هاجم الكاتب والسيناريست وحيد حامد، إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية عن وقوف "داعش" وراء حادث الطائرة الروسية؟، قائلًا: "أكاد أصدق السيد أوباما عندما يسبق كل التحقيقات الجارية حول سقوط الطائرة الروسية ويعلن أنها سقطت بفعل قنبلة.. فالرجل هو الراعى الرسمى لإرهاب داعش وغيرها، ومن غير المستبعد أن تكون القنبلة صناعة أمريكية". وكان نص مقال "حامد" في صحيفة "المصرى اليوم"، بعنوان "أخاف عليك يا وطنى": تلاحقنا الصدمات وتتوالى، حتى إننا لا نكاد نفيق من صدمة حتى تلحق بنا الأخرى.. وتحل بنا النكبات مراراً وتكراراً وبنفس الطريقة ولنفس الأسباب، ونحن لا نتعلم أو حتى نأخذ بمبدأ الحيطة أو الحذر.. وإنما نعود إلى ما كنا عليه من بلادة وغفلة، وهذا كله بسبب دولة الموظفين التى فسدت وتعفنت وأصبحت كريهة الشكل والرائحة، وهذا كله بسبب الفساد الذى أصبح هو القاعدة والطهارة هى الاستثناء، والذى لم يسلم منه إلا الندرة من هذا العالم القبيح والعفن، بداية من الخفير إلى الوزير وما بينهما من درجات ووظائف يسرى الفساد فى هذا الجسد المترهل والبليد سريان الدم فى الشرايين.. فى هذا الكيان تحول البشر إلى مخلوقات أخرى.. خراتيت ربما.. عجول بحر ربما.. كائنات رخوية بطيئة الإحساس بليدة الحركة. زخات المطر تفضحنا وتكشف عجزنا وفساد ضمائرنا.. وحوادث الطرق تحصد الأرواح ومعها المبانى المنهارة والحرائق المدبرة.. نتعامل مع الإهمال تعامل الأصدقاء.. وتنهار تماماً المنظومة الأخلاقية ولتى كانت تشكل خصائص المجتمع المصرى فى زمن تفوقه وازدهاره، زمن عزة النفس والكبرياء المحمود والطموح المشروع.. زمن الكلمة الطيبة والروح المرحة.. زمن الحلال لا زمن الحرام.. زمن الأمل لا زمن اليأس.. زمن الاعتدال لا زمن التشدد.. زمن الإسلام الحقيقى لا زمن التأسلم الكاذب والمخادع.. زمن كنا نعتبر الحب نعمة لا نقمة ولعنة.. زمن كنا فيه شعباً له لون وطعم ورائحة وملامح يصعب إنكارها.. الآن أصبحنا خليطاً غير متجانس من البشر مزقته عن عمد الفتن المدبرة والمخطط لها بإحكام والتى كان من شأنها إفساد الإرث الطيب الذى عشنا به منذ مئات السنين.. تعليم راسب فى كل المراحل من الحضانة وحتى الجامعة.. وثقافة فى غرفة الإنعاش.. وفن انحرف عن مساره الطبيعى. وكل ما سبق ذكره ليس مخيفاً، على اعتبار أن أى خطأ أو انحراف يمكن علاجه والتخلص منه بالمقاومة المشروعة وتصويب المسار الذى تاه وضلّ.. ولكن الخوف.. بل الفزع من إدمان الخطأ والانحراف.. والقارئ الفطن لحركة المجتمع يدرك بلا جهد أننا جميعاً أدمنا الخطأ والانحراف.. والأكثر فزعاً أننا نفتخر به ونتباهى ونعتبره الصواب والكمال.. من كان يتصور أن يغضب طلاب المدارس من قرار يلزمهم بالتواجد داخل مدارسهم.. أو غضبهم مع أولياء أمورهم على منع الدروس الخصوصية.. على أيامنا كان الطالب الذى يأخذ درساً يتوارى عن الأنظار خجلاً