شخصية مغمورة تردد ذكرها كثيرًا خلال اليومين السابقين، ليكتشف الجميع علاقاته المتشعبة مع أغلب حيتان الفساد بمصر.. بدأ حياته بسيطًا بائعًا للآيس كريم، وسريعًا أصبح كما يقولون في الأمثلة الشعبية "بيلعب بالفلوس لعب" وبعد تحقيقات النيابة وصفه المراقبون ب"الحرامي". "محمد فودة".. حاصل على مؤهل فني صناعي، من مدينة زفتى بالغربية، ثم عمل مراسلاً لجريدة الجمهورية في زفتى، وبعدها في جريدة الوفد، وانتقل بعدها لجريدة ميدان الرياضة، ووصل لمساعد رئيس التحرير، وكان يرأس تحريرها علاء صادق، وكون علاقات من هذه المحطات. خُصصت له صحيفة مستقلة ومساحات ثابتة لنشر مقالاته منذ منتصف التسعينيات، ومنها حصل على لقب "صحفي" الذي تبين لاحقًا أنه منتحل لهذه الصفة، وسلطت الصحيفة الضوء على جولاته ولقاءاته مع بعض رجال الأعمال والوزراء، وكانت تنشر له حوارات صحفية مع الوزراء مثل وزيري البترول والزراعة. وشغل منصب سكرتير وزير الثقافة فاروق حسني وبدا كأخطبوط له علاقات متشعبة بدوائر المال والأعمال والسياسة حتى فوجئ الجميع بخبر القبض عليه متورطًا في قضية رشوة. في 31 أغسطس 2015، ألقت أجهزة الأمن القبض على محمد فودة، باعتباره أحد أطراف قضية "الفساد الكبرى في وزارة الزراعة"، وتقول تقارير صحفية إن حجم الفساد في هذه القضية بلغ 600 مليار دولار. وأعلنت النيابة العامة، مساء الاثنين، أن التحريات أظهرت أن المتهم في القضية كل من: "صلاح الدين هلال، وزير الزراعة (المستقيل)، ومحيي الدين محمد سعيد، مدير مكتب وزير الزراعة، ومقدم الرشوة أيمن محمد رفعت عبده الجميل، والوسيط محمد فودة". تزوج فودة من الفنانة غادة عبدالرازق في مارس 2012 واستضافته بعض الفضائيات باعتباره كاتبا صحفيًا. وتضخمت، سريعًا، ثورة "فودة" بشكل لافت، ووفقًا لتحريات الأجهزة الرقابية 1997، تبين أنه يمتلك وقتها 3 ملايين جنيه، وضُبط متلبسًا في قضية رشوة بين المستشار ماهر الجندي، محافظ الجيزة وقتها، ورجل الأعمال عمرو خليفة، لإنهاء إجراءات تخصيص 130 فدانًا بطريق مصر- إسكندرية الصحراوي، ووجهت له النيابة تهمة أخرى، وهي استغلال النفوذ والكسب غير المشروع خلال سنوات عمله بالوزارة، وبعدها سجن في قضية فساد كبرى 5 سنوات في فضيحة هزت مصر وأطاحت بماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق. بعد خروجه من السجن امتلك "فودة" شبكة علاقات ضخمة برجال الأعمال والإعلاميين أبرزهم أبو هشيمة ومحمد الأمين وإيهاب طلعت، بالإضافة إلى علاقاته بعدد كبير من الفنانين والمثقفين وعلاقات برجال الدولة ومحافظين وعائلات كبرى، وحاول أن يستفيد من ذلك عبر البرلمان المقبل قبل تورطه في قضية الفساد الكبرى، التي كشفت عنها النيابة العامة ووجود اسمه ضمن المتهمين في قضية فساد وزارة الزراعة، لتقضى تقريبًا على أحلامه في كرسي البرلمان. وترددت أنباء حول علاقة "فودة" برجل الأعمال القطري الشيخ محمد بن سحيم، وتوثقت العلاقات بينهما عن طريق أحمد أبو هشيمة، الذي تربطه صداقة قوية بفودة. يقول أهالي زفتى، إن فودة بدأ كبائع "آيس كريم" وحاصل على "دبلوم صنايع"، لكنه كان طموحًا وانتقل للقاهرة، وتوسط له وزير الشباب الراحل عبدالأحد جمال الدين، ابن زفتى، ووجد له فرصة للعمل في بوفيه وزارة الثقافة، ولكنه انطلق داخل الوزارة حتى تولى منصب مستشار الرئيس للشؤون الإعلامية والصحفية. ويضيف الكاتب والمخرج شامخ الشندويلي عن محمد فودة، الذي ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه منذ 5 أيام بعد تورطه في قضية فساد كبرى، قائلا: "كان مجرد جامع أخبار للصحف يجيني البيت يقول لي أخبارك الفنية إيه يا أستاذ وكنت اكتبهاله بإيدي عشان تقريبًا مش بيعرف يكتب - كان أظن معاه الإعدادية - وكان وهو ماشى يقول لى مامعاييش اركب عشان أروّح فكنت أديله خمسة جنيه.. الكلام ده من خمسة وعشرين سنة". وأضاف "الشندويلي" على "تويتر": "بعد كده قطعت علاقتى بيه لما سمعت استغفر الله العظيم عن علاقته بالوزير الشاذ اللي استغلها وبقى رئيس تحرير جريدة مغمورة، وبعدين ملياردير من الوساطة في الرشوة بين المسئولين ورجال الأعمال وكان سببًا في دخول بعضهم السجن وقتها". وتابع مندهشًا: "الشيء الغريب أنه اتسجن مدة في القضايا دى ولما طلع سابوه يتمتع بالمليارات اللى جمعها من الحرام ويبقى من أغنى الناس في مجتمع الفساد ويلعب بالفلوس لعب، وبدل ما يكتفى باللي جمعه من حرام ظل يمارس الفساد ليجمع المزيد ويتسبب في المزيد من كشف عورات البلد".