جاءت الانتهاكات المتوالية لوزارة الداخلية وتحديدًا أمناء الشرطة بحق المواطنين، كصفارة إنذار للرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى يتخذ قرارًا حاسمًا ينهى الأزمة من أساسها لاسيما وأن حالة من الغضب سيطرت على الشارع المصرى بعد تكرر اعتداءات مندوبى الداخلية خلال أقل من شهر، مما وضع مؤسسة الرئاسة فى موقف حرج أمام الشعب وبعض النواب الذين طالبوا بإقالة وزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار متهمينه بالمسئولية عن تلك الانتهاكات. وكان السيسى اجتمع مع وزير الداخلية بشكل مفاجئ، ظهر اليوم، بشرم الشيخ، وشدد الرئيس خلال اللقاء على ضرورة محاسبة مرتكبى التصرفات التى وصفها ب"غير المسئولة"، من قِبل أفراد الشرطة ومواجهتها ووقفها بشكل رادع. وأكد السيسى، أن السلطات الممنوحة لبعض أعضاء الجهات الأمنية تعنى فى المقام الأول تمكينهم من الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين. كما وجه "السيسي" بعرض بعض التعديلات التشريعية على مجلس النواب، خلال 15 يومًا، والتى تكفل محاسبة كل من يتجاوز فى حق المواطنين. ورأى هيثم الحريرى النائب البرلماني، أنه يوجد قصور فى تطبيق القانون على المخطئين وخاصة ضباط الداخلية، مشيرًا إلى أن عملية تطبيق القانون عملية انتقائية. وتابع النائب البرلمانى ل"المصريون"، "مصر يوجد بها ترسانة من القوانين التى لا يتم تطبيقها إلا على الطرف الضعيف دائمًا"، مشددًا على ضرورة وجود إرادة سياسية لمحاسبة المخطئين مهما كان صفتهم. وتعليقًا على توجيه السيسى لوزير الداخلية بتشريعات لعرضها على البرلمان خلال 15 يومًا، أضاف: "لا أعتقد أن جرائم القتل ستنتظر 15 يومًا لكى يُسن قانونًا"، مؤكدًا أن الدولة فى احتياج لإجراءات رادعة وهو أن وزير الداخلية الحالى غير قدير على إصلاح أفراد وزارة الداخلية، بالتالى إقالته أصبحت أمرًا واجبًا وضروريًا. وحول دور البرلمان، أوضح الحريري، أن دور البرلمان دور رقابى وتشريعى، والاثنين متوقفين لحين عمل اللائحة الداخلية وتشكيل حكومة وهو ما سيتقرر خلال شهر، متسائلا: هل سننتظر حتى تقوم ثورة خلال شهر، وهل نتحمل الغضب الشعبي، لماذا لا تكون هناك إجراءات رادعة الآن و فورا دون أن نقذف بالكورة إلى ملعب مجلس النواب؟، مؤكدًا أن من عليه اتخاذ القرارات الآن هو رئيس السلطة التنفيذية. وكان المئات من أهالى الدرب الأحمر تجمهروا فى ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس، أمام مديرية أمن القاهرة، احتجاجًا على مقتل سائق سيارة أجرة على يد أمين شرطة، وبالتزامن مع تجمهر المواطنين فى القاهرة، نظم عدد من أهالى مركز أبنوب وقفة احتجاجية أمام محكمة أبنوب، وذلك احتجاجًا على واقعة تعدى أحد الضباط، ومخبر شرطة خلال دورية أمنية، على سائق "توك توك" بعد مشادة بينهما. وتأتى الواقعتان بعد سلسلة من الاعتداءات أثارت الرأى العام كان آخرها ما شهدته مستشفى المطرية من اعتداء لأمناء شرطة على طبيبين أثناء عملهما ما تسبب فى ثورة غضب عارمة على الداخلية من جانب نقابة الأطباء. وفى محافظة الغربية، بمجمع محاكم بسيون، امتنع عشرات المحامين قبل أيام، من حضور جلسات المحاكم احتجاجا على اعتداء أحد أفراد الشرطة على محام بالضرب ما أدى لإصابته بجرح قطعى و كدمات بالوجه. وطالب اللواء عبد السلام شحاتة الخبير الأمني، بإقالة وزير الداخلية وتغيير النظام السياسى للوزارة، لافتا إلى أن هذا النظام سوف يؤدى إلى تفاقم الأزمة بين النظام الحالى والشعب والذى خرج فى ثورة 25يناير بسبب انتهاكات الداخلية فى عهد الرئيس المخلوع "حسنى مبارك". وأوضح عبد السلام، أن النظام الداخلى لوزارة الداخلية يُعلم ويُربى الضباط واللواءات والأمناء وجميع العاملين بالوزارة على كيفية انتهاك حقوق المواطن البسيط، محذرًا من هذه الانتهاكات ستصنع ثورة جديدة سيكون البطل فيها "الداخلية" بحسب تعبيره. ومن جانبه شدد عمرو عبد السلام الخبير الدستوري، على ضرورة سن تشريعات قانونية حقيقية تهدف إلى تغليظ العقوبات على الجرائم التى يرتكبها أفراد الشرطة وتعديل قانون هيئة الشرطة بإحالة أفراد الشرطة للقضاء العسكري. ورأى الخبير الدستوري، أن انتهاكات أظهرت فى الفترة الأخيرة أن الداخلية ضد الشعب بجميع مؤسساتها، أكدت أن العدالة فى غرفة الإنعاش كما أن القانون فى حاله غياب تام. وأكد عبد السلام، أن الداخلية عادت لسيرتها الأولى قبل 25يناير والتى بدأت فى انتهاكات أيام مبارك والعادلى، وبالتالى هذا يؤكد أن "الداخلية بتنتقم من الشعب "، داعيًا النظام لتعديل قانون هيئة الشرطة بحيث تتبع الشرطة ذات الإجراءات التى تتبعها الهيئات القضائية فى أعمال التفتيش على أعضائها، ويتم أنشاء مكتب فنى بوزارة الداخلية، يكون من سلطته التحقيق فى المخالفات والجرائم التى تقع من أفراد الشرطة، ويمتلك التوصية بإيقاف المخالف أو حرمانه من الترقية أو فصله من العمل إذا ثبتت المخالفة. وتساءل الخبير الدستوري، لماذا لم يطبق نظام معاون الضبط داخل أقسام الشرطية، الذى كان معمولًاً به فى مصر قبل عام 1952، وتطبيق هذا النظام يتطلب الاستعانة بعدد كبير من خريجى كليات الحقوق والمحامين المشتغلين بعد حصولهم على دورة تدريبية أو أكثر فى أعمال وزارة الداخلية، ويختصون بتلقى وتحقيق شكاوى المواطنين داخل أقسام الشرطة، فى مقابل يتفرغ ضباط الشرطة للأعمال الشرطية والبحث الجنائى فقط، ونقل أعمال إدارات الأحوال المدنية والجوازات والسفر إلى وزارة أخرى غير وزارة الداخلية، كوزارة التنمية الإدارية على سبيل المثال، مما يوفر عددًا كبيرًا من أفراد الشرطة يؤدى إلى تخفيف ضغط العمل عليهم خلال الفترة المقبلة . وطالب عبد السلام، بتفعيل دور الأجهزة الرقابية، ومنظمات المجتمع المدنى والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وتفعيل آليات المحاسبة الجنائية والإدارية للضباط، ومحاكمة المسئولين عن استخدام العنف، وإقرار قانون لمكافحة التعذيب، والتعامل مع منظمات المجتمع المدنى فى هذا الشأن بجدية، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية.