اتفاقية جديدة مكملة ل«المبادئ» وسد النهضة يدخل مرحلة حرجة وقع وزراء خارجية دول مصر والسودان وإثيوبيا اليوم على "وثيقة الخرطوم" التي تنص على الالتزام الكامل بوثيقة "إعلان المبادئ" التي وقع عليها رؤساء الدول الثلاث في مارس الماضي بالخرطوم، وتحديد مدة زمنية لتنفيذ دراسات سد النهضة في مدة تتراوح ما بين 8 أشهر إلى عام، واختيار شركة "ارتيليا" الفرنسية لمشارك مكتب "بي أر ال" الفرنسي للقيام بهذه الدراسات. ووافق الوزراء الثلاثة، على عقد جولة جديدة من المباحثات في الأسبوع الأول من فبراير القادم، يشارك فيها وزراء الخارجية والري بهدف استكمال بناء الثقة بين الدول الثلاث، مع توجيه الدعوة للبرلمانيين والإعلاميين والدبلوماسية الشعبية لتفقد موقع السد في إطار بناء الثقة بين الدول الثلاث. وطبقًا للنصوص الاتفاقية الجديدة، فإنه تم إقصاء المكتب الهولندي من الدراسات الفنية، وإسناد مهامه إلي مكتب فرنسي أخر بخلاف المكتب الفرنسي الموجود، لتُصبح جميع الدراسات الفنية المختصة بالسد في فرنسا، إضافة إلي ذلك، فإنه تم الاتفاق علي تنظيم رحلات ميدانية دورية لمتابعة عملية البناء في السد. وتدخل الأزمة بين إثيوبيا ومصر عامها الرابع، بعد إصرار إثيوبيا علي إنشاء سد النهضة بسعة تخزينية حددتها سابقًا ولم تتراجع عنها، وهو ما تعتبره مصر تحديًا لها وإضرارًا بأمنها القومي. وطبقًا لمصادر داخل اللجنة المفاوضة، قالت ل "المصريون"، فإن المفاوضات الفنية بين الدول الثلاث "لم تحرز تقدمًا واضحًا"، بعد أن أصرت إثيوبيا على حصتها التخزينية التي حددتها سابقًا دون تنازل، موضحة أن المفاوضات الجارية تأخذ منحنى قد يكون الأخير في الشوط التفاوضي الذي قطعته القاهرة صوب سد النهضة الإثيوبي. وأضافت، أن جدلاً دار في اليوم الأول والثاني للاجتماع السداسي، حول تفسير تنفيذ البند الرابع في إعلان المبادئ، وهو ماتسبب في عدم حسم المفاوضات، حيث إن هذا البند ينص على مبدأ الاستخدام المنصف والعادل للمياه. وقالت مصر إن هذا البند لن يتحقق في ظل بناء السد الإثيوبي بهذه السعة التخزينية، فيما تمسكت إثيوبيا بموقفها وقالت أن هذا البند خاص باستخدام المياه الموجودة وليس الواردة. وحولت إثيوبيا يوم السبت الماضي، مجرى النيل ليمر عبر سد النهضة للمرة الأولى، وذلك بعد الانتهاء من إنشاء أول 4 مداخل للمياه وتركيب مولدين للكهرباء. ويتهم خبراء مصريون، الحكومة، بالتورط في التوقيع علي على اتفاقية المبادئ مع إثيوبيا في مارس الماضي بالخرطوم، والتي تعني ضمنيًا الموافقة على استكمال إجراءات بناء السد مع إقامة دراسات فنية لحماية الحصص المائية. وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة والري بجامعة القاهرة، إن "إثيوبيا لاتدرك عواقب ما هيّ مقدمة عليه وتظن أن الاستئثار بمياه النيل سيمر علي خير ويبدوا أنها لا تعرف الشعب المصري". وانتقد نور الدين، ما حدث في المفاوضات الفنية على مدار يومين، قائلاً: "اتفقوا على المكتب الفرنسي الموالي لإثيوبيا منفردا ليقوم بالدراسات، وتقريره غير ملزم لأي طرف أما الحديث عن المياه ففي علم الغيب وسنترك إثيوبيا لضميرها لتعطينا ماتجود به علينا منها". من جانبه، قال الدكتور أحمد الشناوي، خبير السدود بالأمم المتحدة، إن هناك ضعفًا في الإدارة المصرية انعكست علي أداء المفاوض المصري خلال جلسات التفاوض، معتبرًا أن مايحدث هو في حقيقته "مضيعة للوقت". وطالب الشناوي، بعدم استكمال المفاوضات الفنية والاتجاه إلى تدويل القضية لمحاولة "حفظ ماء الوجه"، واصفًا ما حدث بالنكسة الثانية وخصوصا في ظل ضعف القيادة على اتخاذ قرار يحمي المصريين من خطر عظيم. وأضاف "مصر ستتعرض لكوارث حقيقية جراء بناء السد الإثيوبي لعل أقلها ضررًا هو تحويل مجرى نهر النيل إلي بلاد أخرى، أو تغرق محافظات بأكملها في حالة حدوث أي خلل بالسد الإثيوبي". وتنص الاتفاقية المكملة لاتفاقية المبادئ، علي عقد اجتماع فني في 3يناير القادم، ورفع تقريره للوزراء في اجتماع سداسي آخر في أول فبراير، كما تلزم إثيوبيا باحترام نتائج الدراسات الفنية، واستكمال المشاورات المتعلقة بآلية تنفيذ بنود اتفاق إعلان المبادئ، إضافة إلي ذلك فإنه سيتم التوقيع على عقد الأعمال الاستشارية في الأول من فبراير 2016 في الخرطوم وانتهاء الدراسات خلال 8شهور.