قلوبنا تعتصر ألما ومرارة علي فلذات أكبادنا في حادث أسيوط الذي راح ضحيته 51 طفلا ضحية الإهمال واللامبالاة والفشل التي أصبحنا جميعا نتميز بها.. فما يكاد يمر حادث مفجع نتحسر ونبكي عليه مرارة حتي ننسي.. ثم نفاجأ بحادث آخر أشد منه مرارة وكالعادة نتأثر ونبكي ونشجب وندين ونستنكر ونلقي بالخطب والشعارات وسرعان ما ننسي ولا نتذكر ما مضي إلا بكارثة جديدة وهكذا.. للأسف لم نتعلم ولن نستفيد من أخطائنا طالما انعدمت ضمائرنا وأصبح كل همنا أن ننشغل بأمور غيرنا ناسين أن بلدنا أصبح "خرابة".. فماذا تفيد استقالات زيد أو عبيد في هذه الفاجعة؟.. كنا نتمني أن نشاهد يوما إعدام مسئول أو خفير مزلقان أو محافظ أو وزير في هذه الكوارث حتي نطبق قول الله سبحانه وتعالي "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".. وليكون عبرة وعظة لغيره فوزير النقل ورئيس السكة الحديد تقع عليهما مسئولية تأمين الطرق والمزلقانات علي الأقل إلكترونيا حتي إذا ما تقاعس عامل المزلقان يكون هناك بديل ولو إشارة كهربائية.. لكن هل هذا يحدث في مصر؟.. بالطبع مستحيل طالما أن السيد المحافظ هو الآخر يجلس علي كرسيه ولا يعرف ماذا يدور حوله ومن أي شئ تعاني منه محافظته. تصوروا أن تقرير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أعلن أن مصر تعد من أسوأ 10 دول في حوادث الطرق علي مستوي العالم وأن عدد الضحايا سنويا يفوق 12 ألف قتيل بمعدل قتيل و4 مصابين وحادثتين في الساعة الواحدة وجاء طريق أسيوطالمنيا هو الأعلي في حوادث الطرق وبالرغم من ذلك لم نحرك ساكنا ونحاول تلافي الأخطاء التي تزيد من نسبة تلك الحوادث. إن هذا الحادث المرير أعاد إلي أذهاننا الجريمة العدوانية عندما قتل 30 طفلا في مجزرة مدرسة بحر البقر لكن هناك فرق أن هذه الجريمة ارتكبتها إسرائيل في حق أطفالنا وهي عدوة لنا.. أما حادث أسيوط فنحن قتلنا أطفالنا بأيدينا وليس بيد غيرنا بسبب إهمالنا. نحن في حاجة لثورة جديدة لكن هذه المرة علي أنفسنا نتخلص فيها من السلبيات التي تدمرنا ومن اللامبالاة التي أصبحت شعارنا ومن الفوضي التي قضت علينا ومن الفشل الذي أصبح حليفنا. يا فلذات أكبادنا.. سامحونا أملا في أن يسامحنا الله علي ما ارتكبناه في حقكم.. فدماؤكم في رقابنا ومهما طال الوقت سوف تكون فاجعتكم شبحا يطاردنا في كل مكان.. ولن يمحو الزمن ما تعرضتم له إلا إذا غيرنا من أنفسنا فالله لن يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم. يا أهالي الضحايا وإخواننا في أسيوط.. اصبروا واحتسبوا أبناءكم في جنة الخلد.. "وإنا لله وإنا إليه راجعون".