هل تطلق الجماعة السلمية وتدخل فى مرحلة العنف الدموي؟ "العنف، السرية، السلمية".. ثلاثة سيناريوهات تلاحق جماعة "الإخوان المسلمين" منذ أحداث 3يوليو 2013، لكن سرعان ما قطع الدكتور محمد بديع مرشد الجماعة حيرة التائهين بين السيناريوهات الثلاثة، وأعلنها مدوية أمام المعتصمين في رابعة: "سلميتنا أقوى من الرصاص"، لكن بمرور الوقت وتقلب الأحداث عادت السيناريوهات المطروحة تلوح في الآفاق، لاسيما بعد القرار بإحالة الرئيس الأسبق محمد مرسي و121 آخرين إلى المفتي، لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهم في قضيتي "التخابر الكبرى" و"اقتحام السجون". وعقب تنفيذ أحكام الإعدام ضد الشاب السكندري محمود رمضان، المتهم في القضية المعروفة إعلاميًا ب"أحداث سيدي جابر" في 7مارس الماضي وكذلك ضد 6آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا ب"عرب شركس"، لم يستبعد مراقبون تنفيذ الإعدام الصادر بحق الرئيس الأسبق. فيما تراوحت توقعات السياسيين بين سيناريوهات ثلاثة، الأول أن تتخلي الجماعة عن سلميتها التي طالما نادت والتزمت بها، والثاني العودة إلى العمل السري لتلاشي القبضة الأمنية العنيفة ضدهم، والثالث الاستمرار في رفع شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص". واختفت السلمية المصطلح الذي اعتادت الجماعة على تكراره في بياناتها وتصريح قادتها عقب كل حادث بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق 6من المعارضين، ولم تذكر في بيانهم الأخير أنها ملتزمة بالسلمية في احتجاجاتها ضد السلطات الحالية ما يرجح السيناريو الأول سالف الذكر. وأفتى الدكتور أكرم كساب، عضو جماعة "الإخوان المسلمين"، بأن "الخلاص من قضاة العسكر- حسب وصفه- والقضاء عليهم فريضة شرعية وضرورة بشرية وأمنية ثورية"، وقال إن "شباب الإخوان "ستتدعشن" قريبًا ردًا على ما يلقونه من عنف النظام". بينما أفتى الدكتور محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف الأسبق، بوجوب القصاص من الرئيس عبدالفتاح السيسي وكذلك القضاة الذين سماهم ب"قضاة الإعدام الذين أعدموا 6 في القضية المعروفة إعلاميًا ب"عرب شركس" ما يعد إعلانًا صريحًا بوفاة السلمية نتيجة لتواتر الأحداث. وجاء تعليق محمد منتصر، المتحدث الرسمي للجماعة على إعدام المتهمين في قضية "عرب شركس" قائلاً: "لا صوت يعلو فوق صوت القصاص وثورة تجتز الرؤوس من فوق أجساد عفنة"، ليعطي مؤشرًا على نفاد صبر الجماعة واحتمالية تخليها عن السلمية. غير إن مصطفى البدري، القيادي السلفي، وأحد المقربين من الإخوان، قال إن الجماعة لن تتحول إلى تنظيم مسلح، لكنه اعترف بأن "كثيرًا من قواعد وأنصار الإخوان فقدوا الأمل في حصول أي تغيير سلمي حقيقي، وبالتالي بدأ هؤلاء في إعداد أنفسهم للخيارات الأخرى للتغيير". وأضاف البدري: "رد الفعل ومقاومة الإجرام لا تسمى خروجًا عن السلمية في كل الأعراف والدساتير الدولية، والكتب المصنفة في حرب اللا عنف (السلمية) قد نصت على ذلك، فكيف بالقصاص لآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين