أصبح مجلس النواب مثيرًا للجدل بعد أن وصل الأمر بين أعضائه إلى الضرب بالحذاء وتصفية الحسابات بداخله، ويبدو أن ذلك لن يتوقف بعد تقدم العديد ببطلان عضوية أعضاء آخرين بالمجلس. يبدو أن الجدل حول مجلس النواب المصرى الحالى لن يتوقف، فقد أصبح مجلساً مثيراً للجدل سواء فى جلساته التى تشهد أحداثاً وصلت إلى الضرب بالأحذية، أو فى تصفية الحسابات بداخله. ولكن هذه المرة يثار الجدل حول المجلس بسبب محكمة النقض، التى من المحتمل أن تصدر أحكاماً قبل نهاية مارس/آذار 2016، تهدد عضوية حوالى 100 نائب داخل البرلمان. إسقاط "سيد قراره" سابقة لأول مرة المستشار نور الدين علي، الفقيه الدستوري، يرى أن ما يحدث الآن من نظر محكمة النقض للطعون الانتخابية الخاصة بإجراء الانتخابات والفصل فيها، سابقة لم تحدث من قبل، وذلك رغم أن النص الدستورى المنوط بالأمر تم إدخاله فى الإعلان الدستورى بعد أن كان ضمن المواد التى تم الاستفتاء عليها فى 2011 عقب الثورة، وكذلك تم إدراجه فى دستور 2012 و2014. وأكد على فى تصريح ل"هافينجتون بوست عربي"، أنه فى عهد مبارك لم يكن يتم الحكم بإسقاط عضوية أى نائب رغم ما قد يكون قد حدث من شوائب تزوير وبلطجة فى العملية الانتخابية، حيث كان المنصوص عليه فى هذا الأمر هو إعداد محكمة النقض لتقرير حول تلك الوقائع، على أن يتم عرض هذا التقرير على المجلس نفسه، الذى كان دائماً ما يرفع شعار "سيد قراره"، ويرفض إسقاط عضوية النواب. وكان الدستور المصرى الصادر فى 1971 قد كرّس لمبدأ "المجلس سيد قراره"، ولكن هذا المبدأ تم إلغاؤه فى دستور 2012، المعدّل فى دستور 2014، حيث أصبح الحكم الفصل فى صحة العضوية من اختصاص محكمة النقض، وفقاً لنص المادة 87 من دستور 2012، المعدلة فى مادة 107 بدستور 2014. إجراءات الفصل وعن الإجراءات المنظمة للأمر أوضح الفقيه الدستورى أن المادة الدستورية حددت مدة لا تتجاوز 30 يوماً من إعلان النتيجة النهائية للانتخابات لتقديم الطعون، على أن يتم الفصل فيها بمحكمة النقض خلال 60 يوماً من تاريخ وروده إليها، وهو ما يعنى أن شهر مارس/آذار الجارى هو الحد الأقصى لنظر تلك الطعون، مشيراً إلى أن المحكمة لا تنظر إلا فى إجراءات صحة العضوية قبل إعلان النتيجة ولا علاقة لها بالإجراءات الطارئة التى تستجد على النائب بعد احتساب صحة عضويته، ولا علاقة لها أيضاً بشروط العضوية التى انتُخب النائب على أساسها. وعن أثر حكم محكمة النقض ببطلان العضوية، قال نور الدين علي: "إن محكمة النقض صاحبة سلطة تقديرية فى تنفيذ الحكم، سواءً بإعلان صحة عضوية الطرف الآخر، واكتساب الشخص المحكوم لصالحه صفة العضوية، وبطلان عضوية المحكوم ضده فى هذا الحكم، أو تقدر بأن المخالفات أثرت على كل المرشحين وتقرر إعادة الانتخابات بالكامل، وينتج الحكم أثره من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم، وليس من تاريخ إعلان النتيجة، أى أن النائب التى بطلت عضويته أعماله صحيحة، وكل ما حصل عليه يعتد به ولا يُحاسب عليه". طعون تشمل 100 نائب القضايا