مع بداية التوجه المصرى صوب روسيا بعد 30 يونيو 2013، محاكاة للتجربة الناصرية، وما تصوره الكثيرون، ومازالوا !!، أنها خطوة مصرية على طريق كسر التبعية والغرور الأمريكى، كتبت وقتها مُذِّكِراً بدعاء المصريين للحاج "محمد هتلر" أثناء معركة العلمين، نوفمبر 1942، ذلك الصالح النبيل الذى سيخلصهم من الانجليز الكفرة المحتلين! وتحدثت عن بديهية أنه لا صديق دائم ولا عدو دائم فى العلاقات السياسية بين الدول، ولكنها مصالح دائمة كما قال تشرشل !! ولكن كالعادة، هى الفكرة، أو الطريقة، التى لم تعتدها مصر، حكومة وشعباً، ومنذ حرب الكويت بداية تسعينيات القرن الماضى، أعنى أن كل شئ بمقابل فى دنيا السياسة الدولية، ومنه أن ما يحدث الآن لا يعدو عن كونه تقسيماً للكعكة الشهية .. مصر لنا مقابل مصالحكم فى سوريا، وتصويتكم مستقبلاً لضم الجولان لإسرائيل التى ستحصل عليها بالقانون الدولى العام حال موت الدولة السورية، كما كتبت من قبل تحت عنوان "قبل نكبة جديدة .. الجولان إسرائيلية"، ولعلنا لاحظنا أن روسيا نسقت مع الكيان الإسرائيلى اللقيط لاقتسام المجال الجوى السورى قبل تدخلها فى سوريا !! أيضا سنرفع أيدينا عن أوكرانيا وشرق أوروبا، التى يؤمن الغرب أن من يمكنه السيطرة عليها سيمكنه السيطرة على العالم حسب نظرية "قلب الأرض" التى صاغها الجغرافى الإنجليزى الشهير "هالفورد ماكندرHalford Mackinder" عام 1904، وتنبأ فيها بإنتقال السيطرة على العالم من القوى البحرية العظمى وقتها، إنجلترا وفرنسا، إلى القوى البرية، ألمانيا والاتحاد السوفيتى وقتها، وهى تلك التى دفعت "هتلر" الى إشعال الحرب العالمية الثانية. أيضاً، سنمنع تركيا عن أية مضايقات فى مضيقى البسفور والدردنيل، منفذ روسيا للمياه الدافئة .. مما، ربما، يعنى أن روسيا تدخلت فى سوريا لرفع الضغط الغربى عن موضوع أوكرانيا، والغرب يعلم ذلك جيداً، وسيمنحها ما تريد حتى لا تعرقل إمدادات الغاز عبر سوريا، خاصة خط الغاز السعودى والقطرى، والقطرى هذا هو أحد أهم أسباب التدخل الروسى فى سوريا وهو نفسه أحد أهم أسباب إعتراض أوروبا والأمريكيين على التدخل الروسى فى سوريا. إذاً روسيا، شأنها شأن الجميع أشقاء أو أصدقاء، ليست حليفاً لنا أبداً كما توهم البعض، أو كما حاول البعض أن يوهمنا، وعن نفسى قلت وكتبت ذلك مراراً محذراً، حسب رأيى المتواضع، من سياسة " شغل العوازل" التى إتبعتها مصر مع الولاياتالمتحدة بمغازلة "الحسناء الروسية", والتى انقرضت بعد تحلل الإتحاد السوفيتى وتحول العالم الى نسق القطب الواحد، وكيف أنها، لسذاجتها، تثير ضحك الطرفين الروسى والأمريكى، وكيف أن الروس سيبيعون مصر عند أول مفترق طرق كعادتهم، حتى مسألة شراء السلاح الروسى، الغير مجدية، على حد تصورى غير المتخصص، على المدى القصير مع ثقافة الجيش المصرى الامريكية تسليحاً وتدريباً بعد حرب أكتوبر 1973، وربما كان الأولى، إثباتاً لحسن نية "القيصر"، هو تنسيق إمداد مصر بقطع غيار ترسانة الأسلحة الروسية التى تمتلئ منها المخازن المصرية، وتطويرها وزيادة مستوى تدريعها خاصة الدبابات والمدرعات، قبل أن تتحول إلى خردة. الشاهد، أن الأمور تتجه الى ما خشيناه من البداية، ومع التدهور المستمر فى صحة العلاقات "المصرية الروسية"، و"المصرية الغربية"، ومنع الطائرات المصرية من المطارات الروسية، وإجلاء الأجانب، أو فرارهم من مصر بهذه السرعة الغريبة المريبة، بريطانيا ثم روسيا، وستتبعهما، حسب توقعى، الولاياتالمتحدة وأوروبا فى التوقيت المناسب بالتوالى عندما تسمح طاقة المطارات المصرية، أو لتجديد إثارة الرعب، كما لو كانت حالة حرب أهلية !! وفى المقابل تعافى صحة العلاقات "الروسية الإيرانية"، و"الروسية السعودية. فجميعه معناه الوحيد .. الوحيد .. أن ثمة شئ ما يدبر للوطن، شئ لم نعتده من قبل وربما لن تكون لنا عليه قدرة كما يخططون، ويمكرون والله خير الماكرين .. إنهم، جميعاً، يهيئون الأجواء المصرية، داخلياً وخارجياً، لكارثة ضخمة توقف خيالى المتواضع عن تصور طبيعتها، ربما هى تلك التى لمح اليها السفير البريطانى فى تغريدته بتعبير "انتظروا خبر حلو" .. أظنه لم يأت بعد !! إنه أمر دُبِّر بليل، أتمنى الا يغفل عنه صاحب القرار المصرى، فلا حلفاء يمكن الإرتكان إليهم إذا دعت المصالح، وقد دعت بالفعل .. وعاش الحاج "فلاديمير بوتين"، أو "عبد الأمير أبو التين".. كما إكتشف أحد المساطيل !! ضمير مستتر مسكين من يطبخ الفاس ويريد مرق من حديده مسكين من يعاشر الناس ويريد من لا يريده ابن عروس