قالت صحيفة "التليجراف" البريطانية إن الانتخابات البرلمانية في مصر كانت مختلفة تماما عن نظيراتها في دول العالم, حيث لم تنظم بهدف المنافسة, وإنما لضمان وجود أغلبية موالية للنظام الحالي, مثلما كان يحدث في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 22 أكتوبر أن النظام المصري يسعى لأغلبية برلمانية لضمان إقرار القوانين التى كانت صدرت في غياب البرلمان, وإجراء تعديلات على الدستور . وتابعت أن الانتخابات البرلمانية في مصر شهدت أيضا أمرا مختلفا, هو ضعف الإقبال الشديد على صناديق الاقتراع, لتزايد الإحباط بين المصريين, واعتقادهم أن صوتهم لن يغير شيئا. وتحدثت "التليجراف" عن مفاجأة صادمة مفادها أن 6 مراكز للاقتراع في منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة, كانت فارغة تماما من الناخبين, عندما قام مراسلها بجولة فيها . وأشارت الصحيفة إلى أن مصر عادت إلى عهد البرلمانات الشكلية, التي كانت موجودة في عهد نظام مبارك, خاصة برلمان 2010 , الذي استبعد المعارضة تماما, وحاول تمرير السلطة إلى جمال مبارك, نجل الرئيس المخلوع ونقلت "التليجراف" عن الناشط المصري زياد العليمي قوله :" لا توجد انتخابات, والمنافسة هي مجرد صراع بين قلة مختارة من الأجهزة الأمنية", حسب تعبيره. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قالت أيضا إن الانتخابات البرلمانية, التي انطلقت في مصر منذ 18 أكتوبر, وكان من المتوقع أن تعزز القبضة السياسية للنظام الحالي في البلاد, أظهرت إقبالا ضعيفا. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 21 أكتوبر أن السلطات المصرية ادعت أن هذه الانتخابات هي الخطوة الأخيرة للانتقال للديمقراطية, في إطار "خارطة الطريق", التي تم وضعها بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وتابعت الصحيفة أن عزوف الناخبين عن التوجه إلى صناديق الاقتراع يدحض مثل هذا الادعاء, ويظهر عدم وجود حماس شعبي لرؤية النظام الحالي في البلاد. وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن النظام المصري طالما أشار إلى وجود تأييد شعبي واسع لسياساته, إلا أن تدني الإقبال في الانتخابات البرلمانية, وعزوف الشباب عن المشاركة فيها, يشكك في صحة هذا الادعاء, حسب تعبيرها. وتابعت أن ما يزيد من المأزق, الذي تعيشه مصر, أن مناشدة السلطات للشباب للمشاركة في هذه الانتخابات, لم تجد أي استجابة, واقتصر الإقبال الضعيف على كبار السن. وكانت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر, التي انطلقت في الخارج في 17 أكتوبر وفي 18 أكتوبر في الداخل, شهدت إقبالا ضعيفا على التصويت, مع غياب ملحوظ لفئة الشباب. وأجريت انتخابات الداخل على يومين, وجاء اليوم الثاني على غرار اليوم الأول فيما يتعلق بضعف الإقبال, على الرغم من الإجراءات الحكومية لحمل الناخبين على التصويت. ورصدت وكالة "رويترز" التي زار مراسلوها مراكز الاقتراع في 18 و 19 أكتوبر إقبالا ضعيفا, "على عكس الصفوف الطويلة التي شهدتها لجان الاقتراع في انتخابات عام 2012", التي أجريت بعد ثورة يناير 2011. وقالت الوكالة إن أغلب الناخبين من كبار السن ومؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأفادت وكالة "الأناضول" بأن العديد من مراكز الاقتراع تأخر فتحها عن موعدها في التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي، وأن الإقبال كان ضعيفا في كافة محافظات المرحلة الأولى وعددها 14 محافظة. وقد سبب الإقبال الهزيل في اليوم الأول صدمة لدى المسئولين ووسائل الإعلام الموالية للنظام، وهو ما دفع أجهزة الدولة إلى اتخاذ إجراءات مختلفة -بعضها عقابي- لحمل الناخبين على التصويت. فقد أعلنت اللجنة العليا للانتخابات تفعيل قرارها بتجميع أسماء المتخلفين عن التصويت، وإحالتها إلى النيابة لدفع غرامة مالية قدرها خمسمئة جنيه (62 دولارا تقريبا). وقرر رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل منح العاملين في الحكومة والقطاع العام عطلة نصف يوم "لتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم في اليوم الثاني والأخير للمرحلة الأولى من الانتخابات"، بحسب بيان من رئاسة مجلس الوزراء. وقالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن نسبة المشاركة في اليوم الأول لم تتجاوز 4%.