"إللي مالوش خير في حاتم مالوش خير في مصر"، كان هذا هو الشعار أمين الشرطة الفاسد "حاتم" في فيلم "هي فوضى"، الذي جسد دوره الممثل الراحل خالد صالح، ومن هذه الشخصية الفاسدة استنتج المصريون أنه "ما فيش حاتم بيتحاكم"، خاصة مع تزايد جرائم القتل المتورط فيها المنتسبون إلى الجهاز الأمني. وحذر خبراء من أن تكرار الانتهاكات من قبل الشرطة يشكل تهديدًا صريحًا على بقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي في السلطة مع تنامي الغضب الشعبي ضد وزارة الداخلية وتحميل النظام الحالي مسئولية ما ترتكبه من انتهاكات جسيمة في حق الشعب المصري. وجاء مقتل مواطن اليوم بالإضافة إلى إصابة اثنين آخرين، في مشاجرة مع أمين شرطة تابع لقسم شرطة الرحاب ليزيد وتيرة الغضب بين مواطني الرحاب والذين رددوا على الفور الهتاف المعهودة "الشعب يريد إسقاط النظام". المشاجرة حدثت بسبب حساب على مشروبات بقيمة 25جنيهًا، وهو ما دفع أمين الشرطة وبعض زملائه للتدخل بينهم لفض المشاجرة بينهم، وعندما عجز عن ذلك قام بإخراج سلاحه الميرى وأطلق الرصاص عليهم جميعًا وتسبب تصرف أمين الشرطة في حالة من الغضب بين الأهالي، الذين قاموا بتحطيم سيارة الشرطة، وهرب أمين الشرطة الذي قام بإطلاق الرصاص وألقى الأهالي القبض على زملائه. لم تكن هذه الواقعة هي الأولى من نوعها التي أحرج فيها جهاز الشرطة الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظام الحكم الحالي، فمع تعرض النظام لانتقادات واسعة بسبب تراجع حقوق الإنسان في مصر وأزمة مقتل الشاب الإيطالي روجينى، تأتي التصرفات غير المسئولة من بعض رجال الداخلية لتضع نظام السيسي في ورطة كبيرة. ومن أكبر الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة 25 يناير واندلاع شرارتها، الانتهاكات الجسيمة لوزارة الداخلية، فقد جاء مقتل الشاب السكندري خالد سعيد على يد الشرطة في أعقاب ثورة يناير ليكون دافعًا كبيرًا لتفجير الثورة، وإسقاط نظام الرئيس محمد حسني مبارك وبعد 5سنوات على الثورة تعود الداخلية لسابق عهدها الأمر الذي حذر منه مراقبون، معتبرين أنها ستكون القشة التي ستقصم ظهر النظام الحالي إذا لم يتم تدارك ومعالجة هذا الأمر. وارتكبت الشرطة أكثر من 20 جريمة تعددت ما بين القتل والسحل، وقع أبرزها قبل شهور عندما قتل سائق بمنطقة الدرب الأحمر، على يد أمين شرطة من قوة النقل والمواصلات، بسبب الخلاف على قيمة الأجرة، وبدأ الخلاف بين الجانبين باعتراض السائق "محمد عادل إسماعيل" الشهير ب"عادل دربكة"، على قيمة الأجرة المتفق عليها مع أمين الشرطة ليخرج أمين الشرطة سلاحه وينهى حياة هذا الشاب بكل سهولة ليبقى أهله في عذاب مستمر لرحيل نجلهم وفي انتظار العدالة. ومن أشهر الوقائع أيضًا التي تسببت في أزمة كبيرة مع نقابة الأطباء، الاعتداء على أطباء بمستشفى المطرية وسحلهم من قبل بعض أمناء الشرطة واقتيادهم إلى قسم المطرية لتعذيبهم. وبدأت الواقعة بحضور مواطن يرتدى ملابس مدنية مصابًا بجرح في وجهه، وطلب من أحد الأطباء المقيمين بقسم الجراحة، أن يُثبت إصابات غير حقيقية، بالإضافة إلى الإصابة الموجودة به فعليًا، وعندما رفض الطبيب أفصح المريض عن شخصيته بأنه أمين شرطة، وأن عليه أن يكتب التقرير الذي يرغب فيه أمين الشرطة أو أن يلفق له قضية. وأوضحت نقابة الأطباء وقتذاك أن الطبيب رفض كتابة تقرير مزور، ما دفع أمين الشرطة إلى الاعتداء على الطبيب بمساعدة أحد زملائه، واعتديا أيضًا على النائب الإداري ثم اقتادوهما لقسم شرطة المطرية. لكن المأمور أعادهما إلى المستشفى مرة أخرى وعلى إثر ذلك احتشد الآلاف من الأطباء أما نقابتهم بقصر العيني في مشهد هو الأول من نوعه منذ 30 يونيو، معبرين عن غضبهم ومطالبين بمحاكمة عاجلة لمن تسبب في تعذيب أطباء المطرية. كما قتل المحامي كريم حمدي في العام الماضي داخل قسم المطرية، وكانت آخر الحوادث اليوم حيث قتل اثنين برصاص أمين شرطة رفض دفع حساب المشروبات لبائع شاي بمدينة الرحاب. وقال العميد محمود السيد قطري، الخبير الأمني والاستراتيجي، إن "جرائم أمناء الشرطة تمثل خطرًا حقيقيًا على النظام الحالي"، محذرًا الرئيس عبدالفتاح السيسي من أن "فشله سيكون على يد وزارة الداخلية". وأضاف قطري ل"المصريون" أن "ما حدث من أمين الشرطة اليوم في مدينة الرحاب وقتله لاثنين، ليس مجرد عمل فرديًا كما يدعي البعض، وإنما يمثل انعكاسًا لعيوب جسيمة في وزارة الداخلية، لم يتصد لها أحد". وأوضح قطري أن "إلغاء المحاكمات العسكرية لأمناء الشرطة، أدى إلى تزايد جرائمهم، فمن آمن العقوبة أساء الأدب"، مشيرًا إلى أن "إلغاء هذه المحاكمة يعد خطأ جسيمًا من الوزارة وقيادتها ويظهر حجم الانهيار الذي تعاني منه الداخلية؛ فلابد من معالجة هذا الأمر وإعادة تطبيق المحاكمات العسكرية باعتبار أن نظام الداخلية شبه عسكري".