أعلن حزب إحنا الشعب أن نواب الحزب فى البرلمان القادم سوف يتبنون مطلب تعديل الدستور خاصة النصوص الخاصة بنظام الحكم ووضع نصوص تمنع منعًا باتًا الأحزاب السياسية التي تعتمد على المرجعية الدينية. وقال محمود نفادى، وكيل مؤسسي الحزب، إن الحزب باتفاق مع أحزاب وحركات شبابية وشخصيات عامة سوف يقودون حملة أخرى لمنع نجاح بعض أعضاء لجنة الخمسين الذين وضعوا هذا الدستور ومنهم الفنان خالد يوسف المرشح فى كفر شكر والدكتور عمرو الشوبكى المرشح فى الدقى ومحمد منصور مرشح حزب النور فى قائمة الإسكندرية وأي مرشح آخر بعد إعلان الكشوف النهائية لأن هؤلاء سوف يعارضون مطالب تعديل الدستور. وذكر نفادى أننا سنطالب باستفتاء الشعب على مطلب تعديل الدستور حتى يعلم الرافضون لذلك صوت الشعب وتأييده لتعديل الدستور خاصة أن الدستور ليس كتابًا مقدسًا بل هى وثيقة شعبية مطروحة للتعديل بإرادة الشعب. فيما يرى مراقبون أن الدستور الذي وافق عليه 98% من جملة عشرين مليون مصري شاركوا فى التصويت عليه -بحسب بيانات اللجنة العليا للانتخابات- أن هناك صراعًا قبل الأوان بين عبد الفتاح السيسي والبرلمان وهناك قلق من مواد بالدستور، التي تعطى الحق للبرلمان فى مراجعة التشريعات التي أصدرها قبل انعقاده، بالإضافة إلى مواد أخرى متعلقة بضرورة مشاركة البرلمان فى الموافقة على إعلان الحرب أو إعلان حالة الطوارئ.
وأرجع المراقبون أن قلق السيسي نابع من مضامين عدد من المواد، أبرزها المادة (156) التى تعطى الحق للبرلمان فى مراجعة التشريعات التي أصدرها خلال فترة ما قبل انعقاده، وفى حال عدم مناقشتها خلال 15 يومًا من انعقاد المجلس أو عدم الموافقة عليها، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون دون حاجة لإصدار قرار بذلك، بالإضافة إلى مواد أخرى متعلقة بضرورة مشاركة البرلمان فى الموافقة على إعلان الحرب، أو إرسال قوات مسلحة خارج البلاد، أو إعلان حالة الطوارئ.
وقال المراقبون للأحداث السياسية إن حديث السيسي أمام ملتقى أسبوع الشباب، ورغم حذفها فى وقت لاحق من تسجيل فيديو اللقاء الذي نشرته رئاسة الجمهورية، أثارت مخاوف سياسيين من وجود نية مبيتة لدى السيسى لإجراء تعديلات دستورية توسع صلاحياته كرئيس للبلاد على حساب صلاحيات البرلمان.
أستاذ فلسفة القانون فى جامعة الزقازيق محمد نور فرحات، ذكّر السيسى -من خلال صفحته على موقع "فيس بوك"- بقسمه على احترام الدستور الذي هو مصدر شرعيته، مضيفًا: "الدولة التي تسمح لملاءمات فردية لتبرير انتهاك الدستور هى دولة تخطو أولى خطواتها نحو الفاشية".
بينما علق البرلمانى السابق القيادى فى حزب الوسط حاتم عزام على حسابه بموقع "فيس بوك" قائلاً: "من انقلب على دستور مرة ينقلب على أي دستور حتى لو كان هو واضعه".
بدوره، قال الخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية عمرو هاشم ربيع، إنه "لا يمكن التكهن بما إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يسعى بالفعل إلى إجراء تعديلات دستورية أم لا، إلا أن تصريحاته أثارت مخاوف جدية من ذلك".
وأضاف فى حديثه للجزيرة نت: "تصريحات السيسى أثارت مخاوف وقلقًا لدى الأوساط السياسية من أن يكون ذلك مؤشرًا للسعى إلى توسيع صلاحيات الرئيس، وبطبيعة الحال لن تجد من يقولها صريحة إنه يريد أن يزيد من صلاحياته".
وتابع هاشم مستدركًا: "لسنا ضد التعديل على الدستور، لكن هذا التعديل لا بد أن يمثل مصلحة عامة لسائر الشعب الذى صوت عليه".
هذه المخاوف أكدها أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة حسن نافعة، معتبرًا إياها تعكس توجهًا واضحًا من السيسى لإجراء تعديلات دستورية نابعة من عدم ارتياحه لمواد فيه.
وأضاف -فى حديث للجزيرة نت- هذه التصريحات التى تم حذفها لاحقًا شكلت خطأ سياسيًا كبيرًا يعكس الحرص على الانفراد بالسلطة، والسعى لعدم وجود برلمان قوى ينازع الرئيس سلطاته.
ورأى نافعة أن السيسى متخوف من أن يستغل البرلمان صلاحياته التى جاءت أوسع مما كان عليه دستور 1971، حيث يعطى الدستور الجديد للبرلمان صلاحيات أوسع فى تشكيل الحكومة كما أن تلك الصلاحيات قد تصل إلى تهديد منصب الرئاسة نفسه.
وكان دستور 1971 ينص على أن فترة رئيس الجمهورية ست سنوات تجدد مدة أخرى، إلا أنه تم تعديل المادة المتعلقة بذلك بتغيير كلمة "مدة" واستبدالها ب"مدد"، ويتخوف مراقبون من أن ذلك التعديل ربما يتكرر مرة أخرى فى الدستور الجديد الذي تم إقراره بعد 3 يوليو/ 2013، والذي ينص على أن فترة الرئيس أربع سنوات تجدد مرة واحدة فقط. وأوضح الدكتور جمال جبريل، الفقيه الدستوري، أن "حديث الرئيس السيسى اليوم حول أن الدستور المصرى كتب بنوايا حسنة، إشارة منه تعنى ضرورة تعديل بعض من مواده، مؤكدًا أن هناك العديد من المواد فى الدستور تحتاج إلى تعديل وأخرى إلى إضافة. وأوضح جبريل أن من أبرز المواد التى تحتاج إلى تعديل ما يتعلق بضبط العلاقة بين السلطات، منها علاقة سلطة الرئيس ورئيس الوزراء، وأيضًا علاقة البرلمان والحكومة، مشيرًا إلى أنه كان لابد من وجود بعض المواد الانتقالية فى ظل غياب البرلمان وهو ما لم يتم فيما يتعلق بالتشريعات. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أكد أن الدستور المصرى كتب بنوايا حسنة، والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط وطالب الرئيس السيسى خلال لقائه بالشباب فى أسبوع شباب الجامعات بجامعة قناة السويس، المصريين جميعًا، بالتدقيق والنزول لاختيار المرشحين فى انتخابات البرلمان، مؤكدًا أننا نريد برلمانًا يساعد فى بناء الوطن.