بالرغم من مرارة الحادث الارهابي الذي وقع بكنيسة القديسين ليلة رأس السنة إلا انه كان فرصة حقيقية للكشف عن المعدن الأصيل للمواطن المصري والذي يظهر بوضوح في وقت الأزمات فبعد الاعلان عن الحادث وضحاياه في وسائل الاعلام بساعات قليلة تم اطلاق عشرات الحملات علي موقع التعارف الاجتماعي فيس بوك والتي دعت مشتركيها من المسلمين والمسيحيين علي حد سواء بالاسراع إلي الأماكن التي خصصتها وزارة الصحة للتبرع بالدم للمصابين. قد نجحت هذه الحملات في ضم آلاف الأعضاء وكان أبرزها "نداء إلي كل اسكندراني و اتبرع النهارده بدمك" وبعدما نجحت هذه الحملات في توفيركميات وفصائل الدم المطلوبة للمصابين الذين استقرت حالاتهم تم اغلاقها أوتوجيهها لمتابعة مجريات التحقيقات لحين التوصل لمرتكبي الحادث. يقول سامح أحمد مشترك بحملة "نداء إلي كل اسكندراني": أنا من أبناء القاهرة ولقناعتي بأن إنقاذ هؤلاء المصابين مسئوليتنا جميعا وليست مسئولية أبناء الاسكندرية فقط اتفقت مع اثنين من أصدقائي علي أن نضع علي هذه الحملة اعلان بحالة كل مصاب وفصيلة الدم الذي يحتاج إليها كما قمنا بوضع أرقام هواتفنا المحمولة علي نفس الصفحة للتواصل مع المتبرعين وإرشادهم للمستشفيات خاصة انني سافرت مع أصدقائي لزيارة المصابين في مستشيات الاسكندرية في أول يوم بعد وقوع الانفجار ففوجئنا بأن معظمهم يرقد في حالة حرجة وبحاجة ماسة إلي فصائل دم معينة فبادرت إلي أذهاننا هذه الفكرة وبفضل الله تلقينا أكثر من 300 مكالمة من متبرعين في أول ساعتين علي الأرقام الثلاثة وكنا نعتذر لباقي المتصلين لأننا تمكنا من توفير كل كميات الدم المطلوبة في ساعتين فقط. اتفق معه في الرأي د.محمد علي طبيب بالمستشفي الألماني.. أكد أن كل الحالات التي وردت للمستشفي كانت حرجة للغاية وبحاجة لنقل دم ساعدتنا حملات الفيس بوك علي توفير كل الكميات المطلوبة في أول يوم بعد الحادث لدرجة أننا أغلقنا باب التبرع في نفس اليوم وأكثر شيء لفت نظري هو أنني حتي الآن لم أتمكن من التفرقة بين المتبرع المسيحي أوالمسلم إلا إذا كان يرتدي صليبا أو إذا كانت المتبرعة محجبة. الملفت للنظر أن هذه الحملات لم تكتف بالدعوة إلي التبرع فقط بل قامت بتحديد الجهات المنوط بها جمع تبرعات الدم لضحايا الحادث وخصصت جزءاً من مطلقيها كمتطوعين مهمتهم أن يكونوا حلقة وصل بين هذه الجهات والمتبرعين. وعلي نفس هذه الصفحات أعلنت أسرة الأنبا ابرام أنها ستكثف جهودها لخدمة المرضي والتبرع بالدم بالكاتدرائية المرقصية بالعباسية وأعلنت عن تخصيص أتوبيسات لنقل المتبرعين إلي أماكن التبرع. فقام مجموعة من الشباب المسلمين باطلاق حملة "أصدقاء المرضي" التي اتفقت مع أعضائها علي أن يتم تقسيمهم لفرق عمل من المتطوعين هدفهم معاونة الجهاز الاداري والعاملين بالمستشفيات في استقبال أهالي المصابين وتنظيم الزيارات وأن يكون لديهم استعداد للتبرع بالدم في أي وقت إذا ما شهدت أي حالة تدهورا لا قدر الله وأمام بنك الدم في منطقة كوم الدكة بالمدينة الساحلية نظم ناشطون مسلمون حملة تبرع جماعي بعد أن وفر لهم البنك عددا من سيارات التبرع أمام المبني. وحرص بعض هؤلاء المتبرعين علي تدوين انطباعاتهم عن يوم التبرع علي صفحات الفيس بوك ومنهم محمد حسام الذي قال: كان مشهدا إنسانيا راقيا أن يتوافد المسلمون والمسيحيون علي المستشفي الجامعي بالاسكندرية للتربع بدمهم لالتئام جرح بلادهم قبل أن تلتئم جراح المصابين. بينما أشارت شيري مينا إلي انها لن تنسي طوال عمرها المشهد الذي رأت فيه كل سكان المنطقة التي شهدت الانفجار من مسلمين ومسيحيين يهرولون إلي عربات الاسعاف التي ملأت الشارع ليجودوا بدمائهم المصرية الخالصة.