استمرارا لتداعيات فضيحة "وثائق بنما" المسربة, كشفت صحيفة "سويد دويتش تسيتونغ" الألمانية, أن اسم الأمين العام السابق للاتحاد الأوروبي الرئيس الحالي للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا", جياني إنفانتينو, ورد ضمن هذه الفضيحة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 6 إبريل, أن الفضيحة هذه المرة تتعلق بحقوق بث نهائيات دوري أبطال أوروبا بين 2006 و2009 في أمريكا الجنوبية. وتابعت " اسم إنفانتينو ورد في العقود الموقعة بين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا), وشركتي كروس تريدينغ وتيلي أمازوناس، وهما من الشركات التي حصلت على حقوق بث نهائيات دوري أبطال أوروبا في أمريكا الجنوبية". واستطردت "وثائق بنما كشفت أن إنفانتينو وقع في 2006 و2007 عقدا مع اثنين من رجال الأعمال المتهمين بالحصول على رشاوى، وهما مالكا شركة (كروس تريدينغ) الأرجنتينيان هوغو جينكيز ونجله ماريانو, اللذان حصلا على حقوق البث التليفزيوني لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم، ثم باعاها على الفور بحوالي ثلاثة أضعاف السعر". وأشارت الصحيفة إلى أن إنفانتينو نفى في بيان له ارتكاب أي مخالفة للقوانين في هذا العقد. وكان إنفانتينو، الذي انتخب رئيسا للفيفا خلفا لمواطنه جوزيف بلاتر في 26 فبراير الماضي، مسئولا في حينها عن القسم القانوني في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. ونقلت "الجزيرة" عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" قوله في 6 إبريل, إن الشرطة السويسرية فتشت مقره في نيون, بعد أن كشفت "وثائق بنما" فضيحة حقوق النقل التليفزيوني لدوري أبطال أوروبا في أمريكا الجنوبية. وجاء في بيان ليويفا "أن الشرطة الاتحادية السويسرية زارت مكاتبه بموجب أمر قضائي". وتابع "طلبت الشرطة الإطلاع على العقود بين يويفا وشركة كروس تريدينغ وأيضا شركة تيلي أمازوناس". وتتواصل المفاجآت, حيث كشف موقع "ويكيليكس" في 6 إبريل عبر حسابه على موقع "تويتر", أن تسريب وثائق بنما جاء بتمويل مباشر من الحكومة الأمريكية والملياردير اليهودي جورج سوروس. وأضاف الموقع أن تسريب هذه الوثائق يستهدف روسيا, وتحديدا رئيسها فلاديمير بوتين. وتابع " المشروع الأمريكي لرصد الجريمة المنظمة والفساد, الذي تموله وكالة التنمية الدولية الأمريكية (يوسايد) , يقف وراء هجوم (وثائق بنما) على بوتين بالتعاون مع الملياردير اليهودي الأمريكي جورج سوروس". وفي تغريدة أخرى، استطرد "ويكيليكس", قائلا: "ربما يقوم المشروع الأمريكي لرصد الجريمة المنظمة والفساد بعمل جيد، لكن حصوله على تمويل مباشر من الحكومة الأمريكية لشن الهجوم على بوتين، يثير شكوكا حول نزاهته". وكان الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين, الذي يضم أكثر من من مائة صحيفة, ومقره واشنطن, كشف في 3 إبريل عن مفاجأة مدوية هزت العالم بأكمله, بنشر ما قال إنه تحقيق واسع في تعاملات مالية خارجية لعدد من الأثرياء والمشاهير والشخصيات النافذة حول العالم، استنادا إلى 11.5 مليون وثيقة زوده بها مصدر مجهول. ونقلت "رويترز" عن الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين, قوله في بيان له, إن الوثائق التي سُرِّبت من شركة "موساك فونسيكا" للمحاماة -ومقرها بنما- احتوت على بيانات مالية لأكثر من 214 ألف شركة فيما وراء البحار، في أكثر من مائتي دولة ومنطقة حول العالم. وأظهرت تلك الوثائق تورط عدد كبير من الشخصيات العالمية -بينها 12 رئيس دولة، و143 سياسيا- بأعمال غير قانونية مثل التهرب الضريبي، وتبييض أموال عبر شركات عابرة للحدود. وعقب نشر الوثائق, التي عرفت بفضيحة "وثائق بنما", أعلنت أستراليا والنمسا والبرازيل وفرنسا والسويد أنها بدأت التحقيق في مزاعم تستند إلى أكثر من 11.5 مليون وثيقة من شركة "موساك فونسيكا", وهي متخصصة في تأسيس شركات المعاملات الخارجية "أوفشور". وفي إطار التداعيات أيضا, اضطر رئيس الوزراء الآيسلندي