اختلفت الأماكن والشخصيات وظلت الوقائع واحدة.. أسباب واهية تؤدى بحياة عشرات الأبرياء على أيدي سلاح أمين الشرطة الميري متخليًا عن شعار "الشرطة في خدمة الشعب" الذي طالما رفعته وزارة الداخلية التي وصفت حالات القتل الأخيرة على أيدي أمناء الشرطة بالحالات الفردية.. ولم يختلف حال مصطفى بائع الشاى بمدينة الرحاب الذي لقي حتفه الأسبوع الماضى عن دربكة السائق بالدرب الأحمر كثيرًا، حيث قادتهم الظروف لمواجهة أمين شرطة في اشتباك أرداه قتيلاً على الفور. "المصريون" رصدت أبرز وقائع الانتهاكات ضد المواطنين واقتربت من أهالي الضحايا واستمعت لآراء محللين نفسيين وخبراء أمن حول طبيعة شخصية أمين الشرطة. بحسب ما ورد في إحصائيات وزارة الداخلية؛ فهناك ما يقرب من 400 ألف أمين شرطة يملكون "السلاح الميري" بواقع عملهم الذي من المفترض أن يحمى المواطنين ويؤمن المنشآت والمؤسسات ويساعد في القبض على المأجورين والبلطجية ولكن خلال عام 2016 فقط وقعت أكثر من واقعة اعتداء وقتل من جانب أمناء الشرطة على المواطنين بداية من الاعتداءات التي شهدتها أروقة المستشفيات آخرها مستشفى "المطرية" واعتداء أمين الشرطة على الأطباء والذي ثار على أثرها نقابتهم وحشدت من أجل محاسبة المتورطين ولكن دون جدوى نهاية بوقائع القتل أخرها المواطن "محمد على" الشهير بدربكة شهيد منطقة الدرب الأحمر والذي قتل نتيجة رغبة أمين الشرطة في عدم دفع "الأجرة" بعد توصيله.. وطلعت شبيب الذي استشهد بعد الاعتداء عليه بقسم شرطة الأقصر نهاية بقتل "مصطفى محمد" شهيد نصبة الشاي والذي طالب منه أمين الشرطة أن يقوم بدفع "الإتاوة" أو دفع ثمن السجائر لتنهى تلك الواقعة بحياته. القلب والرأس.. جدع يا باشا قتلته على الرغم من أنه من الممكن أن يصيب أمين الشرطة أي منطقة من أنحاء الجسم سواء كان يؤمن أو حتى يقوم بالاعتداء إلا أنه لوحظ خلال الاعتداءات الأخيرة التي يشنها "أمناء الشرطة" عن المواطنين أنهم يستهدفون ويصيبون المجني عليه في مناطق قاتلة، "فشهيد الدرب الأحمر" تم قتله برصاصة في الرأس مباشرة عن بعد 3 أمتار فقط من الطبنجة التي استخدمها أمين الشرطة المتهم. كما هو الحال خلال الواقعة الأخيرة الخاصة بشهيد الرحاب "مصطفى محمد مصطفى" والذي أصيب برصاصة في القلب بناء على تقرير الطب الشرعي بعد تشريحه وهو ما أكده تصريح الدفن الذي خرج له وأكد أن موته كان نتيجة إصابته بطلق ناري في القلب. ليطرح ذلك التعامل الذي وصفه علماء وخبراء علم النفس ب"الوحشي" والذي يدفعهم للقيام بقتل المواطنين أو الاعتداء عليهم سواء جسديًا أو لفظيًا مع أي شخص يدخل في جدال أو يرفض أن يقوم بتنفيذ ما يطلب منه من أوامر. لتقول سوسن الفايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن المعايير التي يتم اختيار أمناء الشرطة على أثرها هي معايير خاطئة، فوزارة الداخلية لا تراعى الأبعاد "التعليمية والثقافية والاجتماعية" للشخص الذي يتم إلحاقه للعمل كأمين شرطة، مشيرة إلى أن أمين الشرطة يدخل مجبرًا في مقارنة بين نفسه وبين "الضباط" وهو ما يدفعه بالقيام بما يقوم به الضباط من تأمين واستخدام لصلاحيات ويعطي له حق ذلك. وأضافت الفايد في تصريحات إلى "المصريون" أن أمين الشرطة يحاول أن يثبت وجوده ويسيطر على الأوضاع من خلال الحصول على ما يريد بدون دفع رسوم بل يصل الأمر للحصول على إتاوات من المواطنين وهو ما جسده الفنان خالد صالح في فيلم "هي فوضى" وشخصية "حاتم" التي جسدت شخصية أمين الشرطة بشكل حقيقي. وأشارت أستاذ علم النفس إلى أن المواطنين أصبح ليس لديهم القدرة على التحمل وأصبح هناك حالة من التوتر يعيشها المواطن المصري بعد الأحداث السياسية والوقائع التي تشهدها الدولة في الفترة الأخيرة، مشيرًة إلى أنه يجب على وزارة