الجماعة تستعين ب 2000 سمسار على مستوى الجمهورية لدعم المقربين منها فى الانتخابات المقبلة 50 جنيهًا سعر الصوت فى المنوفية لو المنافس "ثورى "و 100 جنيه لو"شخصية مشهورة" سمسار الانتخابات هو القائد والمعلم بالنسبة للمرشح، هو القابض على تفاصيل الدائرة الانتخابية، وهو شيخ حارة الديمقراطية، يعرف دروب الطريق إلى البرلمان.. ويرشد إليه من يملك دفع فاتورة هذه الرحلة. تعلم سماسرة الانتخابات على أيدى رجال الحزب الوطنى المنحل أنهم أبناء مهنة مهمة، وأدركوا خلال حكم الإخوان أن مهنتهم لا يمكن أن تنقرض، لذا يعتبرون أنفسهم جزءًا من لعبة الديمقراطية التى يمارسها أصحاب المصالح. أصول المهنة تمنع السمسار من التفتيش فى نوايا المرشح أو توجهه السياسى، لا يعنيه أن يكون المرشح «فلول أو إخوان» أو حتى ثورجى، المهم أن يدفع التكاليف، ويلتزم بالتعليمات لنهاية الجولة الانتخابية، هذه هى أسرار المهنة التى تعرفنا عليها من أبنائها فى هذه الجولة التى نخوضها داخل عشوائيات القاهرة.. ومناطق الفقر فى عدة محافظات. تنتشر ظاهرة سماسرة الانتخابات بشكل واضح داخل محافظة المنوفية، موطن العديد من القيادات البارزة فى الحزب الوطنى، ومنطقة نفوذهم التى مكنهم السماسرة من السيطرة على مقاعدها البرلمانية على مدار الثلاثة عقود الماضية، إضافة لمنح تيارات الإسلام السياسى جزءًا من هذه المقاعد وفقًا لصفقات الحزب الحاكم، وكان السماسرة هم كلمة السر فى تعديل دفة هذه المقاعد عقب وصول الإخوان للحكم، ليرثوا تركة «الوطنى» بفضل الزيت والسكر والمراكز الطبية.. مثل مستشفى المواساة. حاول شباب الحركات الثورية داخل المحافظة تشكيل لجان لتضييق الخناق على السماسرة، وتوجهنا إليهم لمعاونتنا على الاتصال بأحدهم، فرشحوا لنا شخصًا اسمه «إسماعيل . أ» توارث المهنة عن والده، يعرفه المرشحون وأهالى الدوائر باعتباره أشهر سماسرة الانتخابات، وتصنفه الأجهزة الأمنية باعتباره صاحب تاريخه الإجرامى فى تجارة السلاح والمخدرات. كان «إسماعيل» منشغلًا بالتنقل بين مدن المنوفية وفقًا لمتطلبات الموسم الانتخابى، لكن فور علمه بأننا نمثل مرشحًا.. يعنى «زبون» أسرع فى مقابلتنا، تبادلنا الحديث عن أحوال الدائرة، سألناه عن سعر الصوت والضمانات التى يوفرها لمرشحنا، أبلغناه أن المرشح عضو سابق بحزب الحرية والعدالة الإخوانى، لكن الحزب لم يرشحه من قبل لخوض الانتخابات.. وينوى الترشح كمستقل عن دائرة مركز أشمون. كانت ملامحه ثابت.. لا تتأثر بما نطرحه من معلومات، قال لنا «إخوان مش إخوان حتى لو كان إسرائيلى هينجح ويبقى عضو مجلس شعب»، وبدأ يسرد تفاصيل اللعبة الانتخابية التى تعلمها منذ صغره، فالأمر لا يتوقف على شراء الأصوات فقط، رغم أنه يستطيع أن يضمن للمرشح من 1000 إلى 5000 صوت.. لأن الفقراء كثيرون، ولا يملكون ما يبعونه سوى أصواتهم، لكنه يرى أن