وكسوفاً من نفسه.. فهو فى نظر زملائه المهمل أو الغبى.. الآن أصبح الأمر معكوساً.. الذى يأخذ درساً هو ابن الأكابر.. والذى لا يأخذ هو ابن البطة السوداء. كانت هذه مقدمة عفوية وعشوائية فرضت نفسها علىَّ وأنا أشرع فى كتابة المقال الذى يحمل الموضوعات الأصلية والأساسية التى أريد طرحها.. والحقيقة أنها تحمل الكثير والكثير من الألم والحزن.. والخوف على هذا الوطن. أنا ابن فلاح..!! وبالضرورة والحتمية أن تكون نشأتى فى قرية مصرية فقيرة وبائسة مثل أهلها.. ورغم ذلك كانت أحلى سنوات العمر، حيث الرضا بالستر والقناعة بالرزق والإيمان بالله والرسول.. أيضاً حالة السلام السائدة بين الأهالى، جميعاً شركاء فى الحزن والفرح ولا مجال إطلاقاً لشجار أو عداء إلا فى حالتين، الحالة الأولى هى المساس بالشرف.. والحالة الثانية هى قطع الماء عن أرض تُروى.. والفلاح الأصيل يتعامل مع زراعته وبقرته وجاموسته نفس معاملة الأبناء تماماً.. وعندما يعتدى فلاح على حق فلاح آخر فى الرى ويقطع عنه الماء يبدأ الشجار الذى يتطور بالتدريج حتى تستعمل فيه أدوات الزراعة من فؤوس وشراشر وتسيل الدماء.. إلا الماء..!! إلا موت الزرع الأخضر!! وأذكر فيما أذكر من ذكريات سنوات الصبا أنه حدث وغاب الماء طويلاً عن ترعة قريتنا حتى إنها جفت وتشقق قاعها.. وتهاوت أعواد الزرع من شدة العطش. ورأيت أحد الفلاحين مع كامل أسرته، صغيرها وكبيرها، وهم يحملون الماء فى أباريق سوداء من الفخار ويسقون أعواد الذرة كل عود بعد الآخر.. حدث هذا فى أيام كان النيل يجرى فى حرية وسلاسة دون سدود أو حواجز مائية. الآن.. تداهمنى الكوابيس كما تداهم غيرى كلما أتى ذكر سد النهضة الإثيوبى الذى يتم العمل فيه بقدرات هائلة.. وأى صاحب عقل «فى حالة استعماله» يدرك أن هذا السد سيقع ضرره الأكبر على مصر، وأن حصتنا فى ماء النهر لن تكون كما كانت عليه.. ومنذ أن تأكدت من ذلك والكوابيس تطاردنى ليس فى ساعات النوم فقط بل فى ساعات اليقظة أيضاً.. أرى النيل بلا ماء يكفى رى عطش أرضنا أو عطش حلوقنا، أراه مجرى مائياً فقيراً وهزيلاً يتسول قطرات الماء المتسربة من سد النهضة.. أراه غير قادر على حمل المراكب الشراعية التى كانت تنساب فوق مياهه فى بهاء وبهجة.. أرى الكثير من الأراضى الزراعية وقد دمرها العطش وبالتالى قلّت المحاصيل وندرت الخضروات وأصبحنا فى قتال مع بعضنا البعض.. وسيكون صرف الماء بالقطارة مع اختفاء السواقى.. وأحياناً أقول يائساً إن هذا السد هو عقاب لنا من المولى عز وجل لأننا لم نعمل بنصيحة الفرعون القديم الذى أوصانا بالحفاظ على النهر.. وتعاملنا مع النهر منذ سنوات وسنوات وحتى الآن بإهمال جسيم واستهتار هائل واعتدينا على حُرمته وقدسية مياهه.. صرفنا فيه مياه المجارى ومخلفات المصانع فتم قتل الحياة المائية بداخله.. جعلناه مقراً ومستقراً للمطاعم العائمة تعوق جريانه وتفرغ قاذوراتها فيه.. ردمنا مجرى النهر