انتقدت السفيرة مني عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية صياغة المادة الخاصة بانتماء مصر الجغرافي في الدستور الجديد.. وقالت: هل يعقل أن يقال إن مصر جزء من الأمة العربية والإسلامية ولا يقال الإفريقية. ويكتفي فقط بقول إن مصر تعتز بانتمائها لأفريقيا وامتدادها الآسيوي؟. أكدت السفيرة مني عمر ان صياغة كهذه من شأنها أن تعرقل تحرك وزارة الخارجية في أفريقيا التي تحاول العودة إليها بقوة خلال المرحلة الحالية. "المساء" التقت مع السفيرة مني عمر التي تحدثت عن رؤيتها لنص الدستور الخاص بوضع مصر عربياً وإسلامياً وأفريقياً.. كما تحدثت عما أثير حول اعتراضها علي تمثيل السفير رفاعة الطهطاوي لوزارة الخارجية في الجمعية التأسيسية للدستور. وغير ذلك من قضايا أفريقيا وأزمة دول حوض النيل. * اعترضت وزارة الخارجية علي مستوي التمثيل في الجمعية التأسيسية للدستور واختيار السفير رفاعة الطهطاوي؟ ** لم أعترض علي اختيار السفير الطهطاوي لأن الكلام تم تفسيره خطأ فأنا لم أعترض علي شخص السفير لأننا جميعاً نعتز به ولكن كان اعتراضي أنه كانت هناك ترشيحات من وزارة الخارجية للمشاركة في الجمعية التأسيسية للدستور ولم يؤخذ بها وهذا كان سبب اعتراضي وليس شخص السفير رفاعة الطهطاوي. بعد ذلك تم الاتصال بالجمعية التأسيسية وأعضائها وعقدت جلسة استماع لنا وذهب عدد من مساعدي وزير الخارجية والتقوا بعدد كبير من أعضاء الجمعية التأسيسية وتكلمنا معهم في عدد كبير من الموضوعات التي رأينا ضرورة أن يتضمنها الدستور ومنها ما ظهر بالفعل في بند الأمن القومي أحد المواد التي يتضمنها الدستور الحالي وتمت الاستجابة لمطلبنا فيها. * وما هي هذه المادة؟ ** تم إنشاء مجلس الأمن القومي * هل هذا يعني أن الخارجية نجحت في ذلك؟ ** نعم. لسنا أفارقة!! * بالنسبة لمادة الدستور التي تنص علي ان الشعب المصري جزء من الأمة العربية والإسلامية وذكر فقط: "تعتز بانتمائها لأفريقيا"؟ ** لم يتجاهلها ولكن قول: "تعتز بانتمائها لأفريقيا وامتدادها الآسيوي" لا يعجبني كصياغة لأننا جزء من القارة الأفريقية جغرافياً وتاريخياً وكل النواحي ومثل هذه الصياغة من شأنها أن تعرقل تحركنا في أفريقيا الذي نؤكد فيه دائماً أننا أفارقة واننا نعتبر أنفسنا أول دولة في هذه القارة لأن أول دولة أنشئت في هذه القارة بمفهوم الدولة كانت الدولة المصرية لذلك لا ينفع أن آتي الآن وأقول اننا لسنا جزءاً من القارة الأفريقية. * ماذا عن السياسة الخارجية المصرية تجاه افريقيا بعد ثورة يناير؟ ** السياسة المصرية تجاه أفريقيا بعد الثورة اكتسبت أبعاداً جديدة من خلال اهتمام مؤسسة الرئاسة بلعب دور علي المسرح الأفريقي وهذا في حد ذاته بدأ يعيد لمصر جزءاً من الدور الذي فقدته من جراء غياب الرئاسة السابقة عن المشاركة في أي فعاليات أفريقية تتم سواء في شكل مؤتمرات أو العزوف عن القيام بزيارات ثنائية للأقران من رؤساء الدول الأفريقية. وهذا كان يمثل لنا قدراً كبيراً من الشلل في التحرك المصري في القارة الأفريقية وبعد تولي الرئيس محمد مرسي كانت من أوائل الزيارات الخارجية له زيارة الدول الأفريقية حيث توجه إلي اثيوبيا وحضر فيها القمة الأفريقية والتقي بعدد كبير من الرؤساء أثناء تواجده هناك بالإضافة إلي مشاركته في احتفالات العيد الخمسين لاستقلال أوغندا وهذا عكس نوعاً من المشاركة من مصر سواء بالنسبة للأفراح والمناسبات الهامة بالنسبة للدول