هل تختفي للأبد وزارة الإعلام فور إنشاء مجلس وطني للإعلام ينظم الأداء ويفعل مواثيق الشرف وأخلاقيات العمل الإعلامي دون ان يتدخل في الرقابة والمحتوي ولا يكون قيدا علي الحريات وهل يستتبع ذلك صدور قانون تداول المعلومات وهل يعمل المجلس الوطني الجديد بمعزل عن هيمنة الحكومة وبعيدا عن الاستقطاب السياسي كما هو الحال في الدول العريقة ديمقراطيا. لاحت بشائر المجلس الوطني للإعلام في تصريحات صلاح عبدالمقصود حين قال عن نفسه "أنه سيكون آخر وزير للإعلام" ثم تكشفت حقيقة هذا المجلس أكثر في كلام وزير العدل المستشار أحمد مكي الذي أعلن موافقة مجلس الوزراء علي تشكيل مجلس وطني للإعلام يتولي صياغة قواعد الأداء الإعلامي ويحدد غرامات مالية للمخالفين بديلا لعقوبة الحبس في جرائم النشر. يتكون المجلس من 30 شخصية إعلامية تمثل شتي ألوان الطيف الفكري تختار الحكومة بعضهم ليمثلوها إلي جانب وزارة الثقافة والجهاز المركزي للمحاسبات. "المساء" استطلعت آراء خبراء وأساتذة الإعلام في مشروع قانون المجلس الوطني للإعلام لاستشراف رؤيتهم قبيل عقد الحكومة جلسات استماع حول هذا القانون مطلع أكتوبر المقبل تمهيدا لطرحه لنقاش مجتمعي ثم تقديمه للرئاسة لإصداره كقانون. يقول أسامة هيكل وزير الإعلام السابق: نحتاج لجهاز وطني مستقل للإعلام بمعني الكلمة يتكون من خبراء في الإعلام لديهم القدرة علي اتخاذ القرار الفني وان يتم تعيينهم عن طريق البرلمان حتي يتمتعوا بالاستقلالية التامة والحيادية والخروج تماما من عباءة الحكومة ورئيس الدولة ولا يكون بديلا لوزارة الإعلام بشكلها القديم. يضيف ان المجلس الجديد يحتاج عمله لقانون يشمل جميع مواثيق الشرف وأخلاق مهنة الإعلام حتي تكون العقوبات محددة بنصوص قانونية يلتزم بها الجميع. أضاف: تحرير الإعلام ضرورة تتطلب إنشاء المجلس الوطني وقد تقدمت بمشروع تشكيل هذا المجلس أثناء عملي كوزير للإعلام علي ان تشكل بداخله لجنة فنية تحدد المخالفات وتراقب العمل في كل وسيلة إعلامية وان تخصص جهة واحدة لمنح تراخيص العمل لجميع القنوات الفضائية بمصر بدلا من الجهات الأربعة الموجودة حاليا. تقول الإعلامية ريهام السهلي: نرحب بأي كيان جديد بشرط ألا يكون بديلا لوزارة الإعلام ولابد للمجلس الجديد ان يكون مستقلا ينتخب أعضاءه من العاملين بالإعلام ذوي الخبرة والكفاءة وان يكون للجهاز دور قوي في حماية الإعلام والإعلاميين لا مجرد استشاري للحكومة. أضافت: لابد ان يمثل الكيان الجديد جميع التيارات الفكرية وان يحتكم لقوانين تطلق الحريات ولا تقيد الإبداع وتعاقب المتجاوزين بعقوبات رادعة سواء في الصحافة أو محطات التلفاز بشتي أنواعها. يري يحيي قلاش السكرتير العام السابق لنقابة الصحفيين: تحرير الإعلام والصحافة يأتي علي رأس مطالب ثورة يناير ونادي به الإعلاميون وشيوخ المهنة وكان الاقتراح تشكيل مجلسين وطنيين احدهما للإعلام والآخر للصحافة بشرط ألا يكون بديلا للمجلس الأعلي للصحافة الذي يتبع لمجلس الشوري ومن ثم يخضع لسيطرة الحكومة. أضاف: لابد للمجلس الوطني للإعلام ان يكون مستقلا يمثل المجتمع المدني والرأي العام ويحرر الصحافة من الاستقطاب السياسي وألا تكون الصحافة سلاحا بيد القوي السياسية أو صدي للأحزاب وألا تكون وسائل الإعلام أداة لقهر الإعلام وألا يتحول لمجلس حكومي يسيطر عليه رئيس الدولة لنجد أنفسنا من جديد أمام ديناصور حكومي آخر. يقول ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامي ان المبادرة المصرية لتطوير الإعلام بوصفها إطارا إعلاميا متخصصا هي التي قدمت نص قانون لإنشاء مجلس لتنظيم البث الإعلامي المرئي والمسموع يضمن حماية مصالح العاملين فيه والحفاظ علي حقوق الجمهور وتحقيق المصلحة العامة في آن واحد ونادينا بإنشاء هذا المجلس المستقل لأنه ضرورة حيوية وهو موجود في معظم دول العالم التي تشهد ممارسة إعلامية رشيدة ومتقدمة وتحترم حرية الرأي والتعبير في الوقت ذاته. يضيف قدمنا فكرة المشروع للحكومة ومجلس الشعب المنحل والجمعية التأسيسية للدستور وهناك اتجاه عام من هذه الجهات بضرورة الإسراع