( فضفض) الأستاذ جمال سلطان رئيس تحرير موقع ( المصريون) في مقال سابق وصادق عن الصحافة ومتاعبها ومستقبلها المهدد، مادفعه للفضفضة حدث ضج مضاجع الصحافة واهلها.. صحيفة (الاندبندنت) العريقة تتوقف مطابعها عن الدوران وتتحول الى صحيفة ألكترونية.. هو حال صحف كثيرة ومنها ما يملك تاريخاً مشهوداً.. بالفعل الصحافة في بلادنا تعاني من أزمة كبيرة ومنذ زمن بعيد..وازمتها تتعدى بمسافات طويلة تداعيات تطورات تكنولوجية واجتماعية وثقافية تخلق فرصاً أكثر مما تصنع تهديدات.. في الغالب صحافتنا ولدت مريضة.. كل ماحدث أن عالماً جديداً تشكل فكشف مرضها وفضح أمرها .. الصحافة مرآة الشعب، مرآة الشعب يخزن فيها صوراً سابقة التجهيز مع محاولات مستمرة ومستميتة في اقناع الشعب بأن هذه هي صورته وهذا هو واقعه..مرض خبيث.. يستفحل المرض في أوقات الضيق حيث تكذب المرآة بشكل مفضوح وبلا تعقل.. اختلف وعي الناس في عالم جديد منفتح بلا حدود ووجد الناس طريقاً أو طرقاً لبناء الوعي وتشكيل الرأي بعيداً عن طريق صحافة مريضة..أما الصحافة فظلت على حالها تخاطب الناس وكأنها صاحبة الحق الحصري والأبدي في تشكيل وعيه وبناء رأيه، ذات الخطأ الجسيم الذي تقترفه وبنجاح كبير شركات ومؤسسات وأنظمة وحكومات.. الصحافة مهددة ومنذ زمن بعيد في صميم قلبها وجوارحها....اما عن الحالة الفنية فحدث ولا حرج.. المنتج الصحفي منزوع الابداع..العالم تغير والمجتمعات تغيرت أفراداً وجماعات والمنتج الصحفي على حاله، بعيداً عن الأخبار وجاذبيتها لم يعد هناك ما يجذب القارئ او يشبع حاجاته، التقارير والتحقيقات والحوارات وغيرها كلها تدور في فلك لم تحاول ان تتعداه، الوجبة التي تقدمها صحافتنا لا تسمن ولا تغني من جوع بل تضر أكثر مما تفيد لأنها اعتمدت على نفس المكونات سعياً لاشباع شهية اختلفت وتغير حالها..ومايصدق على المنتج يصدق على التوزيع والترويج..الخ.. في عالم التسويق وعلمه يتحدثون عن المحيط الأزرق حيث التفكير بشكل مختلف والتغريد خارج السرب وهو على النقيض من المحيط الأحمر حيث المنافسة المحتدمة والتقليد والاستنساخ والمحاكاة والتكرار.. صحافتنا بالطبع تسبح في المحيط الأحمر.. ولا فروقات واضحة وجذرية بين عدد من صحيفة صدر منذ سنوات وعدد صدر صباح اليوم... في الوقت التي تخوض فيه شركات ومؤسسات في العالم كله حرباً شرسة في استقطاب المواهب غاب المبدعون في صحافتنا واندثرت المواهب، ولم يعد هناك من ينتظره القارئ على احر من الجمر ليقرأ له باستغراق واستمتاع وانتفاع، ولنا في حال كتاب الرأي عبرة.. أكثرهم يفتقدون كل اسس قيادة الرأي، راي متحيز وموجه وثقافة محدودة أو منعدمة واسلوب فقير وتعبيرات تصل كثيراً الى حد الابتذال..انصرف عنهم القارئ بعدما اكتشف ان آراءاً تشبه آرائهم بل تتعداها مصداقية متاحة في المقاهي وعلى مقاعد (الميكروباصات) وتعج بها صفحات التواصل الاجتماعي .. اما عن الصحافة الأكترونية فالوضع لا يقل سوءاً..عشوائية في التعامل مع متغير كبير ظهرت ارهاصاته منذ سنوات طويلة..لم تخطط المؤسسات الصحفية للتغيير حتى تتمكن من قيادته، فقادها التغيير وفعل بها الأفاعيل.. فارق كبير بين أن يفرض عليك التغيير وبين ان تقوده.. كثير من الصحف تعاملت مع القارئ ( العميل) الألكتروني مثلما تتعامل مع قارئ الكلمة المطبوعة، لم تدرك ان الفوارق كبيرة بين الاثنين، رصد رجل مسن يقرأ صحيفة مطبوعة والتعمق في دراسة حالة شاب يتصفح الانترنت كفيل بان يكشف لنا فوارق لن تسعها هذه المساحة.. على الانترنت مساحات كبيرة وخيارات كبيرة يفقدها من يتعامل معها برؤية محدودة وفكر تقليدي وفشل مؤكد في اعادة تعريف الخدمة المقدمة سواء كانت صحفية او غير صحفية...( الاندبندنت) ستعالج مشكلتها المحدودة باحترافية وبخبرة سنوات طويلة وفكر مبدع.. أما صحافتنا فمرضها مستفحل وعلاجه معقد ومكلف ومتشابك..حتى ينصلح حالها وتجد علاجاً شاملاً فعالاً لمرضها ستظل هكذا..ممددة على جهاز تنفس صناعي.. Facebook: Elbarjal