«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا للجيش المصرى: أحذر من اللعب فى "عداد" المعونات الأمريكية التى "لا تقدر بثمن"
نشر في مصر الجديدة يوم 01 - 01 - 2012

جاء الرد الامريكى على عمليات المداهمة لمنظمات حقوق الإنسان التابعة لها والتابعة لناشطين حقوقيين مصريين سريعا ومهددا كالعادة بقطع المعونة الأمريكية ولكن هذه المرة كان التهديد بقطع العونة منوعا فما بين تقليص وقطع المعونات العسكرية او المعونات بشكل عام .

من جانبها قالت وكالة فرانس برس للأنباء إن "مصر تجازف بخسارة بعض المساعدات العسكرية الأمريكية التي تبلغ قيمتها 1,5 مليار دولار سنويا بعد أن أثارت النيابة وجهات الأمن المصرية عاصفة من الانتقادات في واشنطن إثر مداهماتها للمنظمات المؤيدة للديمقراطية التي تتلقى تمويلا أمريكيا".
وأضافت الوكالة "ألمحت الخارجية الامريكية الى إمكان حجب المساعدات بمقتضى قانون سرى مفعوله قبل اسبوع ويربط المساعدات بالخطوات الديمقراطية، بينما قالت الجهة التي تبنت هذا التشريع ان الكونجرس مستعد لممارسة ضغوط في 2012 " .
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند عقب مداهمات مقار منظمات غير حكومية الخميس في مصر "لدينا مجموعة من المتطلبات الجديدة بشأن رفع التقارير والشفافية، فيما يتعلق بالتمويل الموجه لمصر، يتعين علينا تقديمها للكونجرس".
وقالت نولاند: "الحكومة المصرية تدرك ذلك جيدا ويتعين عليها أن تعلم ذلك جيدا في سياق كيفية حل هذه المسألة سريعا".
وأشارت نولاند الجمعة إلى تحرك نحو نزع فتيل الازمة حينما قالت: إن القادة المصريين قدموا تأكيدات بشأن وقف المداهمات ضد المنظمات الامريكية وغيرها من المنظمات غير الحكومية فضلا عن إعادة الممتلكات التي صادرتها الشرطة.
والمنظمات الامريكية التي تعرضت مقارها للمداهمة خلال الغارات هي المعهد الدولي الجمهوري والمعهد الوطني الديموقراطي ومؤسسة (فريدوم هاوس (دارالحرية).
واقتحم ممثلون عن النيابة العامة تدعمهم قوات أمن خاصة 17 من مقار منظمات غير حكومية محلية ودولية الخميس، حيث صادرت أجهزة كمبيوتر ووثائق في إطار تحقيق في اتهامات بتمويل خارجي غير مشروع.
وقال محللون: إن تلك المداهمات تأتي في اطار حملة اوسع تنفذها السلطات العسكرية في مصر لتكميم افواه المعارضين بعد اشهر من انتقادات وجهت لسجلها في مجال حقوق الانسان.
وقال السناتور باتريك ليهي عن ولاية فيرمونت في بيان: إن "افعالا مماثلة تعد سببا آخر يبرر رفض لجنة المخصصات المالية التي أعمل فيها، منح موافقة تلقائية على المساعدات الخارجية للجيش المصري".
وينص تشريع ليهي الذي جاء في اطار مسودة لعام 2012 وقعها الرئيس باراك اوباما في 23 ديسمبر، على منح مصر 250 مليون دولار كمساعدات اقتصادية، ويتيح إمكان شطب ديون مصرية مستحقة للولايات المتحدة بقيمة تصل الى 500 مليون دولار.
كما يقدم 1,5 مليار دولار كمساعدات عسكرية، غير انه يتعين على من يتولى وزارة الخارجية الأمريكية أن يثبت اولا ان الحكام العسكريين الحاليين لمصر يدعمون الانتقال نحو حكم مدني.
