول إلي 9 اتفاقيات وفي عام 2009 طرحنا المزايدة الثانية وتم الوصول فيها إلي 3 اتفاقيات ونسعي خلال ال 3 سنوات القادمة لإقامة 10 مصانع للذهب وهو ما سينقل مصرنقلة نوعية ضخمة وسيجعلها بعد اقامة مجمع تعديني للذهب من المراكز العالمية وهو ما سيمثل لنا قيمة اقتصادية كبري فالعائد من الاستثمار في هذا المجال مرتفع جداً رغم التكلفة العالية لعملية الاستخراج والتصنيع.. أيضاً هناك اهتمام كبير بأحجار الزينة من خلال الاعتماد علي التكنولوجيا الحديثة كالليزر في التقطيع والتجهيز وتجري حالياً دراسات اقتصادية من خلال مكتب معتمد لتأكيد الاحتياطي ودرجة الجودة وستكون هناك شراكة بين الهيئة والقطاع الخاص لإقامة عدد من المشروعات المشتركة. التنمية البشرية * وماذا عن تنمية العنصر البشري في هذا المجال حيث ان وجوده لا يقل أهمية عن وجود الخام نفسه؟ ** بكل تأكيد هذا حقيقي ونحن في هذا الإطار نسير في اتجاهين متوازين الأول تحديث المعلومات باستمرار وتطوير مركز المعلومات بالهيئة حتي يكون علي أعلي مستوي ليساعدنا علي سرعة اتخاذ القرار والاعتماد بشكل أساسي علي وسائل التكنولوجيا الحديثة في العمل وفيما يخص تنمية الموارد البشرية فقد تم مؤخراً توقيع اتفاقية مع المركز العربي الافريقي لتنظيم عدد من الدورات التدريبية للقيادات والعاملين لرفع مستوي الأداء والكفاءة الإدارية حتي نضمن إدارة المشروعات بشكل أفضل وهو ما ينعكس بالتأكيد علي النتائج التي تتحقق.. الخريطة العالمية * أخيراً ما هو موقفنا علي خريطة التعدين العالمية؟ ** ما أستطيع أن أقوله في هذا المجال أننا نسير بخطوات جيدة للغاية في عملية التطوير ونعتمد في ذلك علي الدراسة الجيدة للأسواق المحلية والخارجية وتحديد الصناعات التي يمكن أن تقوم علي التعدين والمناجم وأستطيع أن أؤكد أننا إذا نجحنا في ذلك سيجعل قطاع الثروة المعدنية خلال ال 5 سنوات القادمة قطاعاً هاماً للاقتصاد القومي لا يقل بأي حال من الأحوال عن قطاع البترول.. أيضاً هناك اهتمام كبير بالبحث العلمي ولدينا جهاز بحثي علي أعلي مستوي كما أننا دائمو الاتصال بالمراكز البحثية المماثلة في دول العالم مثل أمريكا وانجلترا وجنوب افريقيا لتبادل الخبرات والاستفادة من أحدث التقنيات العالمية في مجال الثروة المعدنية.