يجاهد سفراء الغرب فى الدول العربية والإسلامية على السير على نهجه وأفكاره، ويستميتون فى هذا وظل هؤلاء يمشون فى فلك المستعمر وأفكاره.. والذى ينظر إلى سلوك العلمانيين فى مصر يتعجب من دفاعههم عن ميراث الاستعمار من أفكار بالية عرف الشعب بخبثها ومكرها، والتى تهدف إلى تنحية الإسلام من حياة المسلمين وقصره على الأمور الروحية فقط ، وجدناهم يتفقون على معاداة الإسلام وحده ويتعاطفون مع غيره من الأديان حتى الأديان الوضعية وآخرهم محمد البرادعى الذى دافع عن البوذية وطالب بوضع نص لها فى دستور 2012 وعمرو حمزاوى الذى طالب فى مقالة له بجريدة الوطن يوم الأربعاء 26/9/2012، (والجدير بالذكر أن عمرو حمزاوى من دعاة التغريب) طالب فيها بتدويل قضية الدستور (أثناء وضع دستور 2012) وتهديد اللجنة القائمة عليه الآن باللجوء إلى المنظمات الغربية للضغط على مصر، وبعمل دستور يتفق مع مبادىء هذه الدول، وقال ما نصه: (مصر دولة مهمة ودوماً ما تكون تحولاتها السياسية والمجتمعية مثار نقاش، بل وجدل محتدم عالمياً. التزمت مصر، أيضاً، بمواثيق وتعهدات دولية فى مجال حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويراقب فعلها هنا من قبل دوائر عدة. واليوم، تتابع الكثير من الحكومات فى الغرب والشرق والمنظمات الدولية تطورات عمل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور وتفاصيل المواد والنصوص التى تناقشها ومواقف القوى السياسية المصرية منها. وثمة قلق دولى مشروع، يقابله طبعاً قلقنا نحن فى الداخل، بشأن توجه أحزاب وتيارات الإسلام السياسى الممثلة بأغلبية داخل التأسيسية للانتقاص من الحقوق والحريات الشخصية والعامة ومن أبرزها تلك المرتبطة بالهوية المدنية للدولة الحديثة وبمبدأ المساواة الكاملة بين المرأة والرجل وبقاعدة حرية التعبير عن الرأى وما يستند إليها من حريات إعلامية وحماية للإعلاميين والصحفيين من التعقب والقمع. ولم ترتب تطمينات الإسلاميين المتتالية للحكومات الغربية، خاصة تلك التى روجتها جماعة الإخوان وحزبها، احتواء القلق الدولى المستمر فى التصاعد بالتوازى مع تصاعد حدة النقاش الداخلى). لقد أوجد المستعمر القضاء المدنى والمختلط ، الذى اعتمد القوانين الغربية لحكم المسلمين، ونافس القضاء الشرعى، ولكنه لم يجرؤ على إلغاء القضاء الشرعى، ولكنه فعلها خلفاء الاستعمار بمساعدة الدولة البوليسية الفاشية، إذ تم إلغاء القضاء الشرعى سنة 1956، الذى عمّر فى مصر مدة لمدة تقترب من 14 قرن، وهلّل أعداء وأحبائها لهذا القرار واستقبله الدكتور طه حسين الذى تأقلم مع كل الأنظمة، يسبح بحمدها بالإضافة لوظيفته الأساسية وهى حماية الفكر الغربى فى مصر والدول العربية، وكتب مهللاً فرحاً فى جريدة الجمهورية تحت عنوان "الخطوة التالية" طالباً من السلطة البوليسية العسكرية فى ذلك الوقت التى نفذت مخططات التغريب وزادت عليه، بأن تلغى الأزهر لتوحيد التعليم كما وحدت القضاء، ولم يرفض له العسكر طلباً، فبعد بضع سنوات وضعوا قانون "تطوير (تدمير) الأزهر" سنة1961م، لسلب الأزهر مكانته، وهو الذى كان يشكل حجر عثرة ضد التغريب ورجاله، لم نستغرب هذا من طه حسين، وهو الذى ردد أفكار التغريب فى كتاباته، ومنها:"مستقبل الثقافة فى مصر" الذى قال فيه:"لكى نتقدم ينبغى أن نأخذ كل شىء من الغرب حلوه ومره، وما يحمد منه وما يعاب"، قال ذلك مجاملة للغرب بعد عقد معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا.
جنود ضد التغريب: وقد قيض الله جنداً يدافعون عن الإسلام وتعاليمه ويفضحون مخططات الخصوم والمغرضين منهم: محمد الخضر حسين، الذى رد على طه حسين فى كتابه "نقض كتاب فى الشعر الجاهلى"، ورد على على عبدالرازق فى كتابه "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم"، وكان الرجل شجاعاً لا يمالىء أحداً من الملحدين كما يفعل الأزهريون اليوم الذين انتفضوا للدفاع عن إلهام شاهين، ومن الجنود أيضاً الشيخ محمد أبوزهرة الذى وقف حياته للدفاع عن الأفكار المنحرفة وحارب الطاغوت عبدالناصر وهو فى عنفوان قوته ، ومحمود محمد شاكر الذى جابه طه حسين وهو مازال طالباً فى كلية الآداب، وقف يناقش أفكاره، وبيّن أنها سطو على أفكار المستشرقين ومنهم "مرجليوث"، ولم يطق أن يستمر فى جامعة وظيفتها الترويج للفكر الغربى على حساب الفكر الإسلامى الذى يعتنقه الشعب المصرى منذ 14 قرن، وكتب رسالته الخالدة "فى الطريق إلى ثقافتنا" يفضح فيها فساد حياتنا الأدبية والثقافية منذ الحملة الفرنسية وحتى وقتنا الحاضر، واستطاع فيها أن يلخص الطرق والمناهج التى اتبعها الغرب وأذنابه فى تنفيذها للقضاء على الهوية الإسلامية.
