قامت إيران منذ منتصف التسعينيات بتشكيل مجموعة ضغط "لوبي" في واشنطن من أجل حشد الدعم لمصالح نظامها الحاكم، بناء على قراءة تستند إلى فهم تراتبية القرار داخل نظام أعظم دولة في العالم، تتحكم بمقدرات الاقتصاد والسياسة الدوليين، وبالأخذ بنظر الاعتبار ارتفاع وتيرة الصراع في المنطقة التي يتوقع أن يكون دورها محورياً في العقود القادمة حيث سيتشكل عالم متعدد الأقطاب، ستأخذ دول محورية في الشرق الأوسط دوراً فيه، لذلك تسعى دول مثل إيران وتركيا لحجز مواقع متقدمة في هذه المنظومة، باستخدام كافة السبل والوسائل. واللوبي الإيراني، الذي يعمل منذ عهد رفسنجاني، تعاظم دوره في عهد خاتمي؛ وخف بعض الشيء في عهد أحمدي نجاد، إلا أنه استعاد دوره مجدداً بعد وصول روحاني إلى السلطة منذ يونيو/ حزيران من العام 2013. وطالب روحاني خلال زيارته الأولى للولايات المتحدة كرئيس لإيران، الجالية الإيرانية المؤيدة للنظام أن تقوم بدور وطني، وتشكل مجموعات ضغط فعالة للتأثير على الرأي العام الأمريكي لمصلحة إيران. ويتركز وجود اللوبي الإيراني بقوة في مراكز الأبحاث والمؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى مواقع صنع القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويعمل من خلال مؤسسات غير حكومية ومنظمات سياسية ومدنية، وشركات تجارية لها مصالح اقتصادية مشتركة مع النظام الإيراني. ولا يمثل اللوبي أي جهات رسمية في طهران، ولكنه يعمل وفق مجموعات ومنظمات تنشط تحت عناوين منظمات حقوقية، ومجموعات مناهضة للحرب والتيارات التي تطالب بإعادة العلاقات مع إيران تحت شعار السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. - ما هو اللوبي "اللوبي" هو مجموعة ضغط سياسي واقتصادي واجتماعي وإعلامي، تعمل للتأثير على قرارات الدول المعنية، والرأي العام فيها، وتقديم الدعم المادي والمعنوي والفكري للجهة التي تمثل مصالح اللوبي، سواء الاقتصادية أو الفكرية أو الاجتماعية. وتعمل جماعة اللوبي في البلد القاطنة فيه على المستوى السياسي والاقتصادي والفكري وغيره، وفق خطة دقيقة ومحكمة، وعبر تخطيط شامل، أسلوباً ومنهجاً، يتزامن مع مراحل تنفيذ الأهداف المرسومة. ويفضل أعضاء "اللوبي" العمل بعيداً عن الأضواء، إلا في حالات تفرض عليه الضرورة برفع الستار، ويعود تحاشي الأضواء للرغبة في تجنب صدام مباشر مع الغير، مما يهيئ له مناخاً مناسباً لتوزيع أدوات العمل توزيعاً دقيقاً على أوكاره وأدواته، كما أنه يعتمد في ميادين العمل على توفر المال في المكان الذي يعشش فيه، لهذا فإن اللوبي غالباً ما يضم كبار الأثرياء للاستحواذ على قسط كبير من الدعم المادي. - كيف يعمل لوبي إيران يبلغ عدد الإيرانيين المقيمين حالياً في الولاياتالمتحدة أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، 50% منهم على الأقل ولدوا بها، وتصل ثروات الإيرانيين إلى 400 مليار دولار، بحسب ما ذكر مركز "كارينغي للدراسات". ويتكون من مجموعتين؛ الأولى تعمل في أجهزة الإعلام الأمريكية ومنظمات بحثية، ويتركز نشاط هذه المجموعة أيضاً على الكونغرس الأمريكي، ولها درجات مختلفة من الارتباط بطهران. أما المجموعة الثانية فهي مرتبطة "بصناعة النفط"، واستطاعت أن تخلق مصالح مؤثرة إلى درجة أصبح لها "منافع مالية لها أولوية على المصالح الوطنية الأمريكية". بهذا الخصوص، يقول السياسي الإيراني حسن ديوليسلام، في حديث صحفي له مع موقع "فرونت بيج" الأمريكي، إن صادق خارازي، نائب وزير الخارجية الإيراني السابق (1997-2003) الذي عاش في الولايات المتّحدة بين 1989 و1996، يعتبر مصمم هذا اللوبي. وبرز دور المجلس الوطني الأمريكي الإيراني (إن آي إي سي)، الذي أسسه الباحث الأمريكي الإيراني الأصل "تريتا بارسي"، في تسويق أن حل أزمات الشرق الأوسط السياسية لا يكمن في حل القضية الفلسطينية فقط، بل يعتمد بشكل أكبر على "إيجاد التوافق بين طهران وتل أبيب"، وفي استضافة شخصيات رسمية أمريكية لتقريب وجهات النظر بين أمريكاوإيران.