اليوم يغادر أحد اصدقائى. يرحل عن هذه البلاد يرحل ولا ينوى العودة سواء ادرك هذا الآن ام لم يدركه وسيغادر آخرون غدا مثلما غادر من قبلهم بالأمس يذهبون تاركين إياى فى حيرة من المشاعر .. ما بين سعادتى لانهم أخيرا سيجدون الوطن الذى لم يجدوه فى وطن مولدهم وبين حزنى لافتقادى لهم فى مواضعهم فعندما انظر الى هذه المواضع اجدها شاغره لا تجد من يملئها .. فقد ذهب صديق الصلاة وصديق الطعام واليوم يذهب صديق الفلسفه وغدا يذهب صديق العيد.. يكفى ان افكر فى الموقف وكيف سيكون من دونهم .. حتى قبل ان يرحلوا .. الفكره فى ذاتها مؤلمة فهذا افتقده يوم زواجى وذاك افتقده فى صلاة التراويح .. ولكم من الؤلم الا تجد احدهم ليشاركك اهم لحظات حياتك بعدما شاركك فى اقلها اهمية يرحلون وربما ارحل انا الاخر تاركا فراغا فى حياة احدهم ان كنت اعنى له شيئا وذلك الجانب الجيد من ناحيتى وربما لا اترك فراغا وذلك الجانب الجيد من ناحيتهم كل وجهات النظر مؤلمة وربما لن ارحل ولكن كيف سيختلف هذا فسأكون غريبا هنا او هناك .. وحيدا هنا او هناك .. فلا يعقل ان نؤخذ قبضه واحده وننقل الى نفس البلد . ربما يقترح البعض ان بعد المسافات لم يعد يشكل ازمة فى ظل وسائل الاتصال الحديثة ولكنى لا اعلم السر وراء تأثير البعد الجغرافى فى مكالمة الهاتف على سبيل المثال فلربما ظللت انا اصدقائى نتهاتف او نتواصل عن طريق الانترنت لشهور عديده ولكن الكلام والتواصل يبدوا مختلفا عندما تتختلف الابعاد الجغرافيه لا يمكننى تفسير هذا .. ولكنه ما يحدث .. فمهما تحادثنا ومهما تكلمنا .. ستظل المسافة عائقا امام الكلام تغير منه كما تغير المواد الحافظة من طعم الطعام أعلم جيدا ان لو لم يخرجوهم ما خرجوا اخرجهم كل من لم يرد لنا ان نحيا غدا كما تمنيانه او على اسوأ احتمال يتركنا نعانى سوء اختيارنا .. اختاروا لهم وطنا فذهبوا يبحثون عن آخر لم يخرجوا سعيا وراء رغدا من العيش او شهرة او ثروة ولكنهم خرجوا مخافة الاهانة ومخافة الموت دون تهمة خرجوا ليحملوا هواتفهم دون خوف .. ليمشوا فى الشوارع دون قلق .. ليناموا مطمئنين ان لا احد سيطرق بابهم ولا نراه بعدها ذهبوا لبلاد لا يشبههم فيها احد -من حيث المظهر الخارجى- ولكنهم اقرب للآدميه مننا ..والانسان السوى هو من يقترب من الآدمية ويتمسك بها فكان من الطبيعيى ان ينفروا من الحيوانيه التى نحياها هنا ويبدوا ان طلبى القادم استحال التحقيق الم يكن من الممكن ان نحظى بالجيد من العالمين .. ان نبقى معا وان نحيا حياة كريمة رحل اصدقائى تركوا ورائهم ذكريات صنعوها بحكم المولد وحكم خطوط الطول والعرض .. وذهبوا ليبنوا ذكريات بعدما ولى زمن البناء واقترب زمن الحنين اخرجتهم العادات والتقاليد وقلة الحيلة وضيق الرزق طردهم اشخاص ربما يتشاركون معهم نفس الحامض النووى .. اغلقوا كل ابواب العودة وكل ابواب الخروج ولم يتركوا لنا غير الرحيل بديلا طردهم الغباء والجهل والعناد والظلم .. ثم يتسائل هؤلاء المخرجون المخربون .. لماذا يخرجون .. اوتدرون ما هو اسوأ من الخطأ .. الا تدرك الخطأ عندما تقع فيه لا يقلون -فى نظرى- كفرا عن كفار مكة هؤلاء الذين اخرجوهم لا كفر العقيده والمذهب ولكنه كفر بالمنطق والاسباب وعند وكفر الحقائق والارقام سأظل كلما تذكرت احدهم فى موضع ما ادعو لهم وادعوا على من اخرجوهم الا لعنة الله عليكم ايها المخربون المخرجون .. لا نامت اعينكم ولا ارتاحت جفونكم .. واخرجكم الله من مكانكم وانتم فى مكانكم .. واستوحدتم والكل بجوراكم