العملية الانتخابية لها أصول.. ويجب على المرشح اتباعها، لابد أن يجامل فى الأفراح ويواسى فى المآتم ويزور المرضى، عليه أن يحقق الانتشار داخل الدائرة خلال مدة حملته الانتخابية، وعلى السمسار أن يحشد له «هتيفة» ولافتات وسائل نقل تضمن إحاطته بمن يحفزون الناس على دعمه، كما ينوب عنه فى التعامل داخل اللجان من خلال التوكيلات.. ويتولى توزيع الأموال على الجهات التى تضمن فوزه فى النهاية. أسعار الأصوات تتفاوت.. وفقًا لكلام «إسماعيل» السعر النهائى يحسم سمعة المرشح.. ومدى قوة منافسه، لو كان المنافس شخصًا شهيرًا، ويساعد البسطاء من أهالى الدائرة، يكون سعر الصوت ل 80 و100 جنيه، أما لو كان المنافس «ثورجى» من أصحاب الشعارات فيكون سعر الصوت 50 جنيهًا، وهى الأسعار المعمول بها منذ الانتخابات الماضية قبل ثورة 30 يونيو، وقال لنا إن مرشحنا باعتباره إخوانيًا سيكون سعر الصوت بالنسبة له 200 جنيه، لأنه مضطر للاستعانة بعدد أكبر «الهتيفة». سألنا عن طبيعة عمل «الهتيفة»، وكان رد «إسماعيل» بأنهم مجموعات تصاحب المرشح فى السرادقات الانتخابية.. وجولاته وزياراته للمواطنين، دورهم يقتصر على «الهتاف»، ويقسمون إلى مجموعتين، الأولى ترافق المرشح.. والأخرى تكون فى انتظاره وصوله.. ليلتفوا حوله، وكأنهم من أهل المنطقة التى يظهر فيها. شعر «إسماعيل» أن حديثه معنا يطول.. دون أن يجنى أى ثمار لهذه الجلسة، فنقل دفة الحوار إلى النواحى المادية، قال إنه يستطيع بشكل مبدئى توفير 2000 بطاقة.. قابلين للزيادة فى حال حصوله على عربون اتفاق قيمته 100 ألف جنيه، على أن يحصل على 3 دفعات أخرى بذات القيمة، مع احتفاظه بأسرار المهنة فيما يخص تفاصيل الحصول على بطاقات الناخبين، وعمليات نقلهم لأماكن اللجان، أما الضمانات التى يوفرها للمرشح ليطمئن على المبلغ التى يدفعها فتتمثل فى وجود مندوب عن المرشح يرافقه خلال جمع البطاقات.. وتوزيع المبالغ على الأهالى، مع الوضع فى الاعتبار أن هناك مبالغ إضافية لصالح «الهتيفة والسمسار» ومن يختارهم لمعاونته.. وهؤلاء يحصلون على مكافأة إضافية قيمتها 50 ألف جنيه عقب إعلان فوز المرشح. يعتمد «إسماعيل» على تاريخ عائلة فى مهنة سمسرة الانتخابات، ويتفاخر بأن ابن عمه كان ضمن حملة أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى، وقال إن «عز» استعان به لشراء الأصوات لصالح مرشحى الحزب الوطنى فى دوائر «السادات ومنوف والباجور وشبين الكوم وأشمون» ونجح مرشحو الحزب باكتساح، ويرى أن المبالغ التى يطلبها تتوافق مع خبرته فى هذا المجال الذى يعمل به منذ 10 سنوات.. قضاها فى سمسرة الانتخابات.. وجمع توكيلات تأسيس الأحزاب وتوكيلات مرشحى الانتخابات الرئاسية. وفى المقابل يقول المستشار يوسف مبروك - المحامى ومرشح للانتخابات البرلمانية بالمنوفية عن دائرة أشمون، إن الأيام الحالية تشهد نشاطًا