استوقفني تقرير نشرته الزميلة "الوطن" قبل يومين عن ما قالت أنه مخطط للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين لتهريب مرسي وبديع وقيادات الجماعة من السجون قبل تنفيذ حكم الإعدام عليهم ، ولا أدري لماذا انتابني نوع من القلق على البلد من تسريب هذا التقرير ، وغمرني إحساس بأن "البعض" لا يقدر حجم المسؤولية ولا توابع القرارات ، مهما بدت له الأمور سهلة والطرق معبدة ، فالاستهتار بتوابع "نفاذ الصبر" السياسي أو الأمني سندفع ثمنه جميعا في هذا الوطن . ينسب التقرير إلى ما أسماه "مصادر مطلعة" إن عناصر من التنظيم الدولى للإخوان عقدت اجتماعاً بأحد فنادق مدينة اسطنبول قبل نحو 5 أيام، بهدف الاتفاق على التحركات خلال الفترة المقبلة للإضرار بمصر واستقرارها. وأضافت المصادر أنه تم الاتفاق على ما سموه خطة «تحرير الأبطال» وهى خطة تم وضعها لاقتحام السجون وتهريب محمد مرسى وعدد من قيادات الإخوان، على أن يكون التدريب والتجهيز لذلك بمساعدة أجهزة مخابرات دولية. وأضافت المصادر أن الجماعة قررت الاعتماد على مجموعة مسلحة تضم 66 عنصراً إرهابياً يتم إعدادهم خلال الفترة المقبلة، على أن ينفذ المخطط منتصف سبتمبر المقبل. وأوضحت المصادر أن الخطة أُبلغت لمحمد مرسى من خلال زواره فى السجن ورحب بها وطالب بتنفيذها على الفور قبل صدور حكم نهائى بإعدامه ، حسب النقل الحرفي مما ورد بالتقرير . المخطط الذي نسب إلى "مصادر مطلعة" ، وهو تقرير أمني بامتياز ، تطرق إلى أبعاد أخرى منتظر حدوثها ، مثل انفجارات تستهدف سفارات ومناطق سياحية وأخرى وصفها "بالحيوية" واغتيالات ستطال شخصيات سياسية وإعلامية ودينية واقتصادية وغير ذلك ، واختتم التقرير بما يشير ضمنيا إلى "المصدر" الذي ربما سرب هذا المخطط "الافتراضي" فيقول التقرير : قالت المصادر إن الاستخبارات المصرية تجمع المعلومات بشكل متكامل، وإن أجهزة الأمن والقوات المسلحة فى حالة استعداد دائم وتنفذ خطة «الحماية الكاملة» لكل شبر فى أرض مصر ورفع درجات الاستعداد إلى الحالة القصوى فى الكمائن الأمنية ونقاط التفتيش للقبض على العناصر التكفيرية والمجموعات المشتبه بها . التقرير مروع ، وغير مسؤول ، وقد لاحظت أنه لم تصدر أي جهة نفيا لما ورد فيه على خطورته ، وتجري العادة على أن مثل هذه التقارير ، إن كانت صحيحة ، يتم التعامل معها بشكل سري للغاية ، وتقوم الأجهزة المختصة بدورها في تفكيك مصادر الخطر وردع المتآمرين على الوطن ومنع الجريمة قبل حدوثها ، ولكن نشر هذا المخطط علانية ومن خلال الصحف وبالتفصيل يعطي انطباعات مغايرة ، كما أن نشره فيه ضرر بالغ بالمصالح الوطنية ، لأنه يثير موجة من الفزع والرعب ، وأن البلاد مقبلة على فترة من العنف الدموي الهائل ، صحيح أن الأجهزة ستتصدى ، ولكن أي جهاز أمني في العالم لا ينجح في وقف كافة الأعمال العدائية بنسبة مائة في المائة ، وبالتالي فلو صح ما نشر فهذا يخيف أي مستثمر أجنبي من جلب أمواله وثرواته لبلد قد يصبح فيها على مثل هذا الشر المستطير ، إضافة إلى أن المواطن العادي يشعر أيضا بالخوف ، وهو خوف ينعكس على ثقته بالمستقبل وبمصيره هو شخصيا في الوطن . غير أن أسوأ ما في الموضوع ، هو ما يتعلق بقصة المخطط المزعوم لتهريب قيادات الإخوان في السجون ، وأن الأجهزة مستعدة للتصدي للمخطط ، وبطبيعة الحال ، فإن مواجهة المخطط عند تنفيذه ، حسب ما نشر ، سيكون بالقوة ، ويمكن أن نسمع عقبها عن "تصفية" قيادات الجماعة بالكامل ومعهم محمد مرسي باعتبار أنهم كانوا يحاولون الهرب وتهديد الأمن القومي ، وهذا في الحقيقة سيناريو كابوسي ، لأن البلد هذا حالها كما نرى ولم يعدم أحد من قيادات الجماعة أو الرئيس الأسبق مرسي ، فكيف سيكون حال البلد إذا وقعت تلك التصفية الخطيرة . هناك وقائع حدثت خلال الأسابيع الأخيرة ، تعطي الانطباع بأن صبر البعض قد نفذ من استمرار حالة الانسداد في البلد ، وهناك أجواء مشحونة وعصبية جدا ولدت ممارسات متعجلة وخطيرة أثارت فزع كل القوى السياسية مؤخرا ، بما في ذلك من كانوا يؤيدون الرئيس السيسي ، وهي أجواء يخشى معها أن يحدث قريبا على الأرض وقائع السيناريو الكابوسي الذي سربته "مصادر مطلعة " .