قال المحلل الروسي ألكساندر شوميلين, إن موسكو لو كانت تنوي التدخل بمفردها لضرب مواقع الجماعات الإرهابية في مصر, لما دعت لتشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب. وأضاف شوميلين في تصريحات ل"الجزيرة" أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سينفذ تهديداته بملاحقة الإرهابيين أينما كانوا، ولكن ليس بالطريقة التي فسرها البعض، بمعنى انتهاك سيادة الدول, والحديث هنا يدور عن مصر. وأضاف أن روسيا تهتم بالجوانب القانونية, فحتى تدخلها العسكري في سوريا, تم بموافقة نظام الرئيس بشار الأسد, بالرغم من أن سوريا تشهد حالة من الفوضى. وتابع شوميلين, وهو رئيس معهد أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بموسكو, أن مصر ليست دولة هامشية, كما أن روسيا طالما انتقدت انتهاك الولاياتالمتحدة لسيادة الدول، وبالتالي، فهي لن تتصرف بهذه الطريقة, لا سيما أنها حريصة على علاقاتها القوية بالقاهرة على المستويين الرسمي والشعبي. واستطرد " الحالة الراهنة في مصر أيضا لا ينطبق عليها مثل هذا التهديد، لأنها لا تأوي الإرهاب, وإنما تحاربه بقوة، وهي متعاونة مع روسيا، كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس بوتين وأكد تضامن القاهرة مع موسكو واستعدادها للدخول في تحالف دولي لمكافحة الإرهاب, كانت موسكو قد دعت لتشكيله". وأثارت تهديدات موسكو بملاحقة المتورطين بإسقاط طائرتها تساؤلات عن المدى الذي قد تذهبت إليه روسيا عسكريا وإمكانية أن تستهدف مواقع في سيناء. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توعد في 17 نوفمبر بملاحقة من يقفون خلف حادث إسقاط طائرة الركاب فوق سيناء أينما كانوا، مؤكدا أن موسكو ستتصرف وفقا للمادة 51 من الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة . وأضاف "سنتعقبهم أينما كانوا وسنجلبهم فردا فردا من أي بقعة من بقاع الأرض، وعلينا أن نزيد من وتيرة الضربات الجوية لمواقع الإرهاب في سوريا". وجاءت هذه التصريحات عقب انتهاء التحقيقات بشأن الطائرة الروسية المنكوبة، وإعلان موسكو أنها أسقطت بفعل عبوة ناسفة . ويقول خبراء قانونيون إن المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، تجيز للدول التحرك بشكل منفرد أو جماعي لمكافحة الإرهاب بالاستناد إلى حق الدفاع عن النفس في حالة التعرض لهجمات إرهابية، ولكن المشكلة تكمن في أن هذه المادة يمكن تفسيرها بطرق مختلفة. وكانت مجلة "دابق" الإلكترونية التابعة لتنظيم الدولة " داعش" نشرت في 18 نوفمبر صورة قالت إنها للقنبلة بدائية الصنع التي تم بها إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء . وحسب "رويترز", ظهر في الصورة عبوة مياه غازية وبجوارها ما يبدو أنه جهاز تفجير ومفتاح، كما نشرت صورة تضمنت جوازات سفر تخص ضحايا من المسافرين الروس, حصل عليها التننظيم. وقال التنظيم إنه تمكن من تهريب القنبلة إلى الطائرة الروسية من خلال ثغرة أمنية في مطار شرم الشيخ، مضيفا أنه خطط في البداية لإسقاط طائرة غربية فوق سيناء، وتحولت إلى هدف روسي بعدما بدأت روسيا الضربات في سوريا. وفي تبريره لتفجير الطائرة التي خلف سقوطها 224 قتيلا، أشار التنظيم إلى أنه "يريد أن يري الروس وحلفاءهم أن لا مكان آمنا في أرض المسلمين وسمائهم، وأن قتل طائراتهم للعشرات يوميا في الشام لن يجلب عليهم سوى المصائب، وأنهم سيُقتلون كما يَقتلون", على حد قوله. وأعلنت موسكو في 17 نوفمبر أن قنبلة وراء تحطم الطائرة الروسية التى انشطرت في الجو بعد 23 دقيقة من اقلاعها من مطار شرم الشيخ في طريقها إلى سان بطرسبورغ. وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتكثيف حملة القصف الجوي في سوريا ردا على تفجير الطائرة، فيما أعلنت وكالة الأمن القومي الروسية عن مكافأة بقيمة خمسين مليون دولار (47 مليون يورو) لقاء أي معلومات تؤدي إلى القبض على المسؤولين عن تفجير الطائرة. وبعد أيام على تحطم الطائرة، علقت روسيا كل الرحلات إلى مصر ومنعت شركة مصر للطيران من القيام برحلات إلى روسيا. وأعلنت مصر في 17 نوفمبر تعزيز إجراءات الأمن في مطاراتها, بما فيها التعاون مع خبراء من بلدان وممثلي شركات الطيران لضمان "أقصى مستوى من الأمن". وانتقد المحامي المصري ناصر أمين عضو المجلس القومي لحقوق الانسان، ما صرح به بوتين، حول اعتماده على نص المادة "51 " من ميثاق الأممالمتحدة, للبحث عن الجناة المتورطين في إسقاط الطائرة الروسية داخل سيناء. وفي تدوينة له علي موقع "تويتر" في 18 نوفمبر , قال بوتين :"إعلان روسيا استخدام المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة بشأن استهداف طائرتها فى سيناء تصريح كارثى". وتابع "المادة 51 من الميثاق تتيح حق التدخلات العسكرية الفردية أو المتعددة لحين صدور قرار من مجلس الأمن بشان اتخاذ قرار متصرفا بموجب الفصل السابع". وطالب أمين بتحرك الدبلوماسية المصرية, قائلا :"على الدبلوماسية المصرية التحرك فى أسرع وقت للرد على هذا التصريح. الامر خطير وغير مقبول الصمت امامه.. الصمت على حق روسيا فى استخدام الماده 51 من ميثاق الأممالمتحدة .جريمة لا يجب التضليل عليها". وكانت الطائرة الروسية المنكوبة -وهي من طراز إيرباص 321- تحطمت في سيناء في 31 أكتوبر الماضي بعد دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ، وتبنى تنظيم الدولة إسقاطها، وهو ما رجحته عواصم غربية, قبل أن تؤكد روسيا فرضية العمل الإرهابي.