يبدو أن الشيوعيين فى مصر لم يصل إليهم خبر تفكك الاتحاد السوفيتى بعد تجربة فاشلة لم يَجنِ منها الشعب الروسى ولا الأقليات التى دُمجت قسرًا فى الإمبراطورية الشيوعية إلا القهر والإذلال والجوع وفقدان الهويات الوطنية لصالح الطبقة الحاكم التى لم يكن من بينها قطع طبقة البروليتاريا (الطبقة العاملة) وهى التى قامت الشيوعية بزعم تمكينها وأن تعيد إليها الحقوق التى سلبتها البرجوازية والرأسمالية المتوحشة!! أفاق الناسُ جميعًا على هذا الوهم والمتاجرة بآلام الشعوب وتطلعاتهم فى حياة كريمة.. على واقع ازداد فيه المسحوقون والمعذبون فى الأرض بؤسًا على بؤسهم، وظلمًا على ظلمهم، وتكميمًا للأفواه لم تعرفه حتى أعتى الملكيات والإمبراطوريات!! ذلك كله غاب عن الشيوعيين فى مصر الذين مازالوا يسيرون نيامًا.. فمازال مَن يُسمون أنفسهم "الاشتراكيين الثوريين" حالمين بالجنة الموعدة فى الأرض، والفردوس المفقود، والمجتمع الذى تذوب فيه الطبقات تحت قيادة قواه العاملة ليتحول فى مرحلة لاحقة وأرقى إلى حيث لا حدود ولا حواجز من أى نوع، دينيّا كان أو عرقيّا أو طبقيّا أو جنسيّا!! كنت أحسب أن هذه الترهات أصبحت حبيسة الكتب، أو الجدران، أو على أحسن الفروض: حبيسة عقول عفنة لمجموعة من الناس لا يتجاوز عددهم على الأكثر أصابع اليد الواحدة أو اليدين.. حتى فوجئت بمقطع الفيديو الذى فضحهم، وفيه يتحدث بكل فجاجة وصلف يُحسد عليه - ولا حسد فى الخيبة!!- من يُدعى سامح نجيب أحد الاشتراكيين الثوريين فى ندوة جلس فيها معه على المنصة الشيوعى القح كمال خليل صاحب تصريح: نحن مستعدون لحمل السلاح دفاعًا عن الدولة المدنية!! مدنية إيه يا شيوعى!!.. اسأل لينين وستالين وشاوشيسكو وبريجينيف وتيتو.. فهم أساتذتك وعندهم الخبر اليقين!! ومع ذلك خذ نموذجًا.. لينين يقول وهو يلخص أسلوب الماركسية فى التغيير: "حينما يتهمنا الناس بالقسوة، فنحن نتساءل: كيف نسى هؤلاء أساسيات الماركسية"؟ ويؤكد لينين حتمية التحول الدموى، قائلاً: "إن ديكتاتورية البروليتاريا تفترض اللجوء إلى عنف صارم لا هوادة فيه، سريع وحازم؛ بُغْية سحق مقاومة المستثمرين الرأسماليين والملاكين العقاريين وأذنابهم. ومن لم يفهم هذا، فليس بثورى وينبغى طرده من مركزه كقائد أو كمستشار للبروليتاريا" المهم، نرجع لسامح نجيب - لا سامحه الله- ماذا يقول؟! يقول يجب تصعيد الإضرابات والاعتصامات.. بل وتفكيك المؤسسة العسكرية (وليس إبعاد المجلس العسكرى عن الحكم!!) وإعادة تقسيمها على أساس طبقى.. إضافة إلى الاستعانة بالأقباط وبالفئات المهمشة، مثل النوبيين والعمال، لمحاصرة مجلس الشعب القادم وإفشال مهمته، وبالتالى تشويه الإسلاميين؟! سامح نجيب هذا - غير النجيب!- يعترف بأن أى حكومة قادمة ستواجه مشكلة كبرى فى كيفية تلبية طموحات الجماهير المرتفعة إلى أقصى حد، بينما الدولة غارقة فى مشكلات عميقة.. وبدلاً من أن يفكر فى حل هذا، لأنه فى النهاية مصرى - أو هكذا يجب أن يكون- سواء كان فى الحكم أم لا.. فهو يبحث عن كيفية الاستفادة من هذه الحقيقة لتشويه صورة من سيتولى الحكم، ولإشاعة الفوضى وإقامة دولته المزعومة بعد أن يتم تفكيك الدولة القائمة!! (لاحظ أنه يتحدث عن تفكيك "الدولة" وليس "النظام"!!) وهل بعد أن يتفكك الجيش - لا قدر الله- وتتم إشاعة الفوضى على هذا النحو الذى يدعو إليه هذا الشيوعى.. هل يمكن إقامة أى دولة؟! وماذا لو صدر هذا الكلام "الذى ليس فارغًا" عن أحد الإسلاميين؟! هل تذكرون ما قيل عن "غزوة الصناديق"؟! [email protected]