تفجيرات وأعمال قتل وعنف إرهاب شوهت يوم الجمعة المعظم عند المسلمين، وتلك الجرائم المشينة تمت كلها بأيدي مسلمين، وقد اختلط دم الضحايا فيها بين المسلم وغير المسلم، الإرهاب الجبان لا يفرق بين مسلم، وبين أصحاب أديان أخرى ، الإرهاب يقتل بغرض القتل، الإرهاب بلا قضية، وبلا هدف إلا الدم، الإرهاب ملعون ومن يبرره فهو ملعون وشريك فيه، الإرهاب لا يعرف غير القتل والتفجير وجز الرؤوس وحرق أجساد الأحياء وإغراق البشر داخل صناديق حديدية مغلقة في المياه حتى الموت وتفجيرهم بالديناميت المربوط في رقابهم وارتكاب أبشع أنواع جرائم القتل لمجرد القتل، هؤلاء ليسوا ببشر كبني البشر، هؤلاء هم شر مكانا في الأرض، وهؤلاء استئصالهم واجب على الإنسانية كلها. الجمعة الثانية من شهر رمضان الفضيل، اليوم التاسع من الشهر الكريم والناس صيام بعد قيام يتوسلون إلى الله - في يوم حار ملتهب - العفو والمغفرة والرحمة والتخفيف عنهم حر ولهيب يوم القيامة لكن هؤلاء الكامنون في دياجير البغض والكراهية والأحقاد والطائفيات والتكفير كانوا يخططون لنسف مسجد بمن فيه من المصلين في الكويت ، وفي نفس اللحظة في تونس كان الإرهاب يخطط لقتل سياح أجانب و توانسة مسلمين ليدمر رافد السياحة في هذا البلد المتأزم اقتصاديا الباحث عن مخارج ومصادر للنمو والنهوض ورفع مستوى العيش لمواطنيه، وعلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط في أوروبا كان الإرهاب يفجر مصنعا ويغتال فرنسيا على أيدي جزائري عربي مسلم نال جنسية هذا البلد وعاش وتربى وكبر وأمن على حياته فيه، وأكل وشرب من خيراته ثم يطعنه غدرا بحربة الإرهاب المسمومة كما سبق وطعنه آخرون ومارسوا الإرهاب فيه وحولوا صحيفة تسخر من الإسلام ونبيه من جانية معتدية إلى ضحية مجنى عليها تحظى بتعاطف عالمي واسع وتعيد نشر قاذوراتها وتتوسع فيها. الإرهاب لا يريد أن يهدأ أو يستسلم للعقل والحق والمنطق والدين الرحيم السمح، بل هو يتوحش ويضرب كل يوم في مكان جديد كان آمنا من غدره وفحيحه كما حصل في الكويت، ويستأنف الضرب في أعصاب حساسة في بلد لا يُراد له أن يخرج من عنق الزجاجة ويتقدم للأمام في تجربته الديمقراطية الحضارية التي ينصف بها العرب والمسلمين المتهمين بالاستبداد والطغيان في الحكم والسلطان كما حصل في تونس، الكويت البلد الآمن المتسامح المتعايش سنته مع شيعته يخرج منه إرهابيون ليوتروا العلاقات بين بني شعبه وينشروا مرض الطائفية المقيتة ويفجروا مسجدا شيعيا في عمل إجرامي مدان، وهم يريدون رفع منسوب الكراهية على أساس طائفي ومذهبي ليس في الكويت فقط إنما في كل البلدان التي تتواجد فيها طوائف ومذاهب في منطقة تشهد صراعات وحروب واقتتالات طائفية حقيقية مدمرة ينجر لها الجميع ويشارك فيها الجميع. في تونس يستهدف الإرهاب الأجانب من سياح وزوار وضيوف حصلوا على عهود ومواثيق الأمن والأمان ليدخلوا البلد في دائرة العنف والدم والنار ويدمروا أحلام التوانسة في حياة ديمقراطية مدنية وفي تعايش بين مختلف القوى والشركاء من اليمين لليسار إسلاميين معتدلين وعلمانيين وليبراليين ويساريين وقوميين. وفي فرنسا يريدون مزيدا من الكراهية للجالية والتضييق على كل ما هو عربي ومسلم هناك ومزيدا من التعصب ضد المسلمين في فرنسا وأوروبا والعالم كله ومزيدا من التشويه لكل ما هو مرتبط بالإسلام ويريدون دفع فرنسا وأوروبا وأمريكا لمواصلة التدخل ضد بؤر التطرف والإرهاب فيرفعون أصواتهم بأنها حرب صليبية أخرى على الإسلام ليسهل لهم تجنيد المراهقين والمغرر بهم والمتطرفين. عمليتا الكويتوتونس مزعجتان لأنهما ينسفان فكرة أن هناك رابطا وثيقا بين الإرهاب والاستبداد، فهذان البلدان لا يعرفان الاستبداد ولا القمع ولا الكبت ولا انتهاك حقوق الإنسان ولا القهر السلطوي ولا التضييق على الحريات بل هما بلدان ديمقراطيان منفتحان متسامحان الأول يقدم نموذجا للديمقراطية والحياة الدستورية في دولة خليجية ذات حكم وراثي تشهد انتخابات حرة وبرلمان فعال ونشاط سياسي وحراك تيارات سياسية وفكرية وثقافية مختلفة ومتنوعة وحريات عامة وخاصة كبيرة تمس أحيانا شخص الأمير. والبلد الثاني يمثل التجربة الناضجة عربيا والناجية من التأثيرات العكسية للربيع العربي والتي تبني ديمقراطية تشاركية بتوافق وطني مبشر وتقدم نموذجا طيبا للإسلام السياسي المعتدل المنفتح المتعاون مع بقية الشركاء من التيارات النشطة في المجتمع. إذن الإرهاب لا علاقة له أحيانا بكون البيئة التي ينبت فيها مستبدة وقمعية ومنغلقة ، فها هى بلدان ثلاثة: الكويتوتونسوفرنسا ليست مستبدة، ومع ذلك يضرب الإرهاب فيها في مقتل. الإرهاب هو أشنع وصفة لتدمير الإنسان والحضارة والمدنية وهؤلاء الذين يندرجون في تلك الخانة السوداء يجب اقتلاعهم من جذورهم. الجمعة الحزين.. كان يوما جديدا للدم البريء.. الإسلام براء من هذا الإرهاب اللعين.. المسلمون براء منه إلى يوم الدين.. هؤلاء ليسوا منا، ونحن لسنا منهم. خالص العزاء لأسر ضحايا تفجير المسجد في الكويت، وضحايا منتجع سوسة السياحي، وضحية شركة الغاز في فرنسا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.