عدم وجود غطاء نقدي ضاعف من معدلات التضخم خبراء: التضخم يلتهم القيمة الحقيقية للجنيه في ظل نقص الدولار
ارتفعت حدة إصدار النقود من قبل البنك المركزي المصري عقب ثورة 25 يناير2011، واستمر حتى الآن؛ حيث سجلت أقل معدلات للطباعة عند حاجز 25 مليار جنيه، بينما بلغت أقصاه في عام 2013 عندما طبع البنك نحو 57 مليارًا. وبلغت حصيلة النقود المطبوعة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك وخلال حكم المجلس العسكري بنحو110 مليارات جنيه, فيما بلغت نحو 80 مليار جنيه في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين, ثم دفع المركزي بنحو 40 مليار جنيه مؤخرًا إلى السوق, لتصل إجمالي القيمة إلى 230 مليار جنيه. وصرح أشرف سالمان، وزير الاستثمار مؤخرًا بأن الحكومة توسعت في الاقتراض الداخلي من البنوك؛ لتنفيذ إجراءات خفض عجز الموازنة لأقل من 11.5 %، مما سيؤدى إلى مزاحمة القطاع الخاص ورفع الفائدة. وتابع: "احنا شغالين طبع فلوس وهذا ليس في صالح الاقتصاد، مشيرًا إلى أن مصر احتلت المركز 131 ضمن 189 دولة على مستوى العالم في تقرير بيئة الأعمال الذي أطلقه البنك الدولي عن عام 2016. وأضاف: "مصر لا تستطيع جذب استثمارات أجنبية واحتياطيها يكفى 3 شهور فقط, وأن المجلس التنسيقي للسياسات المالية والنقدية يستهدف من خلال برنامج الإصلاح الذي يجريه مع الحكومة الوصول بمعدلات التضخم بين 6 و8%، مقارنة بمعدل تضخم يتراوح بين 10 و12% خلال 2014/2015، ليكون في إطار مريح للبنك المركزي. فيما رد محافظ البنك المركزي طارق عامر على التخوف من طباعة النقود في حوار تلفزيوني مؤخرًا: "بنطبع فلوس لاستبدال القديم ووفقًا لمعدلات التضخم والنمو الاقتصادي". قال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي, إن معدلات طباعة النقود قبل 2010 كانت منخفضة جدًا بمقارنتها بما حدث بعد ذلك, ثم المبالغة فيه في عام 2015. وأضاف ل"المصريون" أن الضامن الوحيد لطباعة النقود هو وجود أصول تمكن البنك المركزي من طبع النقود المحلية, متمثلة في مقدار الاحتفاظ بالذهب وحجم الدولار الموجود في الاحتياطي الأجنبي والأذون المعتبرة وهي أذون الخزانة الأمريكية وغيرها من الأصول الأخرى مادون ذلك فإن طباعة النقود تمثل زيادة التضخم وخلق سوق غير حقيقية. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن طباعة النقود التي تمت خلال الفترة الأخيرة كانت بدون غطاء أو حتى إنتاج حقيقي, ومن ثم فإن حجم النقود سوف يرتفع لدى الأفراد لكن قيمته الحقيقية ستتراجع بشكل كبير، مما تنعدم الفائدة من زيادة الكاش في السوق للأفراد والشركات. وتابع: "زيادة الأموال دون غطاء سوف تنعكس بضغوط تضخمية على الاقتصاد ومن ثم ستؤثر بالسلب على الاستثمار الداخلي ومستوى النشاط بعد زيادة الأسعار على المدى البعيد مع الكساد سيتسبب في إغلاق المصانع وزيادة البطالة وهو ما يسمى بالكساد التضخمي وهو أخطر أنواع أمراض الاقتصاد, وزيادة النقود المطبوعة ستزيد من هذا المرض. ولفت إلى أن طباعة الأموال لا تعني تبديل القديم بالجديد بحسب محافظ البنك المركزي, فإن هذا يسمي استبدالاً, لكن هناك العديد من الأرقام التي توضح صافي النقد المطبوع. ومن جانبه، يقول إيهاب جنينة، رئيس قسم البحوث بشركة بلتون لتداول الأوراق المالية, إن الحكومة المصرية تقوم بطبع النقود الورقية منذ عامين، بالإضافة إلى أنها تقترض بسعر 9% ومن ناحية أخرى قامت بالصرف بشكل مفرط في قناة السويس وبعض المشاريع الكبرى. وأضاف أن نتيجة لسياسات الحكومة ارتفعت أسعار الأصول لا سيما المتعلقة بالقطاع البنكي، بالإضافة إلى أسعار الأراضي. وأوضح أنه في 2007 و2008 بلغت حجم الأموال السائلة في البنك المركزي نحو 200 مليار جنيه فائض سيولة, وذلك كان نتيجة لدخول كميات كبيرة من الدولار عبر الصادرات والاستثمارات والسياحة، وغيرها من مصادر النقد الأجنبي, لكن بعد 2011 خرجت الأموال من مصر وتراجعت إيرادات السياحة، مما أدى إلى انخفاض فائض السيولة لدى البنك المركزي وهذا مسار طبيعي, لافتًا إلى أن الغريب هو أن يكون لدى مصر فائض سيولة بالجنيه دون أن يكون لديها سيولة دولارية, وهذا يرجع إلى اتجاه البنك المركزي لطبع نقود بالجنيه دون أن يكون له غطاء من الدولار. وتابع: "حدث نمو في الودائع لدى البنوك المصرية بنسبة 30% خلال السنوات الثلاثة الأخيرة دون أن يكون هناك دولارات تقابلها وهذا ناتج من قيام الحكومة بزيادة حجم السيولة وبالتالي زيادة عجز الموازنة". وأشار إلى أن نتيجة زيادة المعروض من الجنيه المصري حوّل مصر إلى سوقين أحدهما يعمل بالجنيه بشكل جيد والآخر يعاني من نقص الدولار، وبالتالي فإن السوق المصري أصبح غير حقيقي بسبب تضخيمه من قبل الحكومة بطبع الأموال, ومن ثم فإن ذلك ينعكس على الشركات بالإيجاب لكنه يتسبب في معاناة الأفراد. واستطرد: "إجمالي حقوق المساهمين لنحو 40 بنكًا في مصر بلغت نحو 70 مليار جنيه في 2005, وفي 2010 بلغت 94 مليار جنيه، بزيادة طبيعية 24 مليارًا, فإذا نظرنا للبنك التجاري الدولي نجد أنه حقق في2011 و2012 و2013 أرباحًا بمعدل 2 مليار جنيه ارتفعت في 2014 و2015 لتصل إلى 5 مليارات جنيه نتيجة لطباعة فلوس جديدة من قبل المركزي، مما جعل قطاع البنوك في أزهي عصوره، مما دفع الحكومة للاتجاه لطرح بعضها في البورصة.