هل الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن السيارات الكهربائية؟    انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا    أول تعليق من الزمالك على تجاوزات مصطفى شلبي بعد الفوز    محمد عواد يكشف حقيقة رحيله إلى الدوري السعودي ويؤكد: "هذا سبب تراجع مستويا مع الزمالك"    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    روجينا تنعي المخرج عصام الشماع    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    مطار الملك خالد يصدر بيانًا بشأن حادث انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    إصابة 17 شخصا في حادث مروري بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    عيار 21 الآن يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في الصاغة    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    قرار عاجل من الزمالك بشأن احتفال مصطفى شلبي    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا للجيش المصرى: أحذر من اللعب فى "عداد" المعونات الأمريكية التى "لا تقدر بثمن"
نشر في مصر الجديدة يوم 01 - 01 - 2012

جاء الرد الامريكى على عمليات المداهمة لمنظمات حقوق الإنسان التابعة لها والتابعة لناشطين حقوقيين مصريين سريعا ومهددا كالعادة بقطع المعونة الأمريكية ولكن هذه المرة كان التهديد بقطع العونة منوعا فما بين تقليص وقطع المعونات العسكرية او المعونات بشكل عام .

من جانبها قالت وكالة فرانس برس للأنباء إن "مصر تجازف بخسارة بعض المساعدات العسكرية الأمريكية التي تبلغ قيمتها 1,5 مليار دولار سنويا بعد أن أثارت النيابة وجهات الأمن المصرية عاصفة من الانتقادات في واشنطن إثر مداهماتها للمنظمات المؤيدة للديمقراطية التي تتلقى تمويلا أمريكيا".
وأضافت الوكالة "ألمحت الخارجية الامريكية الى إمكان حجب المساعدات بمقتضى قانون سرى مفعوله قبل اسبوع ويربط المساعدات بالخطوات الديمقراطية، بينما قالت الجهة التي تبنت هذا التشريع ان الكونجرس مستعد لممارسة ضغوط في 2012 " .
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند عقب مداهمات مقار منظمات غير حكومية الخميس في مصر "لدينا مجموعة من المتطلبات الجديدة بشأن رفع التقارير والشفافية، فيما يتعلق بالتمويل الموجه لمصر، يتعين علينا تقديمها للكونجرس".
وقالت نولاند: "الحكومة المصرية تدرك ذلك جيدا ويتعين عليها أن تعلم ذلك جيدا في سياق كيفية حل هذه المسألة سريعا".
وأشارت نولاند الجمعة إلى تحرك نحو نزع فتيل الازمة حينما قالت: إن القادة المصريين قدموا تأكيدات بشأن وقف المداهمات ضد المنظمات الامريكية وغيرها من المنظمات غير الحكومية فضلا عن إعادة الممتلكات التي صادرتها الشرطة.
والمنظمات الامريكية التي تعرضت مقارها للمداهمة خلال الغارات هي المعهد الدولي الجمهوري والمعهد الوطني الديموقراطي ومؤسسة (فريدوم هاوس (دارالحرية).
واقتحم ممثلون عن النيابة العامة تدعمهم قوات أمن خاصة 17 من مقار منظمات غير حكومية محلية ودولية الخميس، حيث صادرت أجهزة كمبيوتر ووثائق في إطار تحقيق في اتهامات بتمويل خارجي غير مشروع.
وقال محللون: إن تلك المداهمات تأتي في اطار حملة اوسع تنفذها السلطات العسكرية في مصر لتكميم افواه المعارضين بعد اشهر من انتقادات وجهت لسجلها في مجال حقوق الانسان.
وقال السناتور باتريك ليهي عن ولاية فيرمونت في بيان: إن "افعالا مماثلة تعد سببا آخر يبرر رفض لجنة المخصصات المالية التي أعمل فيها، منح موافقة تلقائية على المساعدات الخارجية للجيش المصري".
وينص تشريع ليهي الذي جاء في اطار مسودة لعام 2012 وقعها الرئيس باراك اوباما في 23 ديسمبر، على منح مصر 250 مليون دولار كمساعدات اقتصادية، ويتيح إمكان شطب ديون مصرية مستحقة للولايات المتحدة بقيمة تصل الى 500 مليون دولار.
