ذهبوا إلى مكتبه فى جوف الليل، واطمئنوا أن الملفات التى أذيعت أرقمها مازالت قابعة مكانها ووضعوا أيديهم عليها وسيظل سرها محبوسا بين الأدراج للأبد، والرجل الذى تخلصوا منه وعزلوه الساعة الثانية ليلا لن يتحدث مرة أخرى عن الفساد وأرقامه وشخوصه، ولن نسمع تصريحا واحدا يتحدث عن كشف الفساد ومحاكمة الفاسدين، ورأينا الشخص القابع فى مكتبه بأهم جهاز رقابى يغتالونه أدبيا ومعنويا فى الصحف والفضائيات قبل عزله .. كان هذا مكرهم وكانت تلك حيلهم، ستروا أنفسهم فى بلادهم لكن مشيئة الله أن تكون فضيحتهم فى كل دول العالم، وما ستروه ليلا كشفه الله عليهم فى رابعة النهار، أهل الفساد باتت أسمائهم يعلمها القاصى والدانى، المحلى والأجنبى، الصغير والكبير، أهل الفساد اليوم لا ساتر لهم يحميهم من الفضيحة والملاحقة القانونية لدولية . ويبدو ان المستشار هشام جنينة فيه شيئ لله لم يمضى أسبوعا على عزله حتى خرجت علينا "وثائق بنما" هذا التسريب " هو أكبر ضربة للفساد، نظرا لحجم الوثائق المسربة، وأكبر عملية تسريب فى تاريخ الصحافة العالمية، وثائق بنما تضم معلومات عن أكثر من 214 ألف جهة من مؤسسات وشركات عالمية، فى أكثر من 200 دولة حول العالم، وكشفت أسماء 140 شخصية سياسية، وشخصيات عامة، ومشاهير، متورطين فى عمليات "إخفاء ثروات"، وتهرب ضريبى بطرق غير مشروعة أدت لتضخم ثرواتهم. يا سبحان الله 11 مليون وثيقة من شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية التى تتخذ من بنما مقرا لها وتُعتبر إحدى أكثر الشركات التى تحيط أعمالها بالسرية طيلة 40 عاما تنكشف وتجيب التسريبات كيف ساعدت الشركة العملاء على غسيل الأموال، وتفادي العقوبات، والتهرب من الضرائب؟ اعلموا أن 72 شخصية من رؤساء الدول الحاليين والسابقين، بينهم حكام مستبدون متهمون بنهب أموال بلادهم حسب الوثائق التى تغطى الأعمال اليومية فى شركة موساك فونسيكا خلال الأربعين عاما الماضية، هذه التسريب هى أكبر لطمة يتلقاها عالم الأنشطة فى الخارج بسبب حجم الوثائق . وما يخصنا فى هذا الأمر أن بيانات شركات سرية فى الخارج مرتبطة بعائلات ومقربين من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والزعيم الليبى الراحل معمر القذافى، والرئيس السورى بشار الأسد.. فهل سيخاطب رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال لجنة استرداد الأموال المهربة للخارج والتى تم تشكيلها منذ شهر يونية الماضى، للوقوف على آخر ما توصلت إليه فى هذا الشأن، وإحاطتها علما بما أعلنته وثائق "بنما" مؤخرًا بشأن عائلة مبارك، واستمرار أنشطة شركاته رغم قرار تجميد أموال "آل مبارك".؟ فمن ضمن نشاط هذه اللجنة أنها مكلفة بإعداد تقرير للبرلمان كل 3 شهور وهو ما لم يحدث حتى الآن. وهل تعيد هذه الوثائق التحقيقات مع مبارك وأسرته، والأهم باطنته المعاونه له فى قضايا الفساد، ونهب ثروات مصر، على ضوء وثائق بنما، التى ظهرت حول فساد الكبار فى مختلف دول العالم. وما كشفته "وثائق بنما" المُسَرَّبَة من امتلاك علاء مبارك النجل الأكبر للرئيس السابق مبارك لشركة "بان وورلد" للإستثمارات التابعة لشركة "بريتيش فيرجين أيلاند" العملاقة والتى تدير أعمالها عبر شركة الخدمات المالية "كريدى سويس.. وسلطت الوثائق المسربة الضوء على مطالبة شركة "بريتيش فيرجين أيلاند" الوكيلة لشركة "بان وورلد" لمالكها "علاء مبارك"، شركة "موساك فونسيكا" بتجميد كافة أصول وحسابات ومعاملات شركة علاء مبارك فى عام 2011 بعد الإطاحة بالرئيس مبارك"، وذلك بموجب قرار أصدره الاتحاد الأوروبى بتجميد حسابات وأصول عائلة "مبارك" خارج مصر. وأظهرت شركة "موساك فونسيكا" تهاونا فى الكشف عن معلومات عن تعاملات شركة "بان وورلد" لمالكها "علاء مبارك"، وفقا للوثائق المسربة، وتقاعس عن تجميد أصول وحسابات الشركة، مما أدى إلى تغريم الأخيرة فى عام 2013 بمبلغ قدر ب 37500 دولار (332 ألف جنيه مصرى)، لإهمالها التعاطى مع شركة ل"عميل فائق الخطورة" وفقا للوصف المذكور بالوثائق المسربة. اغلقوا بابا ففتح عليهم ابوابا .. اخفوها داخل البلاد فخرجت عليه فى كل البلاد، وما كان مستورا محليا فإن تبعات وثائق بنما ستضع هؤلاء فى صدام مع القانون الدولى وملاحقة مع قوى الفساد. فى الأرض، حتى لو حاول الفاسدون التستر على فضائح وثائق بنما، فإن التشابكات المالية والاقتصادية الدولية، ستجر أرجل عدد من هؤلاء الفاسدين، فى قضايا دولية، وقد بدأت عددا من دول العالم بالفعل فى فتح تحقيقات، إذ قال هولاند رئيس فرنسا، على هامش زيارة لإحدى الشركات ؤكد لكم أنه مع ظهور المعلومات ستنطلق التحقيقات وتُفتح قضايا وتُجرى محاكمات، وقال أن التسريبات فيها أنباء طيبة لأنها ستزيد عائدات الضرائب المحصلة ممن يمارسون الاحتيال . لقد تستر نظام مبارك عن كشف اسم الرجل الذى تسلم رشوة بمئات الملايين من الدولارات لتسهيل دخول سيارات مرسيدس البلاد وبيعها، وظل اسمه طى الكتمان فترة كبيرة حتى قامت ثورة يناير، فهل يفعلون الآن كما فعل مبارك فى الطرمخة على أسماء الفاسدين لكن التحقيقات الدولية ستكشف الأسماء والشخصيات وتطالب بمحاكمتهم دوليا، فمهما فعل أهل الفساد سينفضح أمرهم لا محالة .