* "المساء الاسبوعية" التقت بها وأجرت معها حواراً صريحاً وشاملاً في البداية سألناها: ما رأي المستشارة في خطاب الرئيس؟ ** الخطاب لم يأت بجديد ولم يشخص الأزمة تشخيصاً دقيقاً ولم يصنع حالاً بل عودة لمنطقة البداية التي أدت إلي الانقسام والتشرذم والوصول إلي مرحلة الاقتتال مما ينذر بإنهاء الشرعية.. وكانت تتوقع أن يأتي الرئيس بمبادرة جادة للم الشمل ترضي جميع الأطراف بدلاً من التمزق الذي أصاب الوطن . الخروج من المأزق * كيف الخروج من المأزق الحالي؟! ** نحن في لحظة حرجة جداً وخطيرة تنال من سلامة الوطن.. البلاد في مأزق والأمة في خطر ورغم ذلك الظرف العصيب فإن الشعب قادر علي الفرز الجيد للمواقف برجاله وأبنائه ولا أحد يستطيع تضليله رغم كل ما يتم من تزييف للحقائق فنحن نعيش في زمن الضلال والتضليل لان فطرة الشعب فطرة حضارية تتضح في لحظات فارقة في تاريخ مصر يجب التصدي لها لعدم انتهاك الدولة العريقة التي يزيد عمرها علي سبعة الاف سنة ومن يتصور أنه يستطيع فرض إرادته علي شعب مصر فإنه لن يتعلم شيئاً من دروس التاريخ فهي لحظة المكاشفة والمصارحة ووضوح الرؤية والفرز وسيترتب عليه تحديد المسار القادم لمصر ومن هنا تكمن خطورة اللحظة. حصار الدستورية * ما تعليقك علي حصارالمحكمة الدستورية ؟! ** حصار للمحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها من عقد جلستها كان هذا يوماً أسود في تاريخ المحكمة وتاريخ القضاء المصري بأكمله لانه عكس نهاية دولة القانون والتعدي علي استقلال القضاء ولأول مرة يعلن القضاء المصري عن تعليق أعماله بالمحاكم وهي سابقة لم تحدث في تاريخ مصر من قبل.. المحكمة الدستورية عندما قررت ان تعقد جلساتها كانت تتمني تحمل المسئولية أمام الشعب المصري وأمام دولة القانون ولكن حدث ذلك الإرهاب المادي والمعنوي الذي طال استقلالها وقضاتها بالإهانة والتشكيك لدي الرأي العام في محاولة للعصف بها حيث يخطط له من شهور وليس الأحداث الأخيرة فقط فإن المنع المادي للقضاة هو مناخ لا يمكن ان يسمح بإقامة العدالة فأنهم لم يعتادوا ان يحكموا وسيف الإرهاب المعنوي مصلت علي رؤوسهم ومن ذلك كان قرار تعليق أعمال المحكمة لحين تمكين أداء القضاة المصريين من عملهم والقيام بدورهم في مناخ صحيح وهو قرار حاسم . * ما رأيك في القول بان الباب كان مفتوحا وهناك قضاة دخلوا المحكمة بالفعل وان ما قيل عن منع القضاة ما هو إلا إدعاء باطل؟! ** هذا تضليل وغير حقيقي لأن كثيراً من القضاة توجهوا للمحكمة وثلاثة منهم استطاعوا الدخول بصعوبة لأنهم تركوا سياراتهم في فناء مستشفي القوات المسلحة وتوجهوا للمحكمة سيراً علي الاقدام ونتيجة لعدم معرفة الجموع الموجودة بهم استطاعوا الدخول خلسة وهناك ثلاثة قضاة أخرين وصلوا بالقرب من البوابة ولم يستطيعوا الدخول وأنا منهم لذلك فان القول بأن قضاة المحكمة الدستورية هم الذين أمتنعوا عن الدخول كلام غير صحيح خاصة أن بعض المتظاهرين دخلوا المحكمة وأعلنوا اعتصامهم بها والأوضاع في النهاية لا تحتمل هذا التزييف والتضليل الذي يمارسه البعض. * وماذا عن تقليص عدد اعضاء الدستورية في الدستور الجديد؟! ** تقليص عدد الأعضاء في نص بمشروع الدستور هو عزل لثمانية من أعضاء المحكمة وهذا هو التعبير الصحيح والدقيق وهي سابقة لم تحدث من قبل أن توضع نصوص دستورية لعزل أشخاص بعينهم. * ما نظرة القضاة لما يحدث بالدستورية ومكانتها العالمية؟! ** المحكمة الدستورية في مصر مصنفة الثالث علي مستوي العالم من خلال تقييم الأممالمتحدة للقضاة ودي حمايتها للحقوق والحريات العامة وقدرتها علي إحداث متغيرات جوهرية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي وضع متقدم من خلال تقييم محايد فهي جزء من النقاط المضيئة في الدولة المصرية ويحزني ما طالها من الهجوم الممنهج من أجل النيل من مصداقيتها وقضائها الشامخ الذي يشهد له التاريخ من خلال أجيال وأجيال فهي التي حمت وصانت حريات الشعب المصري في ظل الأنظمة الاستبدادية فلم تتقاعس وهذا حق المواطن المصري. المواد الملغومة * ماذا عن المواد الملغومة في مسودة الدستور؟! ** المنهج العام بمسودة الدستور بالكامل فيه غياب للضمانات المرتبطة بالحقوق والحريات بمعني أنه لا يكفي النص علي الحق نفسه حتي نقول