وبنينا الفيلات والفنادق بالرشوة والنفوذ وأيضاً الخيانة للنهر العظيم. ■ ■ ■ ليست الكارثة فى جفاف النهر فقط.. ولكن الكارثة فى الزيادة السكانية غير محسوبة المخاطر.. الشعب المصرى يتكاثر بصورة نشطة وسريعة وكأنه يتباهى بكثرة الإنجاب حتى ضاقت مصر على أهلها فعلاً ومنذ سنوات عديدة، وظهرت كل سلبيات الكثرة السكانية فى غير الظروف الحياتية الملائمة، حيث تقلصت مساحة الأرض الزراعية بعد الاعتداء الجائر عليها بالبناء العشوائى القبيح وعجز مشروعات التنمية غير الجادة والهشة عن إيجاد فرص العمل المناسبة لهذا الشباب الذى تفرضه الكثرة السكانية غير الواعية مع فساد التنظيم التعليمى منذ عهود وحتى الآن.. وهنا فرض الزحام قوانينه التى تجعل الرحيل عن الوطن أمراً لا مفر منه وعرفنا ما يسمى بالعمالة المصرية، عمال وفلاحين وحرفيين ومعلمين ومهندسين وتجاريين وغيرهم، ومع كثرة العرض قَلّ الطلب وانخفض الأجر وصارت الحياة فى الغربة صعبة وخشنة، والأكثر ألماً هو المعاملة غير الإنسانية التى تلاحقهم فى عملهم وحتى فى محال سكنهم.. يعاملون على أنهم من مستوى أقل وأدنى، وأكثرهم، رغم حصوله على مؤهلات علمية راقية وصاحب كفاءة إلا أنه أمام الحاجة إلى العمل يجد نفسه مجبراً ومضطراً فى أعمال متدنية.. وفى أيامنا هذه تتوالى علينا أخبار غرق سفن الهجرة غير الشرعية المتهالكة حاصدة مئات الأرواح.. ولا أحد يريد التراجع.. إصرار عجيب على الرحيل فى تحدٍّ عنيد للموت.. أيضاً الموت فى دروب الصحراء كل هذا لأن الوطن ضاق على أهله، وعجز المسؤولون عنه عجزاً تاماً عن المواجهة، إما بالحلول العلمية أو القوانين الملزمة أو التوعية الناجعة.. كانت التوعية من نوعية أغنية «حسنين ومحمدين» دون توضيح المخاطر الفعلية لكثرة التناسل، وعدد من رجال الدين شجعوا على كثرة الإنجاب استناداً إلى الحديث الشريف «تناكحوا تناسلوا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة» وهو حديث صحيح، ولكن شأنه شأن بعض الآيات القرآنية كانت لزمانها ومكانها ومناسبتها، فالقبائل العربية التى نشأ بينها الرسول الكريم فى ذلك الزمان كانت قليلة العدد فى أرض ممتدة وواسعة.. ونبى يحمل رسالة يريد نشرها ويعلم أنه سيحارب من أجلها هو ومن هم بعده، ومن هنا تظهر أهمية وعبقرية هذا الحديث النبوى.. وهذا ما تفعله دول أوروبا الآن، حيث تدعو شعوبها إلى التكاثر لأن معدلات النمو السكانى ضعيفة، وثبات المعدل السكانى ناتج عن الهجرة.. عكس الأحوال عندنا تماماً.. نحن على أرض لا تسع سكانها.. وهم على أرض واسعة جداً على سكانها.. وبعض المصريين يتباهى أو يتذكر أحوال مصر فى أيام عزها ومجدها قائلاً: وجهة نظر.. أكاد أصدق السيد أوباما عندما يسبق كل التحقيقات الجارية حول سقوط الطائرة الروسية ويعلن أنها سقطت بفعل قنبلة.. فالرجل هو الراعى الرسمى لإرهاب داعش وغيرها، ومن غير المستبعد أن تكون القنبلة صناعة أمريكية.