ومثلهم من المعتقلين ومئات من المحكومين بالإعدام الذين ينتظرون الموت في أي لحظة؟! ومضى قائلاً: "ليس هذا فيه خروجًا عن السلمية أبدًا، الخروج عن السلمية يكون بالبدء بالاعتداء وليس بمجرد رد الفعل". وقال الدكتور ناجح إبراهيم، منظّر "الجماعة الإسلامية"، إنه "بعد أحكام الإعدام التي صدرت على الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات جماعة الإخوان ستظهر أطياف داخل الجماعة لن تتم السيطرة عليهم ويتحولوا إلى اتباع منهج التكفير والتشدد والعنف وسيتحولون من كارهي العنف والسلاح إلى انتهاجه ووقتها لن يستطيع أحد أن يسيطر عليه". وأضاف "الإسراف في إصدار الأحكام يضر بمصر ويعطي مبررًا لجماعات مثل "داعش" وأنصار بيت المقدس، لتنفيذ عمليات إرهابية مثل التي تحدث حاليًا"، مشيرًا إلى أن "مصر أصبحت بين ثنائي يحكمها أحكام إعدامات كثيرة من قِبل النظام يقابلها تفجيرات من الطرف الآخر"، داعيًا الفريقين أن يراجعا أنفسهما فيما يحدث. ودعا إبراهيم إلى مصالحة كبيرة بمبادرة من الإسلاميين لرأب الصدع ووقتها ستقوم الحكومة باحتواء المنازعات. وقال أحمد عبدالجواد، رئيس حزب "البديل الحضاري" تحت التأسيس إن صانع القرار يعلم تمامًا كل السيناريوهات المتوقعة، كما أن نظام 3 يوليو يهدف إلى الدعم الخارجي المفتوح بحجة مكافحة الإرهاب حال وجود رد فعل قوى ضد الأحكام وهذا ما يريده النظام. ولفت إلى أن "النظام بهذه الإعدامات يبث رسالة شديدة الوضوح للجميع بأن هذا هو مصير مَن يناهض الانقلاب"، قائلاً: "مخطئ مَن يدعى علمه بأي سيناريو لكن كل الاحتمالات مطروحة بقوة". في الإطار ذاته، قال عمرو عادل، القيادي بحزب "الوسط": "لا أرى أن الإخوان المسلمين وحدهم هم مَن بالشارع الحقيقة لذا فليس قرار الجماعة سيكون هو الحاسم والمجتمع المصري في حالة سيولة شديدة وتوجد به كتل متعددة ربما يكون تنظيم الإخوان أكبرها ولكن أعتقد أنه ليس الوحيد صاحب القرار فيما لو حدث ذلك". وحذر من أن "مصر الآن دخلت أو تكاد في طريق اللاعودة"، مضيفًا: "ربما لم يعد هناك مجال أو وقت للحديث في هذه الأمور وعلى الجميع الآن إن كان هناك مَن لا يزال يمتلك قدرًا من الحكمة ويمتلك القرار أن يمنع الانزلاق بمصر إلى هوة سحيقة لن نخرج منها بسهولة". وتابع: "إن نظام السطو المسلح الحالي صنع مئات الآلاف من الأعداء داخل مصر وربما لن يقدر أحد على السيطرة على غضبهم الذي سينتج عنفًا غير مسبوق في تاريخ مصر". ويرى عبدالرحمن صقر، القيادي الشاب المنشق عن حزب "البناء والتنمية"، والناطق السابق باسم "جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية"، إن "جماعة الإخوان المسلمين جماعة رسمية لها وزن ولها تاريخ ولن تصدر بيانًا رسميًا لانتهاج العنف. وأضاف "بعض الجماعات الإرهابية التي تعلن عن أنها ليست مع الإخوان ولكنها مع حق شهداء رابعة قد تقوم ببعض العمليات الإرهابية ردًا على تلك الأحكام"، مرجحًا أن "تلجأ الجماعة إلى سيناريو العمل السري والعنف ولكن بطريقة لا تكشف أعضاء الجماعة".