ومنهم مصطفى صادق الرافعى الذى جابه الفاسدين فى الفكر والثقافة فى عصره وزلزل عروشهم ببيانه وكتاباته، وخصوصاً مؤلفه "تحت راية القرآن"، ومحمد محمد حسين الذى طارده طه حسين وضيق عليه فى جامعة الإسكندرية بعدما رآه يتحيز للإسلام وعلومه، وألف الكتب الخالدة منها: "الاتجاهات الوطنية فى الأدب العربى المعاصر" فى مجلدين، فصّل فيه منهج التغريب والتغريبيين، ومحمد البهى فى مؤلفه الضخم "الفكر الإسلامى الحديث وعلاقته بالاستعمار"، ومحمد جلال كشك الذى بدأ حياته ماركسياً وانتهى به المطاف فاضحاً لهذا الفكر الذى اعتنقه فترة من الزمان، وكان الرجل من فرسان الفكر الإسلامى وظل إلى آخر رمق فى حياته يندد بالتغريب ورجاله ...
وورث هؤلاء جميعاً الأستاذ أنور الجندى، وهو من الرجال الذين جاهدوا التغريب ووقف حياته فى هذا المجال، وكشف عن خططه التى يجرى العمل بها فى الدول العربية وقد أطلع مبكراً على كتاب مهم فى هذه الناحية وهو "وجهة الإسلام" الذى كتبه المستشرق البريطانى" هاملتون جب GIBB"، وكشف الكتاب الهدف منه دراسة ما وصل إليه "تغريب البلاد الإسلامية"، والخطط التى سيتم العمل بها حتى يتم هذا التغريب، وأوضح أن هذه الخطة كان قد رسمها "لويس التاسع" بعد هزيمته واعتقاله فى المنصورة، فقد دعا إلى ما سماه "حرب الكلمة" بعد هزيمة "حرب السيف" فى الحروب الصليبية، ومنذ هذا التوقيت بدأت حرب الكلمة وحرب التشكيك فى العلوم الإسلامية واتخذت مسميات عدة التبشير والاستشراق والغزو الفكرى ومحاولة إثارة الشبهات والسموم حول الإسلام فى عقيدته وقرآنه
وأوضح الأستاذ الجندى:"أن قصد التغريب هو الإجهاز على تعاليم الإسلام النقية وإثارة الشبهات حولها وتقويض مصداقية السيرة النبوية وإثارة الشك فى براءة الرعيل الأول من خير امة اخرجت للناس".
وردد التغربيون فى العالم الإسلامى ما قرره الغرب من شبهات أمثال: سلامة موسى الذى الذى دعا اقتفاء أثر الغرب فى كل المجالات ودافع عن هذا بحرارة، وأحمد لطفى السيد، ولويس عوض، ونجيب محفوظ، والمفكرون الشوام المارون الذين سخروا كتاباتهم ومطبوعاتهم للكيد للإسلام وأهله أمثال: مارون نقاش، وفرح انطون، وأديب اسحق، وأبو نظارة يعقوب صنوع، وفارس نمر، ويعقوب صروف، وشاهين مكاريوس، وجرجى زيدان، ونجيب مترى، وأسسوا لها الغرض دور النشر ودور الصحافة مثل: المقتطف، والمقطم، ودار الهلال، ودار المعارف قبل أن تؤممها الحكومة المصرية.
ومازالت النخبة الفكرية من العلمانيين والماركسيين فى مصر تردد ما نشر بالأمس بعدما طواه النسيان، ولم يعد يتذكره الناس، فينكئون الجراح، ويبعثون الشبهات مثل نشر كتب سلامة موسى، وطه حسين، وفرح انطون ، وعلى عبدالرازق، وقاسم تحت مسمى "التنوير" فى مكافحة الإظلام"الإسلام"، وكان يستظلون بمؤازرة النظام البائد الذى وقف معهم فى مواجهة الحركات الإسلامية والأزهر، ينشر لهم هذه الترهات على حساب الدولة التى تجلب الضرائب من شعب أغلبيته الكاسحة من المسلمين، ووفر الحماية المعنوية والمادية لهم، ومازال هؤلاء يثيرون القلاقل، وساهموا بمؤازرة جهات تحن لفساد الماضى فى حل مجلس الشعب الذى اختاره الشعب، ومناكفة رئيس المنتخب وإشاعة الأضاليل حول وحول التيار الذى ينتمى إليه.
ومطلوب منا الآن فضح هذه المخططات التى تثار الآن على رؤوس الأشهاد، وتعريتهم أمام الرأى العام فى جميع وسائل الإعلام وإتاحة الفرصة للمفكريين الإسلامين الجدد لمجابهة الفكر المنحرف، ويجب على المفكرين القدامى كالدكتور محمد عمارة، والدكتور حلمى محمد القاعود، وإبراهيم عوض تربية جيل من شباب الباحثين الإسلاميين وتدريبهم على مجابهة رواد الفكر المنحرف فى ميزان الإسلام.