أثارت الرسالة التي بعثها أكثر من 11 عضوًا في الكونجرس إلى وزير الخارجية الأمريكي جون، كيري، للمطالبة بإجراء تحقيقات في الانتهاكات التي ارتكبها النظام المصري في مجال حقوق الإنسان، لاسيما ضد المتظاهرين في ميداني رابعة والنهضة عام 2013، حالة من الجدل بين المحللين والسياسيين. كانت صحيفة "بوليتكيو" الأمريكية الإلكترونية كشفت أن الديمقراطي المخضرم السيناتور "باتريك ليهي" قدم خطابًا لكيري في 17 فبراير الماضي، موقعًا من 10 أعضاء بالكونجرس، يتضمن وقائع محددة لجرائم حقوق إنسان طالب بالتحقيق فيها. كما طالب ليهي بالتحقيق في عملية فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013، مشيرًا إلى ما يقرب من 100 شخص لقوا حتفهم وهي حوادث تستحق الفحص، كما طالب بضرورة رصد انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن هذه الانتهاكات تستوجب وقف المساعدات لتل أبيب. وذكرت الصحيفة الأمريكية أن خطورة الرسالة أن ليهي وقع عليها؛ لأن القانون الذي يوقف المساعدات عن الدول التي ترتكب مخالفات حقوق الإنسان صدر باسم "قانون ليهي". رأى الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية وأستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، أن تلك الرسالة تعبر عن رأى فريق من الكونجرس الأمريكي، رغم أنهم أقلية، إلا أنها أقلية نشطة، لافتًا إلى أن هذه التوصية لن تصبح قانونًا يتم تطبيقه إلا بعد موافقة الأغلبية في الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكي، وهو أمر غير متوقع". وحذّر إبراهيم ل"المصريون" من أن تلك التوصية بمثابة الإشارة الصفراء ممكن أن تتلوها الحمراء إذا لم تعالج مصر أمورها بحكمة، وتنظر بجدية للانتهاكات التي ترتكبها في مجال حقوق الإنسان. وفسر مدير مركز ابن خلدون، وضع مصر وإسرائيل في إطار واحد، بأن قانون المساعدات لمصر وإسرائيل يرجع لاتفاقية السلام بينهما التي تم إبرامها 1979، لتشجيعهما على دعم السلام، مما كان من المنطقي الربط بينهما باعتبار أنهما مشتركتان في المعونة التي تقدمها أمريكا. وتعليقًا على مطالبة نواب الكونجرس بوقف المساعدات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "لا نقدم المساعدة إلى أي وحدة من قوات الأمن في مصر أو إسرائيل، وعندما يكون لدينا معلومات موثوقة أنهم ارتكبوا انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان سنستجيب للرسالة". وقال الحقوقي نجاد البرعي، مدير المجموعة المتحدة، إن الولاياتالمتحدة رفعت شرط احترام حقوق الإنسان، من بنودها لتقديم المعونة الأمريكية والمساعدات لمصر، ولذلك فمن المستبعد اتخاذ الولاياتالمتحدة أي إجراء بشأن وقف المساعدات لمصر بدعوى أي انتهاكات ترتكبها مصر في المجال الحقوقي. ورأى الحقوقي، أن كل ما ينشر على عكس ذلك إنما يأتي في سياق البروباجاندا الدعائية للولايات المتحدة بأنهم يراعون حقوق الإنسان في العالم. وأشار بهاء الدين محمد، باحث في العلاقات الدولية، إلى أن إثارة الولاياتالمتحدة لتقليص المساعدات من وقت لآخر يرجع إما للتطورات الداخلية في مصر أو لتطورات تتعلق في العلاقات بين البلدين، مؤكدًا أن ذلك أمر معتاد إثارته من وقت لآخر. واستطرد الباحث في العلاقات الدولية، أن المساعدات الأمريكية، جرى العمل بها منذ اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل 1979، مضيفًا: "ولذلك تلك المساعدات مرتبطة باتفاقيات دولية من الصعب العبث بها". ورأى أن إثارة تقليص المساعدات أو قطعها لا يعنى بالضرورة الأخذ بها، مشيرًا إلى أنه يتم أحيانًا إثارتها من نواب كونجرس مدفوعين من لوبي أو جماعات ضغط، منوهًا لدعوات سابقة لوقف المساعدات بدعوى أن مصر وإسرائيل ينعمان الآن في سلام ولا داعي لتلك المساعدات، ورغم ذلك لم تلق تلك الدعوة أي استجابة. وفي السياق ذاته، بعد هجوم الخارجية المصرية على البرلمان الأوروبي على إثر الانتقادات التي وجهها للنظام المصري وإدانته للوضع الحقوقي، علقت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية على ذلك، قائلة: "إن تعامل النظام المصري مع قرار الاتحاد الأوروبي الذي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بما فيها التعذيب والاختفاء القسري، هو انعكاس في المرآة لما تفعله إسرائيل. وزعم "تسفي برئيل"، محلل الشئون العربية بالصحيفة، أن سجل نظام السيسي في انتهاك حقوق الإنسان، خلص إلى أن مَن يريد أن يرى صورة إسرائيل في المرآة، فعليه النظر إلى مصر.