المنظورة أمام محكمة النقض لا تقتصر على قضية النائب أحمد مرتضى منصور، لكنها الأشهر حالياً بعد إعلان محامى خصمه فى الانتخابات الدكتور عمرو الشوبكي، عن رصد المحكمة لأرقام مغايرة بإعادة فرز الأوراق، وتغير النتيجة لصالح مرشحه، وتلك القضية هى واحدة من أصل 251 طعناً منظوراً أمام محكمة النقض، وفقاً لما أعلنته المحكمة، تخص أكثر من 100 نائب بالمجلس. ومن النواب المطعون فى عضويتهم الإعلامى سعيد حساسين المقدم بحقه 13 طعناً، وأحمد مرتضى منصور الذى أعلنت المحكمة يوم 15 مارس/آذار الجارى موعداً لإعلان الحكم بعد إعادة فرز أوراق الاقتراع بدائرته، وهناك عدد آخر من الطعون معظمها بدوائر محافظاتالقاهرة والدلتا. ولم تتوقف الطعون عند نواب من الدوائر الفردية، ولكن هناك طعون تخص قوائم "فى حب مصر"، التى استطاعت أن تحصد 120 مقعداً المخصصة للقوائم، ومن ضمن تلك الطعون الطعن المقدم من قائمة "نداء مصر" فى انتخابات الصعيد، وحددت محكمة النقض جلسة 19 مارس/آذار الجارى لنظر الطعن المقدم لإلغاء نتيجة فوز قائمة "فى حب مصر" بالانتخابات البرلمانية عن قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد، وعدد مقاعد تلك القائمة 45 مقعداً. ومن ضمن من وصل لعضوية البرلمان من خلال هذه القائمة، الدكتور على عبدالعال رئيس البرلمان، ومحمود الشريف وكيل المجلس، والإعلامى مصطفى بكري، وعماد جاد، وجميعهم ضمن الفئة المهددة عضويتهم بالسقوط. تصويت الأموات ورشاوى الفياجرا والورقة الدوارة وخلال العملية الانتخابية الأخيرة كثُر الحديث عن وجود تجاوزات ومخالفات حدثت قبل وأثناء العملية الانتخابية، حيث رصدت اللجنة العليا للانتخابات أكثر من 17 ألف مخالفة، وأعلنت عنها حينها، إلا أن الأمر أصبح أكثر وضوحاً فى الطعون المنظورة أمام محكمة النقض، التى كشفت الكثير من التجاوزات التى شابت العملية الانتخابية لبرلمان 2015. ووفقاً لما رصدته التقارير المنشورة فى العديد من وسائل الإعلام المصرية عن تلك الطعون المنتظر حسمها قبل نهاية الشهر الجاري، فإن من أبرز الاتهامات الموجهة للنواب فى هذه القضايا: توزيع مالٍ سياسي، وتوزيع أقراص "ترامادول" المخدرة وأقراص فياغرا المنشطة جنسياً، وتسويد البطاقات، ومخالفات فى الدعاية الانتخابية، وهناك أيضاً رصد لتصويت ناخبين توفوا قبل إجراء الانتخابات، ووجود الورقة الدوارة. ومن المخالفات التى وردت فى الطعون وجود أخطاء من قبل المشرفين على العملية الانتخابية، كما حدث فى انتخابات دائرة الدقى والعجوزة بالقضية الخاصة بالنائب أحمد مرتضى منصور، التى كان يرأسها المستشار ناجى شحاتة الشهير ب"قاضى الإعدامات بمصر"، وتم رصد المخالفات عن طريق إعادة فرز أوراق الاقتراع ومراجعة محاضر الفرز، حيث تسلمت محكمة النقض من اللجنة العليا للانتخابات أوراق ومحاضر الانتخابات فى عدد من الدوائر الانتخابية المطعون على نتيجة الانتخابات فيها، مع تحريات ومحاضر وتحقيقات النيابة العامة فى عدد من الشكاوى الانتخابية والجرائم المتعلقة بالانتخابات فى تلك الدوائر.