منقطع النظير لمهنة سماسرة الانتخابات، خاصة أن العدد الكبير لمقاعد الفردى ساهم فيما مضى فى انتشار هذه الظاهرة على مستوى الجمهورية، وبالتحديد فى القرى الفقيرة والعشوائيات.. ولا توجد عقوبة مغلظة تمنع وجود مثل هذه الفئة التى تتواصل مع المرشحين من أصحاب المال، وأكد أن عددًا من السماسرة عرضوا خدماته عليه.. ورفض التعاون معهم لأنه بدأ حملته الدعائية عقب الانتخابات الرئاسية.. وهو ما مكنه من التعرف على أبناء دائرته، ولكن المشكلة الحقيقية التى تواجه الكثير من المرشحين تتعلق بالغرباء ممن قضوا حياتهم خارج المحافظة، ويعودون وقت الانتخابات إلى مسقط رأسهم لمنافسة أبناء الدائرة.. ويكون سلاحهم الأول لحشد الأصوات.. هؤلاء السماسرة، ولفت «مبروك» إلى ضرورة وجود نص قانونى يجرم عمل السماسرة لأن وجودهم يغيب المنافسة الشريفة عن الساحة. سماسرة القاهرة تتشابه ملامح السماسرة.. وأساليب عملهم فى المناطق العشوائية، لم نميز أى فروق بينهم خلال جولاتنا.. من عزبة زرزارة بالبساتين إلى ترب اليهود القريبة من منطقة الدويقة بمنشية ناصر، الصورة واحدة، سماسرة يتسابقون على جمع بطاقات الأهالى.. ويحاولون كسب ودهم للمتاجرة بأصواتهم. تقول «أم وائل» - سيدة خمسينية تعول أبناءها الثلاثة بعد أن فقدت زوجها، «أيام الحزب الوطنى كان هناك شخص يدعى حمدان الصعيدى يتواصل معنا داخل العزبة.. ولا يترك فقيرًا إلا ويساعده، وعلاقته طيبة بكبار العائلات.. ولا يمر عيد أضحى إلا ويوزع علينا اللحوم.. وقبل الانتخابات بأسبوع كان يأتى إلينا ويأخذ البطاقات الشخصية ويعطينا 30 جنيهًا عن كل بطاقة، ويوم الانتخابات تأتى السيارات وتنقلنا إلى لجان التصويت.. وهناك ينتظرنا حمدان الذى يوزع علينا البطاقات.. وبعد التصويت يعطينا باقى المبلغ، وإذا أردت المزيد من المال فعليك أن تحضر إلى السرادقات الانتخابية التى يقيمها المرشح، وأغلب أهالى العزبة كانوا لا يتركون المرشح طوال فترة الانتخابات.. ويسيرون معه فى كل مكان.. للحصول على مزيد من المال، لكن مرضى كان يمنعنى من الذهاب معهم، وبعد الثورة اختفى حمدان الصعيدى، وقيل إنه قبض عليه فى ميدان التحرير خلال موقعة الجمل». الثورة غيبت السمسار الأشهر فى العزبة، لكنها لم تغيب مهنته، والفارق أن الدور الذى كان يلعبه شخص واحد.. احترفته جمعية خيرية للاهتمام بشئون الفقراء، ومديرتها قيادية إخوانية كانت تساعد المحتاجين، وتوفر لهم فرص عمل بمصانع وشركات الجماعة.. ووقت الانتخابات كانت الجمعية تطالبهم بدعم مرشحهم، والمقابل فرص عمل وعلاج للمرضى فى مستشفيات الجماعة بالمعادى. عاد السماسرة إلى نشاطهم التقليدى عقب الإطاحة ب«مرسى» وجماعته، وأكدت «أم وائل» أن العزبة ظهر فيها ثلاثة سماسرة هم «أحمد.ب».. صاحب مصنع رخام، و«إبراهيم.أ» تاجر سيارات مستعملة، و«يوسف.