هل يمكن أن يلعب الرئيس التركي السابق، عبدالله جول، دورًا لإيقاف أحكام الإعدام التي صدرت مؤخرًا بحق الرئيس الأسبق محمد مرسي و121 آخرين فيما يعرف إعلاميًا بقضيتي "التخابر الكبرى" و"اقتحام السجون"؟. يأتي هذا التساؤل بعد دعوات في الصحافة التركية إلى توسط "جول" لدى الرئيس عبدالفتاح السيسي لإلغاء عقوبات الإعدام التي تثير حساسية خاصة لدى الأتراك، وما يجعله مرشحًا للقيام بهذا الدور، هو احتفاظه بعلاقة جيدة نوعًا ما عن خليفته الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي دأب على مهاجمة النظام الحاكم في مصر. وكان جول أدان الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة في مطلع الأسبوع الجاري، بإحالة أوراق الرئيس الأسبق محمد مرسي و121 للمفتي لاستطلاع الرأي في إعدامهم من بين 166 متهما في قضيتي "التخابر الكبرى" واقتحام السجون". وقال جول في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر": "إعدام الرئيس مرسي ورفاقه سيكون نقطة سوداء في مستقبل مصر الشقيقة". وأضاف في تغريدة ثانية "يجب إيقاف هذه المرحلة الخطيرة قبل فوات الأوان. أذكر هذا كصديق حقيقي ومخلص لمصر". وتحت عنوان "إعدامات مصر.. لا بد أن تتدخّل تركيا"، علق الكاتب التركي، فهمي كورو في مقال نشرته صحيفة "خبر تورك" على أحكام الإعدامات التي ثارت جدلاً واسعًا في مصر وخارجها، قائلاً: "حكمت محكمة مصرية، على الرئيس المنتخَب محمد مرسي ومائة شخصيّة أُخرى من جماعة الإخوان المسلمين بالإعدام. هذا الحكم كان في قضيّة واحدة فقط، وهناك عشرات القضايا التي يمكن أن يُحكم فيها بالإعدام أيضًا". وأضاف "غدونا في زمان لا تصدر الإعدامات فيها، حتى على القتلة المستأجرين في كثير من بلدان العالم. ومن المؤسف أن نرى هذه الحالة النادرة في مصر، خاصة ما يسمى "الجرم السياسي"، فذلك عار آخر على المنظومة القضائية في الدولة". وفي إشارة إلى الوضع في بلاده في السابق، تابع الكاتب: "تركيا كانت دولة كمصر الآن، وذلك في أعوام (1950-1960). ظلّت المحكمة المدنيّة في تركيا تصدر حكم الإعدام على ثلاثة سياسيين كبار في تركيا. بعد تلك الفترة، أنشأت الحكومة التركية ثلاثة ضرائح للسياسيين الذين قضوا حياتهم على كرسي الإعدام، في مبادرة لرد الاعتبار لهؤلاء السياسيين. بعد تلك الإعدامات بحق سياسيين أتراك، أصبح حتى مناصرو الانقلابات العسكرية السابقة في تركيا لا يرضون بتنفيذ الإعدامات". وشدد كورو على أنه "لا يوجد مصطلح "الجرم السياسي" في العالم المدني والحضاري الآن، لتحكم على شخص لأنه مجرم سياسي. وهذا يُلقي في نفس الإنسان الدهشة". وقال إن "حكم الإعدام الذي صدر بحق محمد مرسي، لم يكتمل بعد. ولتنفيذ حكم المحكمة أُحيلت القضية لمفتي الجمهورية ليأخذ موافقته عليها. لكن بمجرّد إصدار المحكمة حكم الإعدام تعالت الأصوات المندّدة لإصدار المحكمة للحكم. ونتمنى أن يأتي قاض متّزن وقريب من الاعتدال وينقذ مصر ولا تقع في نفس حفرة تركيا أعوام الستينات". ومضى قائلاً: "إذا سرت المرحلة القضائية في مصر نحو إعدام فعلي لمرسي، يقع على عاتق تركيا الكثير لإيقاف تنفيذ الإعدام. فتركيا خير من يعلم حقيقة فترة ما بعد الإعدامات. لها تجربة مريرة في هذا الموضوع، وهي المرشّح الأقوى للعمل على إيقاف أحكام الإعدام. فتركيا لازالت إلى يومنا هذا، تعيش الحداد على أرواح الذين قضوا حياتهم على منصّات الإعدام، رغم مرور عشرات السنين. ورأينا قبل أيام عصيان أفراد عائلة قائد الانقلاب كنعان أفرن عام 1980 أثناء مراسيم الدفن. في الحقيقة كان منظرا اعتبر منه الجميع". وتساءل الكاتب التركي: "إذا افترضنا ذهاب وفد من تركيا إلى مصر لإقناع الجنرال السيسي لوقف أمر الإعدام، يا ترى من الممكن أن يرأس الوفد؟، على ضوء ما تشهده العلاقات المصرية التركية من تباعد وبرود لم يشهده تاريخ البلدين من قبل. حيث تم سحب السفراء من كلا البلدين، وخفض الممثليات الديبلوماسية إلى أدنى حد. لكن رغم ذلك لابد لتركيا بأن تتدخّل لفعل شيء"! وقال إن "السؤال الذي سألناه قبل قليل، يدلّنا على شخصية واحدة يمكنها التواصل مع الجنرال السيسي وهو، عبدالله جول، رئيس الجمهورية التركية السابق". وما يجعله مرشحًا للقيام بهذا الدور وفق الكاتب أن "الرئيس السابق ورغم تدهور العلاقات بين مصر فهو لا زال يحظى باحترام القيادة الجديدة لمصر، لاسيما أن جول لم يكن له أي دور في تدهور العلاقات بين البلدين. وإذا قبل جول أن يتحمّل هذه المسؤولية عليه أن يسعى جاهدا لوقف قرار إعدام محمد مرسي والآخرين". يشار إلى أن تركيا تتخذ موقفًا تضامنيًا مع مرسي الذي أطاح به الجيش من منصبه في 3يوليو 2013، إثر احتجاجات شعبية، وقد انعكس ذلك على العلاقات مع السلطة الحالية، التي يشوبها كثيرًا من التوتر، مع سحب مصر سفيرها من أنقرة، وتخفيض تمثيلها الدبلوماسي مع تركيا، وطردها السفير التركي لدى القاهرة.