الداخلية اتخاذ الإجراءات الاحترازية والتدابير من خلال تعيين أمناء شرطة كفء وفقًا لمعايير أخرى، بالإضافة إلى ضرورة سحب السلاح منهم في غير أوقات العمل الرسمية لعدم خروجهم عن المألوف واستخدام السلاح في غير موضعه ومكانه. وزارة الداخلية سابقًا.. حالات فردية حاليًا وعن ردود الداخلية التي اعتدنا عليها والتي تخرج بها بعد كل واقعة وتبرر أن ما يقوم بها "أمناء الشرطة" تعد وقائع فردية على الرغم من تكرارها بشكل ملفت وملحوظ خلال عامين فقط 2015 و2016 وبحسب الإحصائيات، فهناك العشرات من محاولات الاعتداء والقتل من جانب أمناء الشرطة على المواطنين دون وجود تبريرات أو توضيحات من جانب وزارة الداخلية تؤكد أن المسؤولية أو الخطأ يقع على عاتق المجني عليه أو المعتدى عليه إلا أن الإثباتات التي تخرج غالبًا ما تدين "أمين الشرطة"، وعلى الرغم من ذلك إلا أن وزارة الداخلية تقدم الجناة للتحقيق ولكن دون جدوى أو محاكمة تشفى غليل أهل القتيل وهو ما حدث في واقعة "دربكة" بعد إلقاء القبض على الجاني وتقديمه للمحاكمة ولكن يتم المماطلة في الأحكام القضائية، حتى يتم نسيان الواقعة ويخرج أمين الشرطة وكأن شيئًا لم يكن. وفي أول رد فعل من المسئولين خرجت به وزارة الداخلية على واقعة اعتداء أمين شرطة على بائع شاي بمدنية الرحاب، قال مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام اللواء أبو بكر عبدالكريم، إنه يتم حاليًا سحب السلاح من الأمناء والأفراد، الذين لا تستدعي حالتهم حمل السلاح، بالإضافة إلى سحبه بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية. وأضاف عبدالكريم في بيان رسمي للداخلية، أن الجميع في الوزارة صدموا من التصرفات التي ترتكب من بعض رجال الشرطة وتسيء للوزارة، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى جاهدة لتنقية نفسها بنفسها، من خلال متابعات مستمرة لأداء رجال الشرطة ومن يثبت عدم التزامه يتم نقله إلى جهات لا تتعامل مع الجمهور، إلى جانب تطبيق الجزاءات الإدارية الشديدة. "المعارضة" تطالب بالتطهير "عليكم تطهير أنفسهم" استهلت القوى الثورية المعارضة بمطالبتها بضرورة أن يتم تطهير وزارة الداخلية وإعادة هيكلتها مرة أخرى خاصة بعد الوقائع التي تحدث ليست في قتل المواطنين فقط بل الانتهاكات التي تشهدها السجون والتظاهرات من خلال القمع والاستبداد المستمر، وهو ما أكده رامى شعث، القيادي بجبهة طريق الثورة "ثوار" أن واقعة الاعتداء وقتل المواطنين تعد استمرارًا للفساد الذي يقع فيه النظام وعدم تطبيق العدالة وغيابها والذي يعد كارثة تهدد استمرار النظام والذي يسعى لتدمير هذا الوطن، مؤكدًا أن فئة أمناء الشرطة يتم تعيينهم بناء على الواسطة والفساد ويشيعون في الأرض فسادًا دون حساب. وأضاف شعث في تصريحات إلى "المصريون"، أنه يجب أن يتم تطهير وزارة الداخلية بالكامل وتتم محاسبة جميع المخطئين في حق الشعب وإلا سنكون في دائرة مغلقة وتستمر هذه الانتهاكات والاعتداءات على المواطنين الأبرياء دون رقيب أو حسيب لذلك. وأكد شريف الروبي، القيادي بحركة شباب 6 أبريل "الجبهة الديمقراطية"، أن اعتداءات الشرطة تعد استمرارًا لمسلسل تعامل الداخلية مع المواطنين وليست الواقعة الأولى ولن تكون الأخيرة، مشيرًا إلى أن الوقائع السابقة والانتهاكات المستمرة من أمناء الشرطة مسلسل انتهاك واضح لم يتعامل معه النظام بشكل قوى لردعه. وأضاف الروبي في تصريحات إلى "المصريون" أننا أصبحنا لا ننتظر تطبيق العدالة أو انتظار أن تقوم وزارة الداخلية بمحاسبة مَن قام بتلك الواقعة أو ما سبقها، مؤكدًا أنه بعد مرور 5 سنوات على ثورة ال 25 من يناير وعلى مدار تلك الفترة لم يحاسب شخص واحد من أفراد وأمناء الشرطة بل تتم مكافأتهم وتكريمهم في النهاية.