عندنا دستوراً نباهي به الأمم لابد النص علي الضمانات واضحة فكثير من الضمانات التي وضعت في الدساتير الحديثة غير موجودة علي الاطلاق.. بالاضافة إلي أن هناك حصاراً للحريات العامة مثل حرية الصحافة والإعلام بشكل واضح ومحدد. وبالنسبة لصلاحيات رئيس الجمهورية فيها توسع في الاختصاصات والصلاحيات دون ضمانات أو ضوابط أو معايير للمحاسبة وهناك أيضا غياب نسبي لقضايا الأمن القومي في مجمل الدستور ففي نص المادة الأولي ينتزع المشرع المصري واجب الشعب المصري تجاه أمته العربية فكان النص يقول إن الشعب المصري يسعي لوحدة شاملة فرفع عنه هذا الالتزام وهذا معناه تقليص لدور مصر تجاه أمتها وقوميتها ويتراجع عن ماهو مستقر منذ دستور ..23 بالاضافة إلي ان هناك قضايا مفصلية تربط بما نسميه بالولاية المرجعية في المجتمع وهي التي تؤسس لدولة فقيه وهي الجزء الخاص بأن المرجعية تكون لهيئة كبار علماء الأزهر علي حساب مرجعية المحكمة الدستورية العليا في تفسير القوانين وهذا تراجع لأن فقه الولاية الحديثة يمنح للسلطات جميعها ولاية في إطارها من خلال تحجيمها في إطار رجال الدين هو اعتماد لمنظور وجود سلطة دينية في المجتمع وهذا خطير جداً. * وماذا عن المادة الثانية التي دائما ما تثير الجدل. والمواد القضائية الأخري؟! ** المشرع عمد التضييق في المادة الثانية من خلال ما سمي بمرجعيات أهل السنة والجماعة في حين أن المشرع المصري كان لديه رحابة فكرية أكبر منذ الثلاثينات تمنحه الأخذ بأي رأي فكري من أي مذهب طالما أنه يحقق المصلحة المرسله من خلال التشريع علي سبيل المثال أن المشروع أخذ الوصية من الفقه الشيعي وهذا دليل الرحابة التي تتسع لكل المذاهب الفقهية وهو أمر يتطابق مع صحيح الشريعة الاسلامية.. بالاضافة إلي نصوص تتعلق بالقضاء خاطئة جدا وأهمها أن تكون الهيئات المستقلة لها دور محدد وليس من خلال ادماجها في اطار ما يسمي بالقضاء الموحد بالاضافة إلي ان المحكمة الدستورية بحكم وضعها المتميز لا يجوز إدراجها في باب السلطة القضائية بل يجب أن تكون في نص مستقل يوضح أنها هيئة مستقلة لان قضاءها له حجية بين سلطات الدولة والكافة فكيف تكون جزءاً من السلطة القضائية.. وهذا لا يجوز بالإضافة إلي ما تم نصه بتحديد العدد فهذا عزل لبعض أعضاء المحكمة ولأول مرة نري مشروعاً دستورياً يعزل قضاة وكان الأمر واضحا جدا في المناقشات التي دارت داخل الجمعية التأسيسية التي توضح أن المسائل بها شخصية. العدالة الاجتماعية * وماذا عن العدالة الاجتماعية في المسودة؟! ** هناك مفاتيح للعدالة الاجتماعية في مسودة الدستور ولكن ليس فيه أي التزامات علي الدولة بشكل واضح ومحدد مما يثير الشكوك داخل المواطن الذي يحتاج إلي طمأنينه للحصول علي حقوقه وعدالة التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية و التي هي من أهم مطالب للشعب في ثورته العظيمة. مصير الاستفتاء * هل تتوقعين إجراء الاستفتاء في موعده المحدد 15 من الشهر الجاري في ظل إنقسام القضاة؟! ** الواقع سيملي إرادته علي الجميع وعلي كل منا أن يصل إلي مرحلة الرشد التي تجعل إختياراته بقدر مسئوليته.. بالنسبة للقضاة ليس هناك إنقسام بمعناه بل هناك أغلبية تقوم بالدفاع عن الدولة القانونية . أعود للمحاماه * إذا تم إجازة الدستور وتطبيق تقليص عدد القضاة أين تذهب تهاني الجبالي؟! ** كنت محامية لمدة 30 سنة ملء السمع والبصر وكنت أول محامية منتخبة بنقابة المحامين لدورتين علي التوالي وابنة القضاء الواقف قبل تشرفي وانتسابي للمحكمة الدستورية والقضاء الجالس فليس هناك مشكلة شخصية بقدر ما الأمر يتعلق بفكرة استقلال القضاء وخطورة ما يتم علي مستوي شخصنة النصوص الدستورية من أجل إقصاء بعض الأشخاص فهذه مبادئ غير عادلة يتم ترسيخها نبض دستوري. * وماذا عن حقوق المرأة في مسودة الدستور؟! ** لم يكن هناك اجتهاد كاف لتأمين حقوق المرأة وصلابتها في الدستور وبالتالي فإن التقييد أكثر من السعة فانتهي الأمر للحفاظ علي نص المساواة فقط . * ما ردك علي الهجمة الشرسة التي تتعرضين لها؟! ** لا أفضل الحديث عنها ولا أتأثر بها رغم أنها كشفت لي حب الشعب المصري لما آراه من برقيات تأييد ودعم معنوي أسمعه عند تواجدي في أي مكان وسأظل أشارك في الشأن العام من أجل مصلحة مصر.