سيغموندور ديفد جونلوغسون إلى الاستقالة. وقال سيغوردور إنجي يوهانسون نائب رئيس الحزب التقدمي الحاكم في البلاد، إن رئيس الوزراء سيغموندور غونلوغسون -الذي ينتمي للحزب- سيستقيل بعد أن أظهرت التسريبات امتلاك زوجته شركة خارج البلاد على علاقة ببنوك منهارة في آيسلندا. وأوضح سيغوردور أن الحزب سيقترح على شركائه في الائتلاف الحاكم أن يصبح هو رئيس الوزراء الجديد. وكان غونلوغسون قد رفض في وقت سابق الاستقالة رغم نزول آلاف الأشخاص إلى الشارع مساء الاثنين 4 إبريل في ريكيافيك للمطالبة بها، وسلمت المعارضة مذكرة لحجب الثقة عنه. ومن جانبه، نفى رئيس الوزراء البريطاني دييفد كاميرون أن يكون له أي صندوق شخصي. وفي مواجهة دعوات حزب العمال المعارض لإجراء تحقيق مع جميع المتورطين في التسريبات -ومن بينهم عائلة كاميرون- قال رئيس الوزراء إن ثروته تتألف من راتبه وبعض المدخرات ومنزل. وحسب "الجزيرة", كشفت التسريبات أن والد كاميرون الراحل كان يدير صندوقا تجنب دفع الضرائب في بريطانيا على مدى ثلاثين عاما، من خلال اتخاذ جزر البهاماس مقرا له. وفي باكستان، ألقى رئيس الوزراء نواز شريف خطابا عبر التليفزيون للدفاع عن ممارسات تجارية تخص عائلته، ونفى ارتكاب أي مخالفة، ووصف مزاعم الفساد بأنها "اتهامات قديمة يتم تكرارها بين الحين والآخر". وشكل شريف لجنة للتحقيق في مزاعم بأن شركات خارج البلاد يرأسها أفراد من عائلته تتهرب من سداد الضرائب أو تخفي ممتلكاتها وأصولها. ولم تصدر الصين رد فعل رسميا على المزاعم بأن ثمانية من الأعضاء السابقين في الحزب الحاكم وأقارب للرئيس الصيني أخفوا ثرواتهم في ملاذات ضريبية. وردا على سؤال حول ما إذا كانت الصين ستحقق مع الذين وردت أسماؤهم في التسريبات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية هونغ لي :"ليس لدي تعليق على مثل هذه المزاعم التي لا أساس لها". وفرضت الصين قيودا على تغطية التسريبات، وندد إعلامها الرسمي بالتغطية الغربية للتسريبات، واصفا إياها بأنها منحازة ضد الزعماء الذين لا ينتمون للغرب. كما أشارت روسيا إلى "مؤامرة أمريكية" بعد أن تحدثت التسريبات عن تورط صديق مقرب من الرئيس فلاديمير بوتين بإدارة إمبراطورية شركات "أفشور" تزيد قيمتها على ملياري دولار. وبينما أعلنت دول -من بينها فرنسا وإسبانيا والنمسا وهولندا وأستراليا ونيوزيلندا وأوكرانيا- فتح تحقيقات في التسريبات، كشفت النيابة العامة في بنما عن فتح تحقيق يهدف إلى توضيح ما إذا كانت الوقائع التي جاءت في التسريبات تنطوي على مخالفات قانونية، وتحديد مرتكبي هذه المخالفات، واستكشاف أي أضرار مالية محتملة لها. ودافعت شركة "موساك فونسيكا" عن نفسها، وقالت إن التقارير التي تتحدث عن عمليات تهرب ضريبي وتبييض أموال اعتمدت على مزاعم "غير دقيقة"، وكذلك على افتراضات وأحكام مسبقة، كما لعبت على وتر عدم اعتياد الناس على نشاط شركات مثلها. وحصلت صحيفة "سوددويتشه تسايتونغ" الألمانية على الغالبية العظمى من الوثائق التي سربها مصدر مجهول من شركة "موساك فونسيكا"، وتقاسمها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين مع أكثر من مائة وسيلة إعلامية، ونشرت أولى نتائجها في 3 إبريل, بعد تحقيق استمر عاما. ورغم أن التعاملات المالية من خلال شركات ما وراء البحار لا تعتبر غير قانونية بحد ذاتها، فإنه يمكن استغلالها لإخفاء أصول عن هيئات الضرائب، وتبييض أموال يمكن أن يكون مصدرها نشاطات إجرامية، أو إخفاء ثروة تم الحصول عليها بشكل غير قانوني سياسيا. ومن جانبه, أعرب مدير الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين جيرار رايليه عن اعتقاده بأن التسريب ربما يمثل "أكبر لطمة تلقتها المؤسسات العابرة للحدود في العالم، نظرا للنطاق الواسع للوثائق" المسربة. وبدورها, ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن الوثائق تضمنت تفاصيل لأسهم وسندات يملكها قادة دوليون حاليون وسابقون، ورجال أعمال، ومجرمون، ومشاهير ونجوم رياضيون.