م» تاجر خردة، ويتسابق الثلاثة فى جمع البطاقات من الأهالى.. ومنهم من يعرض 80 جنيهًا مقابل صورة البطاقة وآخر يدفع 100 جنيه. ما سمعناه من «أم وائل» ردده على مسامعنا العشرات من أبناء المنطقة، فقررنا البحث عن خيط جديد لدى مرشح سابق.. وشاهد على عملية الاتجار بأصوات الناخبين، محمود عامر، مرشح سابق عن دائرة البساتين ودار السلام، قال إن المرشح الثورى صاحب المبادئ لن يجد له مكانًا داخل الدوائر التى على شاكلة البساتين ودار السلام والمعادى، بسبب سيطرة السماسرة، ولا مجال للفوز بالمقعد الفردى إلا بالتنسيق مع هؤلاء، وقبل الموسم الانتخابى يراقب هؤلاء السماسرة رجال الأعمال.. وإذا ما قرر أحدهم الترشح يذهبون إليه ليعرضوا خدماتهم. وأضاف، خضت الانتخابات البرلمانية عام 2010 وجاء إلى مكتبى رجل يدعى أنه من أهل الدائرة، وعرض توفير عدد لا بأس به من أصوات الناخبين مقابل 200 جنيه عن كل صوت، وطلب أن يكون مسئولًا عن السرادق الانتخابى، لكننى رفضت فى نهاية المطاف، وهو ذات الأمر الذى يجرى حاليًا.. والفارق أن سعر الصوت الانتخابى وصل إلى 500 جنيه فى دائرة المعادى، والمرشحون هم من يبحثون عن مثل هؤلاء السماسرة.. وليس العكس. وأكد «عامر» أن عدد السماسرة داخل القاهرة وضواحيها لا يقل عن 1000 سمسار.. يعمل بصحبة جيش من المسجلين والبلطجية، بالإضافة إلى سماسرة الإخوان المسلمين الذين انتشروا فى السابق ويعقدون الصفقات فى الوقت الحالى مع مرشحين مقربين من الجماعة لخوض الانتخابات بدعم من التنظيم. سماسرة الإخوان سمسار التنظيم.. كان هذا هو طرف الخيط الجديد فى دائرة المتاجرة بأصوات الناخبين، والجانب المدهش فى هذه الظاهرة وفقًا لتأكيدات منشقين عن جماعة الإخوان، ومنهم القيادى سعيد الكومى، رئيس غرفة انتخابات مجلس الشعب لعام 2005 بالجيزة، والذى أكد لنا أن سماسرة الإخوان موجودون من أيام مؤسس الجماعة حسن البنا، وهو صاحب فكرة الزيارات المنزلية التى كانت تقوم بها الأخوات للناخبين، لتوجيه الأصوات لصالح مرشحى الجماعة. وأضاف «الكومى»، سمسار الجماعة يكون طبيبًا أو مهندسًا.. وفى بعض الحالات أستاذ جامعى.. ولا يقل منصبه العلمى والوظيفى عن ذلك، لضمان اقتناع المواطنين برأيه، ومهام عملهم تبدأ قبل شهر من فتح باب التصويت.. من خلال الاجتماعات التى يعقدونها مع شيوخ الحارات.. والجولات مع المرشح، ولفت «الكومى» إلى أن الجماعة ستعقد الصفقات مع بعض المرشحين فى عدد من دوائر الجيزة وجنوب القاهرة، ودور سمسار الإخوان يقتصر على تسليم المرشح قائمة بأسماء العائلات التى تتعامل مع الجماعة لتوفير الأصوات.. مقابل توفير خدمات.
وكشف «الكومى» عن استعانة الجماعة بما يقارب ال 2000 سمسار وفقًا لمعلومات أصدقاء له داخل التنظيم، وسيتم إعادة توزيعهم فى 16 دائرة بالجيزة.. بمعدل 32 مقعدًا فرديًا، وهو نفس الإجراء الذى ستتبعه الجماعة فى بقية المحافظات.