كما يقدم 1,5 مليار دولار كمساعدات عسكرية، غير انه يتعين على من يتولى وزارة الخارجية الأمريكية أن يثبت اولا ان الحكام العسكريين الحاليين لمصر يدعمون الانتقال نحو حكم مدني.
واشار مكتب ليهي ان ذلك يشمل "اجراء انتخابات حرة ونزيهة، وضمان حرية التعبير والتجمع وحرية الدين فضلا عن الالتزام بمعاهدة السلام الاسرائيلية-المصرية". غير أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون يمكنها ان تتغاضى عن تلك الشروط لدواعى الامن القومي الأمريكي.
وقال ليهي حينما سئل التعليق على اثر تلك المداهمات "طالما كنت داعما لمساعدة مصر، لكنهم يرتكبون اخطاء فادحة ان ظنوا ان ذلك سيستمر".
وتابع "سأواصل رئاسة (لجنة المخصصات) العام المقبل، وستكون هناك مسائل اكثر في ما يتعلق بالمساعدات لمصر. واذا لم يطرأ تحسن، سأجد من الصعوبة بمكان ان اضع ذلك على مسودة التشريع".
واضاف السناتور الديمقراطي "واعتقد انكم سترون قلقا جمهوريا وديمقراطيا في ما يتعلق بالإفراج عن المساعدات".
لكنه قال إنه يتوقع ان تكون الخارجية الامريكية هي اول من يمارس الضغط على المجلس العسكري المصري الذي يحكم البلاد منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير.
وقال ليهي: "افترض ان وزارة الداخلية ستمارس بعض الضغوط قبل ان يعاود الكونجرس دورته".
من جانبه قال ديفيد كريمر رئيس منظمة فريدوم هاوس في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الجمعة "ينبغي على إدارة اوباما ان تبلغ المجلس العسكري في مصر بشكل واضح ان المساعدات ستتوقف ما لم يتوقف هذا السلوك".
اما دانيال كيرتسر، السفير السابق للولايات المتحدة في مصر الذي يحاضر الآن في جامعة برينستون، فقال: إن المداهمات اثارت دهشته حقا بالنظر الى رد فعل واشنطن المتوقع، متسائلا عما اذا كانت القيادة اتخذت قرارا موحدا بتلك المداهمات.
وقال كيرتسر: "ربما.. عناصر داخل المجلس العسكري والحكومة اتخذت هذا القرار وباتوا الآن لا يعرفون ماذا يفعلون ازاء ذلك اذ ربما لم يكن قرارا رسميا".
واضاف "السؤال هو بأي سرعة سيتحرك المصريون لوأد الامر (الانتقادات الموجهة اليهم).. عليهم التحرك وبسرعة ليثبتوا ان هذا الامر لم يكن حملة ترمي لترهيب المنظمات".
من جانبه دعا إليوت ابرامز، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في عهد جورج دبليو بوش، زميل دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي حاليًا إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي قطع المعونات العسكرية عن مصر والتي تقدر ب 1,3 مليار دولار سنويًا، ردا علي ما اعتبره الحملة التي قادها الجيش المصري علي منظمات حقوق الإنسان المصرية والأجنبية.
وفي مقال كتبه علي موقع جريدة اتلانتك الموالية للحزب الجمهوري، طالب ابرامز بوقف المعونات العسكرية الأمريكية للجيش المصري إلي أن يقوم بإرجاع كل ما قام بمصادرته من مكاتب المنظمات المدنية وحقوق الإنسان العاملة في مصر وخصوصا منظمات فريدم هاوس والمعهد الديمقراطي القومي والمعهد الجمهوري الدولي الأمريكيين و"كونراد إديناور" الألمانية.
واعتبر ابرامز – الذي كان يعتبر مسئولًا عن ملف الديمقراطية في الشرق الأوسط في عهد الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش – أنه يجب منع المعونات العسكرية عن مصر أيضا بعد أن تتعهد المؤسسة العسكرية الحاكمة في مصر للولايات المتحدة بأنها لن تقوم بتكرار الحملات السابقة علي منظمات المجتمع المدني.