واشار مكتب ليهي ان ذلك يشمل "اجراء انتخابات حرة ونزيهة، وضمان حرية التعبير والتجمع وحرية الدين فضلا عن الالتزام بمعاهدة السلام الاسرائيلية-المصرية". غير أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون يمكنها ان تتغاضى عن تلك الشروط لدواعى الامن القومي الأمريكي.
وقال ليهي حينما سئل التعليق على اثر تلك المداهمات "طالما كنت داعما لمساعدة مصر، لكنهم يرتكبون اخطاء فادحة ان ظنوا ان ذلك سيستمر".
وتابع "سأواصل رئاسة (لجنة المخصصات) العام المقبل، وستكون هناك مسائل اكثر في ما يتعلق بالمساعدات لمصر. واذا لم يطرأ تحسن، سأجد من الصعوبة بمكان ان اضع ذلك على مسودة التشريع".
واضاف السناتور الديمقراطي "واعتقد انكم سترون قلقا جمهوريا وديمقراطيا في ما يتعلق بالإفراج عن المساعدات".
لكنه قال إنه يتوقع ان تكون الخارجية الامريكية هي اول من يمارس الضغط على المجلس العسكري المصري الذي يحكم البلاد منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير.
وقال ليهي: "افترض ان وزارة الداخلية ستمارس بعض الضغوط قبل ان يعاود الكونجرس دورته".
من جانبه قال ديفيد كريمر رئيس منظمة فريدوم هاوس في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الجمعة "ينبغي على إدارة اوباما ان تبلغ المجلس العسكري في مصر بشكل واضح ان المساعدات ستتوقف ما لم يتوقف هذا السلوك".
اما دانيال كيرتسر، السفير السابق للولايات المتحدة في مصر الذي يحاضر الآن في جامعة برينستون، فقال: إن المداهمات اثارت دهشته حقا بالنظر الى رد فعل واشنطن المتوقع، متسائلا عما اذا كانت القيادة اتخذت قرارا موحدا بتلك المداهمات.
وقال كيرتسر: "ربما.. عناصر داخل المجلس العسكري والحكومة اتخذت هذا القرار وباتوا الآن لا يعرفون ماذا يفعلون ازاء ذلك اذ ربما لم يكن قرارا رسميا".
واضاف "السؤال هو بأي سرعة سيتحرك المصريون لوأد الامر (الانتقادات الموجهة اليهم).. عليهم التحرك وبسرعة ليثبتوا ان هذا الامر لم يكن حملة ترمي لترهيب المنظمات".
من جانبه دعا إليوت ابرامز، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في عهد جورج دبليو بوش، زميل دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي حاليًا إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي قطع المعونات العسكرية عن مصر والتي تقدر ب 1,3 مليار دولار سنويًا، ردا علي ما اعتبره الحملة التي قادها الجيش المصري علي منظمات حقوق الإنسان المصرية والأجنبية.
وفي مقال كتبه علي موقع جريدة اتلانتك الموالية للحزب الجمهوري، طالب ابرامز بوقف المعونات العسكرية الأمريكية للجيش المصري إلي أن يقوم بإرجاع كل ما قام بمصادرته من مكاتب المنظمات المدنية وحقوق الإنسان العاملة في مصر وخصوصا منظمات فريدم هاوس والمعهد الديمقراطي القومي والمعهد الجمهوري الدولي الأمريكيين و"كونراد إديناور" الألمانية.
واعتبر ابرامز – الذي كان يعتبر مسئولًا عن ملف الديمقراطية في الشرق الأوسط في عهد الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش – أنه يجب منع المعونات العسكرية عن مصر أيضا بعد أن تتعهد المؤسسة العسكرية الحاكمة في مصر للولايات المتحدة بأنها لن تقوم بتكرار الحملات السابقة علي منظمات المجتمع المدني.
وقال إبرامز إن الولايات المتحدة عليها أن ترسل رسالة واضحة لقيادة الجيش المصري "إذا واصلتم التعدي علي المنظمات الحقوقية الأمريكية والغربية في مصر فإن الثمن سيكون باهظًا وهو الحرمان من مبلغ ال 1,3 مليار دولار مساعدات عسكرية سنوية.
