أكد خبراء اقتصاد أن الاقتصاد المصري في حاجة إلي طرق جديدة ومبتكرة للتمويل بقوة الدفع الذاتي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال أنماط اقتصادية جديدة تتماشي مع المتغيرات التي يشهدها العالم علي كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية. ومنذ أيام انتهت هيئة الرقابة المالية من مشروع قانون لطرح صكوك إسلامية جديدة بهدف جذب استثمارات جديدة في السوق المصرية.. حول هذا المشروع الذي يتماشي مع المتغيرات الحالية علي المستويين السياسي والاقتصادي. يقول الدكتور رفعت العوضي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر ان الصكوك الإسلامية لا تتسبب في تراكم مديونيات تئن منها الدولة نظراً لاعتمادها علي فكرة المشاركة في الربح والخسارة وفقاً لعقد المضاربة أو المرابحة. بدائل آمنة يقول العوضي: إن الأزمة المالية العالمية التي ضربت كبري الكيانات والاقتصادات العالمية خاصة الغربية قبل نحو أربع سنوات دفعتهم للبحث عن بدائل اقتصادية آمنة.. فوجدوا ضالتهم في المرابحة بنظام الصكوك الإسلامية سواء بالمضاربة داخل أسواق المال العالمية أو المساهمة في إنشاء المشاريع الاستثمارية. أضاف أن الصكوك الإسلامية يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في تعبئة المدخرات وسهولة تدفق الأموال من المصريين وغير المصريين في الداخل والخارج بغرض الاستثمارات علاوة علي تطوير الأدوات المالية والعمل علي توسيع قاعدة سوق الأوراق المالية. "الموافقة علي مشروع قانون يتعلق بإصدار صكوك إسلامية في التعاملات الاقتصادية من شأنه إبراز النشاط الاقتصادي في الدولة وإعلاء لروح المرابحة الإسلامية الجادة" هذا ما أكده إسماعيل حسن محافظ البنك المركزي المصري الأسبق. أشار حسن إلي أن إصدار الصكوك الإسلامية سوف يسهم في إتاحة الفرصة لزيادة حجم الأوراق المالية المتداولة في سوق المال المصرية بجانب ضخ أوراق مالية جديدة في البورصة.. موضحاً أن الاقتصاد المصري كان في حاجة ماسة لاتخاذ مثل هذه الخطوة منذ عقود مضت.. ووصفها بطوق إنقاذ جديد وفوري للاقتصاد المصري المتداعي تحت وطأة الصراعات السياسية التي يشهدها المجتمع المصري حالياً. وتوقع أن تشهد البورصة المصرية نشاطاً مكثفاً وتحولاً جذرياً بعد طرح الصكوك نظراً لدخول رءوس أموال جديدة من "المتخوفين والمتشككين" أو فئة كبيرة من المحافظين في وجود شبهة ربوية في أي تعاملات أخري غيرإسلامية. أكد حسن أن حصيلة الصكوك الإسلامية التي تعتزم الحكومة طرحها سوف تنعكس إيجابيا علي نمو المشروعات التي ستقام في إطارها.. وبالتالي سينعكس ذلك علي الاستثمار بشكل عام.. موضحاً أن مشاريع البنية التحتية سوف تحظي بنصيب الأسد في النشاط الاستثماري القائم علي نظام المرابحة بالصكوك الإسلامية مما يترتب عليه حدوث طفرة تنموية مرتقبة في هذا المجال في فترة زمنية محدودة. يشاطره الرأي د. فؤاد شاكر أمين اتحاد المصارف العربية السابق والذي يري أن المشهد الاقتصادي يتأثر بشكل مباشر بالوضع السياسي علي أرض الواقع. ووفقاً لشاكر فإنه علي الرغم من توجهاته الأيديولوجية التي تميل إلي التيار الليبرالي إلا أنه يري أن طرح مشروع الصكوك الإسلامية في الوقت الحالي سوف يلقي رفضاً من بعض الليبراليين وسيتم تأويله علي أنه مسيس لصالح التيار الإسلامي.. وهو الأمر الذي شدد شاكر علي رفضه.. موضحاً أن حالة ما وصفها ب "العناد" السياسي سوف تأتي بنتائج كارثية علي جميع محاولات الإصلاح الاقتصادي الجارية والمتوقعة. بينما يري أحمد رشدي مدير عام البنك الأهلي الأسبق أن الصكوك الإسلامية لا تختلف كثيراً عن السندات البنكية وكذلك أذون الخزانة التي تصدرها الدولة.. وقال: ليس هناك فرق بينهما إلا المسمي فقط فكلاهما يخلف وراءه ديوناً وفوائد معتبراً إجراءات طرح الصكوك الإسلامية "موضة" اختلقها تيار الإسلام السياسي في مصر. يؤكد شاكر أن الصكوك الإسلامية تختلف تماماً عن السندات وأذون الخزانة العامة للدولة بعدة أمور من بينها أن صاحب الصكوك يشارك في العائد الاستثماري الناتج من الاستثمار سواء بالربح أو الخسارة علي عكس السندات التي تتميز بالفائدة الثابتة.. فضلا عن أن الصكوك تمثل ملكية أصول المشروع وبهذا لا تعد دينا علي المؤسسة التي أصدرتها. قال إن خبراء وشيوخ الاقتصاد اجمعوا علي كفاءة وقدرة العمل بنظام الصكوك الإسلامية في انعاش الاقتصادات النامية واقالتها من عثرتها وتنشيط الاستثمار مشيرا إلي أن مصر في حاجة لمثل هذه الالية هذه الالية في الوقت الراهن علي اعتبار أنها تمثل مصدراً ورافداً جديداً للتمويل النقدي فضلاً عن إمكانية الاعتماد عليها كبديل للاقتراض الخارجي والداخلي. آثار إيجابية فيما يخص تأثير طرح الصكوك الإسلامية علي سوق تداول الأوراق المالية أكد شاكر أن تأثيرها قد يكون واضحاً وإيجابياً في السوق الأولي بالبورصة حيث يمكن طرحها للاكتتاب العام أو الخاص مشيراً إلي أن ذلك التأثير سيكون منعدماً خلال التداول في السوق الثانوي "البورصة" وبهذه النتيجة لن يكون لها تأثير مباشر علي مجمل أعمال البورصة.. وفي المقابل ستحقق إنجازاً مشهوداً في عملية جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية في المشروعات الإنتاجية والبنية الأساسية. كانت هيئة الرقابة المالية قد اعلنت عن انتهائها من مشروع صكوك التمويل الاسلامي المتوافقة مع الشريعة الاسلامية مشيرة الي أن مشروع الصكوك يهدف الي اقامة توازن عادل لكل من حقوق المصدر والمكتتب والمتعاملين في أسواق الاوراق المالية. قال د. أشرف الشرقاوي رئيس الهيئة ان المشروع يهدف الي تنويع مصادر التمويل وتلبية طلبات شريحة واسعة من الشركات والاشخاص الاعتبارية التي ترغب في تمويل مشروعاتها عن طريق هذه الصكوك.