وقال إبرامز إن الولايات المتحدة عليها أن ترسل رسالة واضحة لقيادة الجيش المصري "إذا واصلتم التعدي علي المنظمات الحقوقية الأمريكية والغربية في مصر فإن الثمن سيكون باهظًا وهو الحرمان من مبلغ ال 1,3 مليار دولار مساعدات عسكرية سنوية.
وأما مايك مولن قائد الأركان الأمريكية المشتركة إن المعونة العسكرية لمصر "لا تقدر بثمن"، حيث كانت تساعد القوات المسلحة المصرية على أن تكون جهازا يملك القدرة والمهنية.
وأدلى مولن بهذه التصريحات بينما كان يبرر المساعدات العسكرية الأمريكية للدول الحليفة في جلسة للكونجرس تركز على جهود خفض النفقات.
وقال مولن:"لا ينبغي النظر في تغيير تلك العلاقات - فيما يخص المساعدات أو الدعم- إلا بحذر شديد ومن خلال الاهتمام بصورة أكبر بتقدير الوضع في المدى البعيد، وليس في ضوء التعاطف الشعبي الواسع وضرورة التوفير".
من جانبها اشارت سارة خورشيد الكاتبة أنه رغم الاعتقاد الشائع لدى الكثير من المصريين أن المعونة الأمريكية تمثل لمصر نقطة ضعف، فإن وجهة النظر الأمريكية تختلف عن ذلك. فلولا أهمية مصر لما استمرت دولة عظمى لثلاثين عاما فى منحها معونة سنوية لا يفوقها سوى ما يمنح لإسرائيل.
ورغم ما يقال فى مصر عن أن المعونة تمنح فقط لإتاحتها استيراد المنتجات الأمريكية وتوظيف عمالة أمريكية، فإن هذه الحقيقة مع صحتها ليست كافية لتفسير تدفق حوالى 65 مليار دولار لمصر من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين.
لتحليل دلالات المعونة من وجهة النظر الأمريكية، سنركز على شقها العسكرى، وهو الأكبر والأكثر ثباتا، بعكس المعونة الاقتصادية الآخذة فى الانكماش.
إن ما يقال فى الدوائر الأمريكية عن ضرورة استمرار منح 1.3 مليار دولار سنويا للجيش المصرى يعكس عدم قدرة صانعى القرار الأمريكيين على الاستغناء عن المكاسب التى تحققها بلدهم من وراء المعونة. حتى مع ارتفاع بعض الأصوات الأمريكية المطالبة بتقليصها من حين لآخر، إلا أنه سرعان ما يطغى دائما الرأى المؤيد لعدم المساس بها.
إن مجرد الحديث عن قطع المعونة، وفقا لأحد الخبراء الأمريكيين، يعد مثل «اللعب بالنار»، كما نقل موقع فويس أوف أمريكا فى فبراير. فمصر «دولة ذات أهمية قصوى، لها تأثير هائل على مستقبل الشرق الأوسط» بحسب عضو الكونجرس ستيف شابوت الذى يرى أنه من مصلحة أمريكا الإبقاء على المعونة لحماية تحالفها مع مصر. أما الدبلوماسى السابق روبرت هنتر، فاعتبر فى مقاله بموقع سى ان ان أنه حتى وإن بدت مساعدات بلاده لجيش مصر «كفاتورة هائلة» إلا أنها فى الواقع «ثمن بخس» بالنظر للمخاطر التى تجنبها المعونة لأمريكا.
يعنى ذلك أن تراجع الدور المصرى إقليميا ودوليا فى السنوات الأخيرة كان يرجع لإدارة مبارك لسياسة مصر الخارجية وليس لضعف الثقل المصرى فى حد ذاته، فمصر تمتلك أوراق ضغط لا يستهان بها مما دفع أمريكا إلى تحمل 80% من ميزانية مشتريات الجيش المصرى من الأسلحة (بحسب تقرير لخدمة الأبحاث التابعة للكونجرس CRS)، لكن قدرة مصر على استعمال تلك الأوراق تراجعت لأنه مع تبلور سيناريو التوريث نجح الأمريكيون فى استغلال نقطة ضعف مبارك، ألا وهى تمسكه بالبقاء فى الحكم ثم توريثه لنجله بأى ثمن.