في إنشاء هذا المجلس ويتلخص مشروع المجلس الجديد في تركيز الصلاحيات الخاصة بالإعلام في يد جهاز واحد وإزالة أي عقبات سالبة للحرية وإتاحة الفرصة للمواطنين للشكوي من الأداء الإعلامي وفحص هذه الشكاوي وانزال عقوبات متدرجة بحق المخالفين. يتكون مجلس إدارة الجهاز الجديد من 12 عضوا ورئيسا ويعين رئيس الدولة ثلاثة أعضاء بمن فيهم رئيس المجلس ويعين البرلمان ثلاثة أعضاء من خارج أعضائه ولحين إنشاء نقابة للإعلاميين يقوم كل من المجلس الأعلي للثقافة والمجلس الأعلي للجامعات واتحاد الكتاب بتعيين عضو واحد من كل مجلس ويعين المجلس القومي لحقوق الإنسان عضوين ونقابة الصحفيين عضوا والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عضوا وتكون مدة العضوية ست سنوات. يضيف عبدالعزيز: نحتاج أيضا لمجلس مستقل للصحافة وكيان آخر لإعادة هيكلة وسائل الإعلام المملوكة للدولة عبر إنشاء هيئة قومية تنوب عن المواطنين المصريين في إدارة تلك الوسائل. يقول فهمي نديم "صحفي": المدير التنفيذي للمنظمة القومية الحديثة لحقوق الإنسان: ان التفكير في إلغاء وزارة الإعلام خطوة جيدة أثلجت صدور العاملين في جميع وسائل الإعلام وهي خطوة علي طريق تحرير الإبداع في هذه المجالات كما هو مطبق في دول العالم ولكننا نرفض إقامة مسميات أخري تمارس عليها الحكومة وصايتها وهيمنتها مثل مشروع إنشاء المجلس الوطني للإعلام الذي تدعو الحكومة الاستفتاء عليه. يؤكد ان الإعلام في حاجة لتشكيل مجلس أمناء يتم انتخابه عن طريق شيوخ كل مهنة أو قطاع من قطاعات الإعلام المختلفة ومن خلال النقابات الرسمية والمستقلة التي تشكلت بعد ثورة يناير ويتم إقرار جميع مواثيق شرف العمل المتوازنة بهذه القطاعات وتفعيل وسائل الثواب والعقاب التي تضمن عدم تقييد الحريات والإبداع. تري د.نجوي كامل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ان تشكيل المجلس الوطني للإعلام يحتاج للاستقلالية عن الحكومة وتحدد اختصاصاته بشفافية وحيادية وان يتكون من شخصيات إعلامية متخصصة في جميع القطاعات المختلفة ومتوازنة تمثل الإعلام الديني والسياسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي. تضيف: لابد من فصل المجلس الجديد عن السلطتين التنفيذية والتشريعية بالدولة وان تكون له سلطة وضع القوانين والمواثيق اللازمة وآليات العقاب في حالة الخروج علي هذه المواثيق حتي نضمن قيامه بالدور المنوط به في توفير حرية الإعلام والإبداع والحفاظ علي حرمة الحياة الخاصة للمواطنين والشخصيات العامة وحمايتها من التطاول وممارسات الإعلام الخاطئة. تقول د.ليلي عبدالمجيد عميد كلية إعلام جامعة القاهرة سابقا: لابد ان يكون للمجلس الجديد أيا كانت تسميته تشريع قانوني يعمل علي استقلال الإعلام بميزانية خاصة بعيدا عن الحكومة وسيطرتها عليه ويعمل علي مواكبة المستجدات والمتغيرات الجديدة للإعلام المرئي والمسموع والالكتروني وان يقوم بإرساء السياسات ويتابع أداء المؤسسات الإعلامية ويمنحها التراخيص وتشكل بداخله لجنة تبحث شكاوي المواطنين والضرر الواقع عليهم من ممارسات الإعلام. تضيف: ان المجلس الجديد عليه ان يلزم كل وسائل الإعلام بوضع مدونة للسلوكيات وجزاءات للمحاسبة علي الأخطاء التي يرتكبها الإعلاميون علي ان تكون جزاءات متدرجة ماديا وإداريا تصل للغلق وإلغاء الترخيص في حالة التكرار حتي نضمن حرية وسائل الإعلام والتزامها بمعايير مهنية وأخلاقية دون تقييد للحريات مع مراعاة حرمة الحياة الشخصية للآخرين وعدم ابتزازهم أو التشهير بهم. تقول د.فوزية عبدالستار أستاذ القانون بجامعة القاهرة: إن استقلال الإعلام ضرورة لضمان حرية التعبير والرأي وهو ما يستدعي إنشاء كيان أو مجلس أو جهاز أو هيئة مستقلة للإعلام المصري ولكن ما حدود هذا الاستقلال من حيث علاقة الحكومة به وهل سيكون هناك إشراف حكومي وما هي نسبة هذا الإشراف وكم عدد الأعضاء الذين سيمثلون الحكومة لأن هذه النسبة إذا زادت فسوف تكرس لهيمنة وسيطرة وتبعية الإعلام للحكومة وان استقلال هذا الكيان يستدعي عدم تمثيل الحكومة فيه لعدم تقييد الحريات