وأما مايك مولن قائد الأركان الأمريكية المشتركة إن المعونة العسكرية لمصر "لا تقدر بثمن"، حيث كانت تساعد القوات المسلحة المصرية على أن تكون جهازا يملك القدرة والمهنية.
وأدلى مولن بهذه التصريحات بينما كان يبرر المساعدات العسكرية الأمريكية للدول الحليفة في جلسة للكونجرس تركز على جهود خفض النفقات.
وقال مولن:"لا ينبغي النظر في تغيير تلك العلاقات - فيما يخص المساعدات أو الدعم- إلا بحذر شديد ومن خلال الاهتمام بصورة أكبر بتقدير الوضع في المدى البعيد، وليس في ضوء التعاطف الشعبي الواسع وضرورة التوفير".
من جانبها اشارت سارة خورشيد الكاتبة أنه رغم الاعتقاد الشائع لدى الكثير من المصريين أن المعونة الأمريكية تمثل لمصر نقطة ضعف، فإن وجهة النظر الأمريكية تختلف عن ذلك. فلولا أهمية مصر لما استمرت دولة عظمى لثلاثين عاما فى منحها معونة سنوية لا يفوقها سوى ما يمنح لإسرائيل.
ورغم ما يقال فى مصر عن أن المعونة تمنح فقط لإتاحتها استيراد المنتجات الأمريكية وتوظيف عمالة أمريكية، فإن هذه الحقيقة مع صحتها ليست كافية لتفسير تدفق حوالى 65 مليار دولار لمصر من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين.
لتحليل دلالات المعونة من وجهة النظر الأمريكية، سنركز على شقها العسكرى، وهو الأكبر والأكثر ثباتا، بعكس المعونة الاقتصادية الآخذة فى الانكماش.
إن ما يقال فى الدوائر الأمريكية عن ضرورة استمرار منح 1.3 مليار دولار سنويا للجيش المصرى يعكس عدم قدرة صانعى القرار الأمريكيين على الاستغناء عن المكاسب التى تحققها بلدهم من وراء المعونة. حتى مع ارتفاع بعض الأصوات الأمريكية المطالبة بتقليصها من حين لآخر، إلا أنه سرعان ما يطغى دائما الرأى المؤيد لعدم المساس بها.
إن مجرد الحديث عن قطع المعونة، وفقا لأحد الخبراء الأمريكيين، يعد مثل «اللعب بالنار»، كما نقل موقع فويس أوف أمريكا فى فبراير. فمصر «دولة ذات أهمية قصوى، لها تأثير هائل على مستقبل الشرق الأوسط» بحسب عضو الكونجرس ستيف شابوت الذى يرى أنه من مصلحة أمريكا الإبقاء على المعونة لحماية تحالفها مع مصر. أما الدبلوماسى السابق روبرت هنتر، فاعتبر فى مقاله بموقع سى ان ان أنه حتى وإن بدت مساعدات بلاده لجيش مصر «كفاتورة هائلة» إلا أنها فى الواقع «ثمن بخس» بالنظر للمخاطر التى تجنبها المعونة لأمريكا.
يعنى ذلك أن تراجع الدور المصرى إقليميا ودوليا فى السنوات الأخيرة كان يرجع لإدارة مبارك لسياسة مصر الخارجية وليس لضعف الثقل المصرى فى حد ذاته، فمصر تمتلك أوراق ضغط لا يستهان بها مما دفع أمريكا إلى تحمل 80% من ميزانية مشتريات الجيش المصرى من الأسلحة (بحسب تقرير لخدمة الأبحاث التابعة للكونجرس CRS)، لكن قدرة مصر على استعمال تلك الأوراق تراجعت لأنه مع تبلور سيناريو التوريث نجح الأمريكيون فى استغلال نقطة ضعف مبارك، ألا وهى تمسكه بالبقاء فى الحكم ثم توريثه لنجله بأى ثمن.