وبالنسبة لأمريكا، تتمثل أهمية العلاقات المصرية الأمريكية فى عدة أوجه هى ذاتها تعكس نقاط القوة المصرية:
أولا: يمثل أمن إسرائيل أولوية قصوى لساسة أمريكا، فتمنح المعونة العسكرية بالأساس مقابل التزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل. ويرتبط أمن إسرائيل بالهدف الأمريكى الكلاسيكى «استقرار المنطقة». فمثلا صرح الدبلوماسى السابق دانيل كوتزر لmsnbc فى يناير، «كسبنا أكثر من 30 عاما من علاقات قوية مع أهم دولة فى الشرق الأوسط.. أنفقنا مليارات الدولارات.. ولكننا حصلنا على عائد كبير جدا: اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل.. وحليف فى منطقة يعلم كل أمريكى أنها غير مستقرة وقد تشكل خطرا كامنا علينا».
ثانيا: فى مقابل ما تمنحه أمريكا للجيش المصرى تحصل سفنها على «معاملة خاصة» فى قناة السويس بما يضمن أولوية وسرعة مرورها. فى المتوسط، تبحر شهريا 12 سفينة حربية ونووية أمريكية خلال القناة التى تعد المنفذ الأساسى للوصول للعراق وأفغانستان. تتعامل السلطات المصرية مع السفن الأمريكية بشكل عاجل، فى حين تنتظر الدول الأخرى لأسابيع قبل السماح لسفنها بالمرور، وفقا لتقرير أبحاث الكونجرس. كذلك تتيح القناة لمصر إمكانية لعب دورا محوريا فى حركة إمدادات النفط العالمية.
تمتد التسهيلات العسكرية التى تقدمها مصر لأمريكا للمجال الجوى المصرى، الذى حلق فيه 36533 طائرة حربية أمريكية من 2001 إلى 2005 بحسب دراسة أجراها الجهاز الحكومى الأمريكى للمحاسبات عام 2006.
ثالثا: تعطى المعونة لأمريكا نفوذا بمصر وقدرة على التأثير فى مجريات الأمور لصالح الأهداف الأمريكية. ففى مقاله الذى نشر فى الأيام الأولى للثورة، وصف هنتر العلاقات الأمريكية بالجيش المصرى بأنها «المصدر الأساسى لقدرة واشنطن على التأثير فى ما قد يحدث بمصر» بما «يتوافق مع المصالح الأمريكية»، وحذر من أن «قطع المعونة أو التهديد بذلك» سيفقد أمريكا نفوذها ويحدث «ضربة قاسمة للسياسات الأمريكية».
فى هذا الصدد رصدت صحيفة يو اس ايه توديى اتصالات بين قادة الجيشين الأمريكى والمصرى أثناء الثورة، منها اتصالا هاتفيا أجراه رئيس الأركان الأمريكى مع نظيره الفريق سامى عنان، وآخر أجراه وزير الدفاع الأمريكى مع المشير حسين طنطاوى.
اذا كانت أمريكا حتى الآن متمسكة بمنح المعونة العسكرية لمصر، فالسؤال الذى يجب طرحه فى الجانب المصرى هو مغزى المعونة لمصر وان كان على المصريين التمسك بها أم لا.
إذا نظرنا لعائد المعونة على مصر نجد أنها ساعدت الجيش المصرى على إحلال جزء من أسلحته الروسية القديمة بأخرى أمريكية متطورة، فوفقا لمسئولين عسكريين مصريين (كما نقل عنهم المحاسبات الأمريكى) تشكل الأسلحة الأمريكية 52% من المخزون المصرى (إحصائيات 2005). كما يتلقى أفراد الجيش المصرى تدريبات من خبراء أمريكيين فى مصر وأمريكا، حيث يدرس 500 مصرى سنويا بالأكاديميات العسكرية الأمريكية.
لكن المعونة، فى المقابل، أفرزت جيشا مصريا «يدين بالولاء للمصالح الأمريكية» كما وصفه الموقع اليهودى الأمريكى جيويش ويكلى.
