وقع "الصغير" ضحية المخدرات التي أدمن تعاطيها في سن مبكرة من عمره.. أهمل بسببها دراسته وهجرها بحثاً عن مصدر للدخل ليوفر نفقات سهراته ومصاريف حياته لكنه فشل أيضاً في عمله ولم يصمد في أي من الورش التي التحق للعمل فيها وبالتالي ضيع سنوات صباه بين تلك الورش دون أن يتعلم مهنة أو يتقن حرفة. مرت به الأيام بين جولاته بحثاً عن عمل أو الهروب من ورشة وبين جلسات المزاج وسهرات التعاطي التي يقضيها بين أقرانه لتدخين المخدرات التي عجز عن توفير نفقاتها ويقوم بخدمة الأصدقاء مقابل الصنف الذي أدمن تعاطيه والسهرات التي يقضيها معهم وعندما شب عوده وتخطي مرحلة الصبا إلي سن الشباب عرض عليه أحد الأصدقاء العمل معه في توصيل المخدرات إلي بعض زبائنه وعملائه من أصحاب المزاج ومدمني الصنف. وافق "الصغير" واتجه مع صديقه في جولات متعددة إلي العمال ببعض الورش بمنطقة الحرفيين وأصحاب المحلات التجارية بأحياء مدينة السلام ليساعد صديقه في ترويج بضاعته بين عملائه والعودة معه إلي التاجر الكبير ليحصل علي نسبة من المكاسب ليقوم باقتسامها مع صديقه. لعبة أعجبته اللعبة وفرح بالمبلغ الصغير الذي حصل عليه وانفقه بين أصدقاء الليل ليؤكد لهم أنه أصبح واحداً منهم وأنه قادر علي توفير مصاريف المزاج كأي منهم وأنه لا يقل عنهم قدرة علي العمل الذي يريده وأنه عرف طريقه وسار فيه ليبدأ حياة جديدة يكون فيها نداً لأي منهم وفي نهاية الليلة اتفق مع صديقه علي اللقاء في اليوم التالي للعمل معاً. تآلف "الصديقان" وتلاقت رغباتهما وتفاهما علي أسلوب العمل معاً ونصيب كل منهما من أرباح عملهما وراحا يقومان بجولاتهما لترويج السموم والعودة في نهاية اليوم إلي التاجر للحصول علي مكاسبهما وحصة جديدة لتوزيعها بالإضافة إلي جزء لمزاجهما الخاص يتعاطيانه مع أصدقاء سهرات المزاج. مرت به الأيام التي تعلم خلالها فنون المهنة وأصول تجارتها وعرف أنواع المخدرات وكيفية التمييز بين الجيد منها والردئ وأسعار كل صنف.. أيضاً عرف مدمني كل صنف والأماكن التي يزيد ترويجه فيها كما تعرف إلي كثير من العملاء وأصحاب المزاج الذي كان يوزع المخدرات عليهم مع صديقه وأيضاً تعرف علي العديد من كبار التجار المسيطرين علي سوق المزاج بمدينة السلام وصغار التجار الذي يتعامل معهم ويحصل علي بضاعته منهم. طموح قرر "الصغير" أن ينفصل عن زميل العمل واكمال مشواره علي درب الشيطان وحده مستغلاً خبرته التي اكتسبها خلال سنوات عمله وعلاقاته المتعددة بالتجار وأصحاب المزاج الذين عرفهم خلال جولاته في عالم الإجرام وأن يحصل علي العمولة لنفسه دون اقتسامها مع شريك وأنه يسعي ليكون أحد كبار التجار وعليه أن يعمل علي تحقيق طموحه والوصول إلي أهدافه. بعد جلسة ودية مع شريكه قرر كل منهما العمل بمفرده وتوافقا علي استمرار الصداقة وراح "الصغير" بالاتفاق مع "التاجر" ليحصل علي كمية من مخدر "البانجو" الذي تخصص في ترويجه ويقوم بالتنقل بين عملائه من أصحاب المزاج يوزع بضاعته بينهم ويحصل علي عمولته من مكاسب تجارته وجولاته ينفق جزء منها علي احتياجاته وسهراته ويدخر جزء أخر للزمن والمستقبل الذي يحلم به. زاد نشاطه واتسعت تجارته وبالتالي زادت مكاسبه وأصبحت له شهرة واسعة في سوق المزاج لقدرته علي اخفاء نشاطه وارضاء عملائه وتوفير احتياجاتهم من اصناف المخدرات خاصة بعد أن طلب كمية من مخدر الحشيش من التاجر الذي يعمل معه لتوفير احتياجات زبائنه الذين تعرف عليهم مؤخراً وراح يتجول بينهم ليروج سمومه لكنه فوجئ برجال مباحث مدينة السلام يلقون القض عليه وبحيازته كمية من المخدرات اعترف في محضر الشرطة بحيازتها بقصد الاتجار وبعرضه علي النيابة أحالته إلي المحكمة التي زجت به خلف القضبان للمرة الأولي. لم تردعه سنوات السجن بل استغلها في التعرف علي كبار التجار المحبوسين وتعلم من خبرتهم الكثير وفور الافراج عنه عاد "الصغير" إلي نشاطه ليعوض ما خسره خلال سنوات خلف القضبان ويستعيد مكانته في سوق المزاج ومع تعدد جولاته تعددت سقطاته وأصبح مسجلاً لدي رجال المباحث كأحد العناصر النشطة في تجارة المخدرات ليتم مراقبة تحركاته ورصد نشاطه بصفة مستمرة بل والقبض عليه في حملاتهم الوقائية لتجار الصنف..ضاق "الصغير" بملاحقة رجال المباحث لنشاطه فقرر تغيير محل اقامته واستأجر حجرة صغيرة بالقرب من مركز تجارته بسوق الحرفيين يمارس حرفته في التنقل بين عملائه وزبائنه لتوزيع بضاعته ظن أنه بعيداً عن الشبهات وأنه نجح في الهروب من أعين أجهزة الأمن وتوجه إلي "تاجر الجملة" لعقد صفقة كبيرة يستعيد بها مكانته في سوق المزاج لكنه لم يدر أن رجال المباحث كانوا له بالمرصاد وانهم يرصدون تحركاته رغم هروبه من محل اقامته ومحاولة اخفاء نشاطه ويتم القبض عليه وبحوزته كمية من نبات "البانجو" المخدر بالإضافة إلي كمية أخري من مخدر الحشيش بعد شهر واحد من الافراج عنه في أخر قضاياه. سقوط تحرر محضر بالواقعة اعترف فيه "الصغير" بجريمته وكشف الفحص الفني عليه أنه سبق ضبطه واتهامه في 3 قضايا اتجار في المخدرات وأنه مفرج عنه منذ شهر فقط وبعرضه أمام اللواء أسامة الصغير مساعد وزير الداخلية لأمن القاهرة أمر بإحالته للنيابة التي قررت حبسه 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيق جددها قاضي المعارضات 15 يوماً تمهيداً لتقديمه للمحاكمة بتهمة حيازة المخدرات والاتجار فيها ليعود "الصغير" إلي زنزانته بعد شهر واحد فقط من خروجه منها وكأنه عشق الحياة بين ظلمات جدرانها وبرودة لياليها.