«شحاتة»: نختار العاملين من ذوى الثقافة العالية لقدرتهم على الإقناع.. ولايمكن لمرشح الاستغناء عنا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية لعام ،2015، يستخدم كل مرشح كافة الحيل من أجل كسب أصوات الناخبين في دائرته الانتخابية، ويأتي استخدام المال كأحد تلك الأدوات.. فى كل دائرة من الدوائر توجد مجموعة من الأشخاص المعروفين لدى أهل الدائرة والذين يتمتعون بمجموعة من الصفات التى تؤهلهم فى التأثير على الأصوات وتوجيهها. هؤلاء الأشخاص يحرص المرشحون دائمًا على ضمهم إلى مجالسهم وتحت عباءتهم، وغالبًا ما يكونون ذوي شعبية في الدائرة الانتخابية، ولديهم قدرة كبيرة على التأثير والإقناع، ويصبح هذا العمل مهنة لهؤلاء من "سماسرة الانتخابات" يرتزقون منها في مواسم الانتخابات، حتى إنهم يتمنون أن ينحل البرلمان وينعقد غيره مرة كل شهر حتى تدوم لقمة عيشهم. وقال أشرف شحاتة أحد سماسرة الانتخابات بدائرة الأزبكية، "أعمل فى هذه المهنة منذ 20عامًا, ولدى مجموعة من الأفراد أقودهم ولا أختارهم عشوائيًا فمنهم ذوى الثقافة العالية والتعليم الجامعى، ومنهم الجاهل الذى لا يعرف شيئًا ومنهم الكبير فى السن ومنهم الشباب وكذلك النساء, نعمل معًا فى نطاق الدائرة وكل منهم مكلف بمخاطبة فئة معينة تلك الفئة التى يستطيع أن يتواصل معها ويقنعها برأيه بسهولة". كيف يصل مرشح الانتخابات إلى هؤلاء السماسرة؟ بعد أن يتم قبول أوراق المرشح فى دائرة معينة على الأغلب, يضع فى اعتباره أنه لن يستطيع خوض غمار هذه المعركة والفوز فيها دون "سماسرة الانتخابات", ومن هنا تبدأ رحلة البحث عنهم ليكونوا عونًا له ضد خصومه. يقول شحاتة، إن "العمل يبدأ فى الوقت الذى يتم فيه قبول أوراق المرشح , حيث ينزل إلى الدائرة ويطوف على أبنائها لتعريفهم بنفسه وببرنامجه الانتخابى, ومن هنا يقومون بتوجيه المرشح إلى السماسرة, ولا نختار أى مرشح يأتى إلينا بشكل عشوائى وكن نختار من نتوسم فيه خدمة الدائرة بمعنى أصح "إللى هيدفع أكتر هو إللى هننضم لصفه". قوانين الاتفاق بين المرشحين والسماسرة بعد أن يكسب المرشح ضم "السماسرة" إلى صفة يتم عقد اتفاق بينهم يضمن لكل منهما حقه, ويكون طرفا العقد المرشح والسمسار، حيث يكفل المرشح ميزانية محددة من المال حتى انتهاء الانتخابات وظهور النتيجة, ويقوم بتوفير كميات كبيرة من اللحوم والسلع التموينية يتم وضعها فى مخازن تابعة له, كما نشترط عليه عدم قطع الصلة بينه وبيننا بعد الحصول على الكرسى, أما من يخالف ما اتفقنا عليه من المرشحين فإننا لا ندعمه مرة أخرى، بحسب شحاتة. يضيف: "بعد عملية الاتفاق مع المرشح، يبدأ دورنا الفعلى على الساحة, وبالأخص فى منطقة الأزبكية، فإذا ذهبت لإقناع أحد الناخبين بمرشح معين تكون إجابته "هتدينى كام"؟ لأن الناخب يرى أنه لا يستفيد من المرشح إلا فى مواسم الانتخابات فقط، أما بعد فوز المرشح أو خسارته فإنه لا يعيرهم أى انتباه, ويأتى بعد ذلك دورنا فنقوم بجمع صور البطاقات واستخراج كارنيهات للناخبين فى الدائرة، ثم صرف كراتين السلع التموينية لهم من خلال هذا الكارت, أما اللحوم فنقوم بتوزيعها على البيوت, وما يساعدنا على ذلك هو أننا معرفون لدى أهل المنطقة ويكنون لنا كل حب وتقدير لأننا نجلب لهم الخير من لحوم وسلع تموينية وأموال وغيرها, فبمجرد أن نطرق أبواب المنازل يخرج لنا الناخبون ويرحبوا بنا ويستضيفوننا لديهم بخلاف ما إذا كان من يطرق بابهم هو شخص آخر لا يعرفونه, ومن الجدير بالذكر أننا قد نذهب لمنازل المواطنين فى الواحدة بعد منتصف الليل، فأحيانا يكون معنا المرشحين وغالبًا لا يأتون معنا لانشغالهم ولا يستطيعون دخول المنطقة إلا بصحبتنا لأننا باختصار "حلقة الوصل بينهما". الخطوة الأخيرة فى عمل سماسرة الانتخابات "مع اقتراب الليلة التى تسبق يوم الإدلاء بأصوات الناخبين, نكثف جهودنا من خلال المرور على منازل الناخبين ليلا والتأكيد عليهم وإعطاء كل منهم مظروف يحتوى على بعض النقود مكتوب عليه اسم المرشح ورمزه ورقمه, حتى إذا جاء الصباح فإننا نمر عليهم بمنازلهم بمجموعة من السيارات الأجرة لنقلهم للمكان الذى يتم فيه إدلاء المواطن بصوته, ويقوم كل فرد من الفريق بالقيام بدوره حيث تكون مسئوليته الفئة التى يخاطبها من توزيع الأموال عليهم وأخذهم داخل العربات إلى مقار اللجان, ويتم تنظيم صفوفهم بعد أن يلقنهم أفراد المجموعة ما سيقومون به كما يلقنوهم أيضا كيفية التعامل مع سماسرة المرشحين الآخرين، حتى لا يتم خداعهم, وأحيانا تتساهل معنا الشرطة وتتركنا أمام اللجان وأحيانا أخرى يقومون بالقبض علينا, ومن الجدير بالذكر، أنه إذا كان المرشح ذو نفوذ فإن الشرطة لا تستطيع منعنا من الوقوف أمام اللجان الخاصة بالتصويت, وينتهى دورنا بانتهاء عملية التصويت حتى نجاحه فى الانتخابات, فمن يريد أن يفوز بالانتخابات يضع فى ذهنه أن يعمل جاهدًا فى ضم تلك الفئات من السماسرة ومن يتبعونهم". لكن بعض المرشحين يخدعونهم بعد الفوز، قائلين: "البعض سعى لضمنا إلى جبهته أثناء خوض الانتخابات وذلك بعد أن وقفنا وراءه ودعمناه بعد أن جرت الإعادة بينه وبين أحد المرشحين, إلا أنه بعد فوزه بالكرسى كنا نتصل بهم ولا يجيبوا إما بإغلاق الخط أوعدم الرد وإنكار أنفسهم منا, ولا نعتقد أننا سوف ندعمه أن ترشح بعد ذلك ولا يستطيع أن يرشح نفسه أصلاً".