الأفريقية أو فيما يتعلق بالمشاركة في القمة وأفعالها وأعمالها. خاصة ان الكلمة التي ألقاها الرئيس محمد مرسي أكد فيها ان مصر تعتزم العودة بقوة للمسرح الأفريقي. وبالتزامن مع ذلك أخذت مصر عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي وقدمنا أكثر من مبادرة في إطار عضويتنا لهذا المجلس وأخيراً كان لنا موقف بالنسبة لما يحدث في مالي ونحاول صياغة دور جديد تقوم به مصر في إطار مبادرة مصرية لمحاولة استخدام الوسائل السلمية للنزاع القائم في مالي قبل اللجوء لأي تدخل عسكري. * وما هي ملامح الاستراتيجية المصرية تجاه افريقيا؟ ** طبعا هناك استراتيجية شاملة قمنا بإعدادها بوزارة الخارجية والآن معروضة علي الرئيس لدراستها وهي مختصة بعمل الرئاسة ولكن تتضمن جزءاً خاصاً بالدور الذي يمكن أن تقوم به مصر في الأزمات الأفريقية وقضايا السلم والأمن وقضايا التنمية في القارة الأفريقية وجزء خاص بالزيارات التي تكون علي المستوي الرئاسي أو المستوي الوزاري أو مستوي الوزارات الفنية وهي استراتيجية شاملة في كل المجالات. * هل الأوضاع الحالية تؤثر علي الاستثمارات الأفريقية؟ ** لا أستطيع أن أقول انها تؤثر علي الاستثمارات الأفريقية لسبب انه لا توجد استثمارات أفريقية في مصر وإنما يوجد استثمارات مصرية في أفريقيا وبطبيعة الأوضاع فإن الأفارقة عادة ليس لديهم استثمارات في مصر ولكن هذه الأوضاع بالطبع تؤثر علي الاستثمارات بشكل عام التي تأتي من جميع دول العالم وتؤثر أيضا علي السياحة وكذلك علي المشاركين في الدورات التدريبية التي ننظمها حيث يتخوفون من القدوم إلي مصر لأنهم يتصورون أن الأوضاع الأمنية في مصر ليست أفضل الأوضاع وبالتالي يؤثر بالنسبة لنا ويعطي صورة غير مناسبة عن مصر. * وماذا عن منظمة الكوميسا وحجم استفادة مصر من انضمامها لتلك المنظمة؟ ** منظمة الكوميسا هي منظمة دول شرق وجنوب القارة الأفريقية وهي منظمة اقتصادية في المقام الأول ولكن فيها جزء خاص بالسلم والأمن "مجلس السلم والأمن" وهو يتناول بصفة عامة القضايا والمشاكل الخاصة بدول هذه المنطقة. ونحن في اجتماع القمة الأفريقية الأخيرة التي عقدت في أوغندا رأست الوفد الوزاري لمصر في اجتماع وزراء الخارجية بينما رأس وزير الاستثمار وفد مصر في اجتماع القمة نيابة عن الرئيس محمد مرسي في قمة الكوميسا.. وبالطبع انضمامنا إلي منظمة الكوميسا عاد علينا بفوائد جمة وأستطيع أن أقول: إن مصر أعلي دولة من حيث الاستفادة من الصادرات بالنسبة لدول الكوميسا حيث زادت صادراتنا 7 8 مرات بعد انضمامنا للكوميسا إلي جانب المزايا التفضيلية الخاصة بالاعفاءات الجمركية وبالتالي هذا يعطي ميزة تنافسية للسلع المصرية عندما تتواجد في هذه الأسواق. بوابة أفريقيا * تركيا تعتبر مصر بوابتها إلي أفريقيا.. هل يمكن أن تكون مصر منطقة تجارة حرة بين السوق الأوروبية والأفريقية؟ ** طبعاً يمكن أن تكون كذلك ليس فقط لتركيا وإنما لأي دولة من دول العالم راغبة في التوجه نحو دول أفريقيا إذا بدأوا بناء مصانع في مصر ومنها يستطيعون الدخول إلي السوق الأفريقية سيحصلون علي نفس المزايا الجمركية والتنافسية التي نحصل عليها بالنسبة للسلع الخاصة بنا بالإضافة إلي انهم سيتخطون مشكلة النقل لأن مصر هي الأقرب جغرافياً إلي هذه الدول لذلك فإنه سواء بالنسبة لتركيا أو غيرها فإن تواجدهم في مصر مهم ولكن من خلال مصانع وليس تجارة لأن مسألة المجيء بسلع إلي مصر ثم يمررونها إلي دول أفريقيا لن تحقق لهم أي ميزة لكن الميزة تكون بإقامة مصانع وبهذه المنتجات يمكن من خلال مشروعات مشتركة مع مصر توجيهها إلي أفريقيا. حوض النيل * وماذا عن تطورات أزمة حوض النيل؟ ** المفاوضات مازالت مستمرة ولم تنته ونؤكد دائماً أن الأسلوب الوحيد الذي نلجأ إليه هو الحوار ونحن خلال الفترة الماضية ركزنا علي تدعيم وزيادة حجم التعاون مع دول حوض النيل سواء بإقامة مشروعات تنموية في هذه الدول أو بدعم التشاور السياسي والتقارب بين الشعوب حتي من خلال وفود دبلوماسية شعبية أو من خلال نشاط منظمات المجتمع المدني حيث قام السفير مجدي عامر مؤخراً بزيارة مع وفد من منظمات المجتمع المدني وجابت دول حوض النيل وقبلها كان هناك وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية الذي قام بزيارات أيضا إلي أفريقيا.. كذلك من المنتظر أن نستقبل وفد دبلوماسية شعبية أثيوبية لزيارة مصر. * ماذا عن الاستثمارات المصرية في أفريقيا؟ ** لا توجد إحصائية مجمعة للاستثمارات المصرية في أفريقيا وانما نتحدث عن كل دولة علي حدة. ففي دول حوض النيل ومنها اثيوبيا. تقدر الاستثمارات المصرية في أديس أبابا بنحو ما يفوق 2 مليار دولار وهي تتنامي وتتصاعد وهناك مشروعات كثيرة ومستثمرون مصريون يتوجهون إلي هناك ونفس الأمر بالنسبة لأوغندا وكذلك كينيا. فهناك توجه بالفعل من رجال الأعمال المصريين بالذات نحو دول حوض النيل. اتجاه الدولة لأفريقيا * ما المطلوب لزيادة التعاون بين مصر ودول حوض النيل؟ ** مطلوب أولاً زيادة الوعي لدي المواطن المصري بأهمية أفريقيا. بحيث يبدأ التوجه لها من مختلف مؤسسات الدولة في إطار منظومة متكاملة. فلا يمكن أن تكون وزارة الخارجية وحدها هي التي تتوجه نحو أفريقيا وإنما لابد من توجه كل الوزارات والإعلام ومنظمات المجتمع المدني والرئاسة والبرلمان وكل مؤسسات وجهات الدولة في إطار خطة متكاملة تحدد فيها الأولويات وآليات التحرك حتي نستطيع أن نتوجه نحو أفريقيا وتحقيق مصلحة بلدنا. * وماذا عن مشكلة العاملين المؤقتين الذين تظاهروا مؤخراً أمام النادي الدبلوماسي؟ ** نجحنا في إقناع القائمين علي الشئون المالية والإدارية بالوزارة بأن الزملاء العاملين في النادي الدبلوماسي بما لهم من تاريخ في خدمة أعضاء الوزارة أن تكون لهم أولوية بعد ذلك عندما يفتح باب التعيين في الوزارة وهذا هو ما استطعنا فعله لهم لأنهم ليسوا موظفين في وزارة الخارجية بمكافأة أو غيره حتي يتم تثبيتهم وانما هم لهم عقود ومتعاقدون مع النادي الدبلوماسي وبالتالي عملية نقلهم إلي وزارة الخارجية قانونياً غير ممكنة لكن عندما يتقدمون بمجرد فتح باب الوظائف بالوزارة يمكن أن تكون لهم الأولوية. لماذا الانقسام؟ * في النهاية كيف تنظرين إلي الأوضاع الحالية في مصر؟ ** نتمني لمصر السلامة وأن تخرج من هذا الوضع الصعب الذي تمر به بسلام ودون حدوث انقسام بين أبناء الشعب المصري لأننا جميعا في الأول والآخر شعب واحد ومستقبلنا واحد وتاريخنا واحد ولا يصح وجود هذه الانقسامات ومن الضروري أن يكون هناك تفهم وتفاهم بين القائمين علي السلطة لمطالب أبناء الشعب لأن تجاهلها لن يكون مفيداً لأحد وأرجو أن يتم الاستماع ودراسة هذه الطلبات بحيث إذا كانت ممكنة يتم الاستجابة لها وإذا لم تكن ممكنة يتم اقناعهم بأنها غير ممكنة في إطار الاحساس بالبيت الواحد والأسرة الواحدة.. "يا جماعة مصر وحشتنا" فهذه ليست البلد التي تربينا وعشنا فيها.