بين اللغة والبصر منطقة تماس هي: اقتناص للحظة الإبداع ورؤية مبدع يبحث عن فكرة جديدة وومضة تنير المشهد الإبداعي. إن فكرة تراسل الفنون فكرة ليست جديدة فقد تحدثت عنها مدارس كثيرة منذ القدم. الأديب يرسم بالكلمات والتشكيلي يرسم بالألوان وكلاهما يبحث عن الحلم داخله وقد تقابلا في مدارس اللقد سواء رمزية أو تجريدية أو سريالية أو واقعية .. التجريت ايضا سمة مشتركة من السمات الفنية. يسوقنا هذا التداخل وهذا التراسل إلي مبدأ "الفن حياة" الذي ينطبق علي من جعلوا منه منهجا لحياتهم من خلال تجلي صور الابداع فمنهم من يحب عمله ومنهم من يعشق فكره ومنهم من أحب الحياة فوهبها القيمة لتثمر ولدينا الآن تجربة أولي من نوعها تجربة فنان عالج الثقافة كلمة وصورة إنه د. رضا عبد السلام المبدع العصامي الذي رسم الحياة بأحلامه وخضرها بالأمنيات .. متمردا تارة وصاحب نظرية في التجديد تارة أخري. صدر له ثلاثة كتب "الرسم المصري المعاصر" عن دار الهلال و"الرسوم التحضيرية وعلاقتها بلوحات مصطفي أحمد" عن المجلس الأعلي للثقافة. و"الفنان شوقي زغلول" واتجه علي قرص مدمج قطاع الفنون التشكيلية وقدم العديد من الدراسات حول منير كنعان. زكريا الزيني. محمد الشعراوي. رءوف رأفت. وكذلك حول قضايا الفن التشكيلي والتعليم والبيئة والجمال.. كما شارك وحكم في العديد من المعارض المحلية والدولية ما بين يوغسلافيا وسويسرا والعراق وتركيا واسبانيا وايطاليا والبرازيل وسراييفو والهند والارجنتين والكويت وأذربيجان. وله العديد من المقتنيات لدي أفراد في الوطن العربي وأوروبا وأمريكا وكذلك لوحتان في متحف نيوجراد بصبربيا. ومتحف الفن الحديث بمصر والعديد من الأبنية الحكومية والخاصة. ساهم كرسام صحفي علي مدي ثلاثين عاما في جريدة الأهرام ومجلة المصور من عام 1976 2006 راسما أعمالا ابداعية في تجربة الصورة والكلمة لرموز الابداع العربي: توفيق الحكيم. ونجيب محفوظ. والحسين فوزي وزكي نجيب محمود وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف ادريس وراجي عنايت وصالح مرسي وصلاح عبد الصبور ولويس عوض . للإنسان مكانة خاصة في ابداع رضا عبد السلام خاصة تلك المشاعر غير المقبوض عليها الا فنيا والا تحولت اللوحة لقتامة الحياة وقد اهتم كذلك بالبيئة المحلية الساحلية والشعبية. نجد هذا في ملامح مدينة السويس بمفرداتها: البحر والمراكب والأشرعة .. وكذلك الواحات والقاهرة والأزقة.. يرصد من خلالها واقعنا الحياتي المعاصر نابضا في لوحاته وجدارياته من الموزابيك أو النحت ويأخذنا هذا الجنون الوانه وشغفها لعوالم لم تطرق بعد.. ولعل هذا يبرر ولعه بالخامات غير النمطية وتصغيرها بالمألون لدي باقي الفنانين هذا الولع يجعله يتجرأ علي الاعمال ولا تتجرأ عليه الاعمال.. لذا يتأمل قاريء لوحات رضا عبد السلام اللوحة ويبحث خلف خاماتها تارة أخري ورغم هذا الولع بالجديد والتطوير في الأدوات لم تطغ علي الإبداع ولا الرؤي فهناك تقارب بين عوالمه المرئية واللا مرئية يستطيع ان يجعل المعلوم والمجهول يعملان معا في فضاءات من الفن الخلاق لديه. خبرة سنوات كأستاذ بكلية الفنون الجميلة أو من خلال عمله النقابي كعضو مجلس ادارة أتيليه القاهرة أو رئيسا لمجلس ادارته وسفره لعديد من البلدان كفنان ومحكم.. كل تلك التجارب صاغها في تجربة خلاقة لم يقدم عليها فنان قبله تلك التجربة التي تحطم نرجسية المبدع وتجعله يؤكد نظرية الفن حياة لدي الفنان الحقيقي وليس مجرد موهبة ودراسة وتدريس تلك التجربة الفريدة علي حسب اعتقادي من خلال الدراسة والاحتكاك بالأوساط الثقافية والفنية عندما قرر الفنان المتمرد علي نفسه فنيا أن يكون له دور ايجابي بارز. ويشارك في جميع الندوات الثقافية والأدبية ليثريها بفنه وفكره وقرر هذه المرة التمرد علي المجتمع الذي بات مبتعداً عن الخيال في كل شيء فالناس يأكلون سريعا يشربون سريعا ويسكنون في علب صماء وكأنها جحور للنوم.. مجتمع أصبح الخيال فيه محض صدفة.. ولأن التمرد سمة المبدع والأديب فهذا ما فعله د. رضا عبد السلام عندما قرر تحويل العمارة التي يسكن فيها الي متحف مفتوح للجميع هكذا حول جدران العمارة وأدوارها لمعرض كبير تستطيع ان تطلق عليه "الفن حياة" فهو يعلمك كيف تتعايش اللوحات والأعمال النحتية والخزفية في مودة صادقة.. ترتكن الحوائط في دفء حميمي ينثر علي المكان عبق السعادة والنشوة فتشعر بأن هذا المكان هو أجمل وأخلد من "اللوفر" لأنك تعيشه واقعا كل ساعة. حول الفنان غرفة في مدخل العمارة الي مكتبة فنية ثقافية لسكان العمارة وزائريها.. لم يخف من نزق ساكن أو طفل مارق يشوه هذا الجمال برعونته.. راهن علي الجمال داخل الإنسان المصري الذي عشق الفن وصدره فوق جدران المعابد والمنازل وعلي صفحة التاريخ.. راهن الفنان علي الانسان وكسب الرهان غلب الجمال علي القبح وامتدت أذرع المعرض الجذابة الي حمام السباحة الملحق بالمكان . إنها ثقافة جديدة ينحتها الفنان علي جدار عقل المواطن المصري لتعتاد عيناه الجمال فلا يقبل غيره. فهل يستطيع الفنان والكاتب بهذا المزج بين فن الصورة وفن الكلمة نشر الوعي والثقافة؟! ربما ذات يوم تعمم التجربة لتصبح الثقافة حياة.