ذكر تقرير المحاسبات الأمريكى عددا من الأمثلة على «دعم الجيش المصرى للأهداف الأمريكية»، تضمنت مستشفى عسكرى ميدانى مصرى فى القاعدة الجوية باجرام بأفغانستان، وهى قاعدة عسكرية أمريكية سيئة السمعة نشرت عنها النيويورك تايمز تقريرا فى 2005 رصدت فيه حالات من الأفغان الذين عذبهم الجنود الأمريكيون حتى الموت فى معتقل باجرام الذى يقع فى القاعدة العسكرية. (لم يذكر تقرير المحاسبات جنسية المرضى الذين تلقوا العلاج بالمستشفى.)
إذن فإن اعتماد الجيش المصرى على المعونة الأمريكية يمنعه من التمتع بكامل استقلاليته، بل إن تبعية مصر للمصالح الأمريكية هى فى حد ذاتها هدف للمعونة، تصرح به الجهات الأمريكية فى وثائقها الرسمية.
كان لذلك الوضع ما يفسره فى عهد مبارك الذى استطاعت أمريكا أن تضغط عليه بورقة الإصلاح وملف التوريث، لكن من المفترض أن تكون الثورة التى خلعت مبارك قد أبطلت مفعول تلك الورقة، خاصة أنه يتضح لنا من حرص الطرف الأمريكى على المعونة أن ثقل مصر وأوراق الضغط التى تمتلكها أقوى مما يعتقد المصريون.
يتخوف بعض المحللين بمصر من أن يؤثر انقطاعا للمعونة على قدرة الجيش المصرى على مواجهة الأخطار الخارجية، خاصة من قبل إسرائيل. لكن هذا التخوف ليس فى محله لأن مصر ليست فى حالة حرب مع إسرائيل، بل تسعى الدولتان لتفادى حربا كتلك، والدليل على ذلك هو أن الإسرائليين أبدوا قلقا كبيرا من الجدل الذى أثير فى مصر مؤخرا حول معاهدة السلام.
ثم إن المعونة لا تضمن للجيش المصرى التفوق على نظيره الإسرائيلى، فتتبنى أمريكا معادلة تحصل إسرائيل بمقتضاها على 3 مليارات دولار مقابل كل مليارى تمنح لمصر، أيضا هناك مبدأ مثبت فى تشريعات الكونجرس يطلق عليه «التفوق العسكرى النوعى» لإسرائيل، وهو يلزم أمريكا بألا يتم يبع أى أسلحة أمريكية أكثر تطورا مما تحصل عليه إسرائيل لأى دولة أخرى فى الشرق الأوسط.
إذن فالتسليح الذى تكفله المعونة لمصر لا يضمن حمايتها من إسرائيل، مما يحتم على الجانب المصرى دراسة إمكانية الاعتماد على بدائل أخرى تكفل لمصر القدرة الحقيقية على حماية أمنها واستقلالية سياساتها.
من هذه البدائل استيراد أسلحة من أسواق أخرى وتنويع مصادر التسليح المصرى. بل إنه من الممكن الاستمرار الجزئى فى شراء أسلحة من نفس الموردين الأمريكيين الذين يعتمد عليهم حاليا لكن من ميزانية الدولة بدلا من المعونة، فالمبلغ الذى تخصصه المعونة للمشتريات يقل عن مليار دولار سنويا. يضاف إلى ذلك أن شركات السلاح الأمريكية التى تشكل لوبى ذا نفوذ بالكونجرس ستحرص على استمرار بيع سلعتها لعميلها المصرى.
و على المدى الطويل يجب استهداف تطوير الصناعة الحربية المصرية التى تعد الأقوى فى العالم العربى بالفعل، حسب مؤسسة جلوبال سيكيوريتى المتخصصة فى أبحاث الشئون العسكرية.
خلاصة القول إنه مهما شكلت إسرائيل أو غيرها من خطر، فإن المعونة العسكرية الأمريكية لا تضمن لمصر القدرة على حماية أمنها الخارجى، وأيا كانت فائدة المعونة فلا يمكن أن تظل مصر معتمدة عليها وتابعة لأمريكا لأجل غير معلوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.