وبالنسبة لأمريكا، تتمثل أهمية العلاقات المصرية الأمريكية فى عدة أوجه هى ذاتها تعكس نقاط القوة المصرية:
أولا: يمثل أمن إسرائيل أولوية قصوى لساسة أمريكا، فتمنح المعونة العسكرية بالأساس مقابل التزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل. ويرتبط أمن إسرائيل بالهدف الأمريكى الكلاسيكى «استقرار المنطقة». فمثلا صرح الدبلوماسى السابق دانيل كوتزر لmsnbc فى يناير، «كسبنا أكثر من 30 عاما من علاقات قوية مع أهم دولة فى الشرق الأوسط.. أنفقنا مليارات الدولارات.. ولكننا حصلنا على عائد كبير جدا: اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل.. وحليف فى منطقة يعلم كل أمريكى أنها غير مستقرة وقد تشكل خطرا كامنا علينا».
ثانيا: فى مقابل ما تمنحه أمريكا للجيش المصرى تحصل سفنها على «معاملة خاصة» فى قناة السويس بما يضمن أولوية وسرعة مرورها. فى المتوسط، تبحر شهريا 12 سفينة حربية ونووية أمريكية خلال القناة التى تعد المنفذ الأساسى للوصول للعراق وأفغانستان. تتعامل السلطات المصرية مع السفن الأمريكية بشكل عاجل، فى حين تنتظر الدول الأخرى لأسابيع قبل السماح لسفنها بالمرور، وفقا لتقرير أبحاث الكونجرس. كذلك تتيح القناة لمصر إمكانية لعب دورا محوريا فى حركة إمدادات النفط العالمية.
تمتد التسهيلات العسكرية التى تقدمها مصر لأمريكا للمجال الجوى المصرى، الذى حلق فيه 36533 طائرة حربية أمريكية من 2001 إلى 2005 بحسب دراسة أجراها الجهاز الحكومى الأمريكى للمحاسبات عام 2006.
ثالثا: تعطى المعونة لأمريكا نفوذا بمصر وقدرة على التأثير فى مجريات الأمور لصالح الأهداف الأمريكية. ففى مقاله الذى نشر فى الأيام الأولى للثورة، وصف هنتر العلاقات الأمريكية بالجيش المصرى بأنها «المصدر الأساسى لقدرة واشنطن على التأثير فى ما قد يحدث بمصر» بما «يتوافق مع المصالح الأمريكية»، وحذر من أن «قطع المعونة أو التهديد بذلك» سيفقد أمريكا نفوذها ويحدث «ضربة قاسمة للسياسات الأمريكية».
فى هذا الصدد رصدت صحيفة يو اس ايه توديى اتصالات بين قادة الجيشين الأمريكى والمصرى أثناء الثورة، منها اتصالا هاتفيا أجراه رئيس الأركان الأمريكى مع نظيره الفريق سامى عنان، وآخر أجراه وزير الدفاع الأمريكى مع المشير حسين طنطاوى.
اذا كانت أمريكا حتى الآن متمسكة بمنح المعونة العسكرية لمصر، فالسؤال الذى يجب طرحه فى الجانب المصرى هو مغزى المعونة لمصر وان كان على المصريين التمسك بها أم لا.
إذا نظرنا لعائد المعونة على مصر نجد أنها ساعدت الجيش المصرى على إحلال جزء من أسلحته الروسية القديمة بأخرى أمريكية متطورة، فوفقا لمسئولين عسكريين مصريين (كما نقل عنهم المحاسبات الأمريكى) تشكل الأسلحة الأمريكية 52% من المخزون المصرى (إحصائيات 2005). كما يتلقى أفراد الجيش المصرى تدريبات من خبراء أمريكيين فى مصر وأمريكا، حيث يدرس 500 مصرى سنويا بالأكاديميات العسكرية الأمريكية.
لكن المعونة، فى المقابل، أفرزت جيشا مصريا «يدين بالولاء للمصالح الأمريكية» كما وصفه الموقع اليهودى الأمريكى جيويش ويكلى.
