الفارق بين الجنزورى والبرادعى هو أن الأول من "مخازن" مبارك.. والثانى من خارجها، غير أنهما يشتركان فى مسألة "عبء العمر".. الأول اقترب من 75 عامًا والثانى لامس سقف السبعين، وكلاهما رغم الفارق المشار إليه قد يكون من الصعب عليهما النهوض بإدارة أخطر المحطات فى تاريخ مصر المعاصر. الجنزورى مسئول أُعيد "تدويره" .. وتغليفه بورق "سوليفان" الثورة، لن يخفى حقيقة التدوير.. فيما يظل البرادعى رغم كبر السن الورقة الرابحة ومن المفترض أن يظل قوة مدخرة إلى أن يحين موعد الاستحقاق الرئاسى. أية شخصة أيًا كانت منزلتها الجماهيرية وتاريخها السياسى، قد "تُحرق" حال قبلت تحمل أعباء وفواتير المرحلة الانتقالية رسميًا.. هذا لا يعنى أن يعزف البعض عن المشاركة، وإنما يفضل أن يتقدم الصف الثانى والثالث من القيادات السياسية الوسيطة والشابة، صدارة المشهد على المستوى الرسمى، فيما يتجنب "حرق" الشخصيات التى تتمتع بوفاق وطنى من جهة، وتعتبر واجهة مشرفة لأية حكومة منتخبة لاحقًا من جهة أخرى. توجد شخصيات تعرف أنها لا تملك الرصيد الشعبى الذى يؤهلها لخوض سباق انتخابى كبير فى حجم ووزن تسمية رئيس الجمهورية.. ولعلها تكون هى الأنسب فى قبول أى عرض رسمى لإسناد بعض الحقائب الوزارية إليها، وربما كان الادعاء بأن "فلانا" أو "علانا" رفض عرضًا من المجلس العسكرى بتشكيل الحكومة الجديدة، بزعم أنها ستكون غير ديمقراطية، يأتى فى سياق هذا الإحساس، ليس فقط فيما يتعلق بوزنها لدى القيادة العسكرية، وإنما أيضا لشعورها بانها محض ظاهرة صوتية، وتأمل أن لا تخرج من المولد بلا حمص.. ولو بالدعاية من خلال ترديد الشائعات بشأن رفضها "محايلات" المجلس العسكرى عليها لتشكيل الوزارة. المشكلة الأكبر فى كل هذا الصخب، أن عملية الاختيار أيًا كانت درجة دقتها وصوابها، ستظل مسألة شديدة التعقيد ومصدرًا للقلاقل السياسية، إذ تظل عمليات الاختيار.. والقبول الشعبى لها تخضع للمعايير"المزاجية" وربما تثير من الشقاق والخلافات والانقسامات ما يعقد الأمور ويحيلها إلى موضوع لتفخيخ المشهد السياسى برمته.. إذ لا ندرى من سيختار من؟! وما إذا كان الاختيار سيلقى توافقًا وطنيًا وهل سيقبل الشعب مثل هذه الوصاية؟! فيما يعيد إنتاج ذات السؤال الذى يُستند إليه بشأن "شرعية" ميدان التحرير، والموازنة بينه وبين "الكتلة الصامتة".. وما إذا كانت البلد ستدار من الميدان أم من مقر رئاسة الوزراء فى قصر العينى. عشرسات الأسئلة التى تشير إلى عمق الأزمة وتعقيداتها والتى تتيه خلالها الحقائق وسط حماس الشارع واستنفاره واستفزازه من قبل الشرطة.. وهو الوضع الذى يؤكد أن الخروج الآمن من الأزمة.. هو الانتخابات وحسب.. على أن تجرى اليوم وليس غدًا. [email protected]