ذكر تقرير المحاسبات الأمريكى عددا من الأمثلة على «دعم الجيش المصرى للأهداف الأمريكية»، تضمنت مستشفى عسكرى ميدانى مصرى فى القاعدة الجوية باجرام بأفغانستان، وهى قاعدة عسكرية أمريكية سيئة السمعة نشرت عنها النيويورك تايمز تقريرا فى 2005 رصدت فيه حالات من الأفغان الذين عذبهم الجنود الأمريكيون حتى الموت فى معتقل باجرام الذى يقع فى القاعدة العسكرية. (لم يذكر تقرير المحاسبات جنسية المرضى الذين تلقوا العلاج بالمستشفى.)
إذن فإن اعتماد الجيش المصرى على المعونة الأمريكية يمنعه من التمتع بكامل استقلاليته، بل إن تبعية مصر للمصالح الأمريكية هى فى حد ذاتها هدف للمعونة، تصرح به الجهات الأمريكية فى وثائقها الرسمية.
كان لذلك الوضع ما يفسره فى عهد مبارك الذى استطاعت أمريكا أن تضغط عليه بورقة الإصلاح وملف التوريث، لكن من المفترض أن تكون الثورة التى خلعت مبارك قد أبطلت مفعول تلك الورقة، خاصة أنه يتضح لنا من حرص الطرف الأمريكى على المعونة أن ثقل مصر وأوراق الضغط التى تمتلكها أقوى مما يعتقد المصريون.
يتخوف بعض المحللين بمصر من أن يؤثر انقطاعا للمعونة على قدرة الجيش المصرى على مواجهة الأخطار الخارجية، خاصة من قبل إسرائيل. لكن هذا التخوف ليس فى محله لأن مصر ليست فى حالة حرب مع إسرائيل، بل تسعى الدولتان لتفادى حربا كتلك، والدليل على ذلك هو أن الإسرائليين أبدوا قلقا كبيرا من الجدل الذى أثير فى مصر مؤخرا حول معاهدة السلام.
ثم إن المعونة لا تضمن للجيش المصرى التفوق على نظيره الإسرائيلى، فتتبنى أمريكا معادلة تحصل إسرائيل بمقتضاها على 3 مليارات دولار مقابل كل مليارى تمنح لمصر، أيضا هناك مبدأ مثبت فى تشريعات الكونجرس يطلق عليه «التفوق العسكرى النوعى» لإسرائيل، وهو يلزم أمريكا بألا يتم يبع أى أسلحة أمريكية أكثر تطورا مما تحصل عليه إسرائيل لأى دولة أخرى فى الشرق الأوسط.
إذن فالتسليح الذى تكفله المعونة لمصر لا يضمن حمايتها من إسرائيل، مما يحتم على الجانب المصرى دراسة إمكانية الاعتماد على بدائل أخرى تكفل لمصر القدرة الحقيقية على حماية أمنها واستقلالية سياساتها.
من هذه البدائل استيراد أسلحة من أسواق أخرى وتنويع مصادر التسليح المصرى. بل إنه من الممكن الاستمرار الجزئى فى شراء أسلحة من نفس الموردين الأمريكيين الذين يعتمد عليهم حاليا لكن من ميزانية الدولة بدلا من المعونة، فالمبلغ الذى تخصصه المعونة للمشتريات يقل عن مليار دولار سنويا. يضاف إلى ذلك أن شركات السلاح الأمريكية التى تشكل لوبى ذا نفوذ بالكونجرس ستحرص على استمرار بيع سلعتها لعميلها المصرى.
و على المدى الطويل يجب استهداف تطوير الصناعة الحربية المصرية التى تعد الأقوى فى العالم العربى بالفعل، حسب مؤسسة جلوبال سيكيوريتى المتخصصة فى أبحاث الشئون العسكرية.
خلاصة القول إنه مهما شكلت إسرائيل أو غيرها من خطر، فإن المعونة العسكرية الأمريكية لا تضمن لمصر القدرة على حماية أمنها الخارجى، وأيا كانت فائدة المعونة فلا يمكن أن تظل مصر معتمدة عليها وتابعة لأمريكا لأجل غير معلوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.