«جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت.. ولقد أبصرت للدنيا طريقًا فمشيت.. كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري» هذه هي كلمات إيليا أبو ماضي التي تغنى بها العندليب عبدالحليم حافظ، في مشهد من أشهر مشاهد السينما المصرية، والمؤكد أن المخرج حسن الإمام لم يفكر وهو ينهي واحدًا من أفلامه الميلودرامية التي برع في تقديمها أن تعبر السينما عن الواقع إلى هذه الدرجة مثلما حدث في "الخطايا". تجد وردة صغيرة لم تبلغ بعد عامها السادس، تمسك بأجزاء من ملابس والدتها، لتخفى وجهها فيها حينًا، وتظهر ابتسامتها البريئة حينًا أخرى، وحين تسألها عن اسمها تذكر الاسم الأول فقط، وإذا سألتها عن حبها للمدرسة، تجيب بأنها لم تذهب إليها من قبل، والسبب هو عدم امتلاكها لشهادة ميلاد. حالة هذه الطفلة يماثلها آلاف الأطفال الذين قد يجد بعضهم سبيله في الشارع، أو تأويه دار لرعاية الأطفال الأيتام واللقطاء، يقدر عدد قضايا إثبات النسب في مصر بنحو 15 ألف قضية وفقًا لتصريحات المستشار حسن منصور نائب رئيس المحاكم الشرعية. فيما أكد وزير الصحة الأسبق الدكتور حاتم الجبلي، في تصريحات صحفية، أن مراكز رعاية الأطفال مجهولة النسب استقبلت 17 ألف طفل خلال الفترة الممتدة من عام 1996 حتى عام 2009، على الرغم من أن هناك آلافًا من قضايا إثبات النسب التي تنظرها المحاكم المصرية، إلا أن القضية تصبح من القضايا المثيرة للجدل والأكثر إلحاحًا للمناقشة في وسائل الإعلام بمجرد أن يكون أطرافها من المشاهير، مثلما يحدث الآن في القضية التي أطرافها الفنانان أحمد عز وزينة.
قاعدة ''الولد للفراش'' لا يمكن أن يكون لها الأولوية أكد طاهر أبو النصر المحامي في مركز هشام مبارك للقانون، أن توفر الحامض النووي dna أمر من شأنه حسم أي خلاف، خاصة أن قاعدة الولد للفراش لا يمكن أن يكون لها الأولوية، مشيرًا إلى أن الأزمة مازالت في قواعد القانون الذي لا يلزم بإجراء التحليل ويتم ترك الأمر وفقًا لرؤية القاضي لأن المشرع أعطاه مساحة كبيرة تعتمد على وجود عقود أو شهود يثبتون العلاقة الزوجية. الولد للفراش والأولى Dna أكد الشيخ شوقي عبداللطيف، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن القاعدة الفقهية للفصل في قضايا النسب لا تتعارض مع التطور العلمي لقوله تعالي: "كل يوم هو في شأن"، مشيرًا إلى قول الرسول "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، قائلاً "لو أن تحليل ال Dna يعطي نتيجة صحيحة لا تقبل التشكيك فلا مانع من الاعتماد عليه". وأضاف عبداللطيف في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الرسول اعتمد على أساليب أخري لإثبات النسب، مشيرًا إلى إن مشروع السفيرة مشيرة خطاب عام 2010 والذي حاولت من خلاله وضع تصور قانوني لحل أزمة مجهولي النسب لا يخالف الشرع على الإطلاق لأن التبني محرم شرعًا. ''DNA'' يكذب أحيانًا أكد دكتور مصطفى أيمن، كبير الأطباء الشرعيين سابقًا في تصريحات صحفية، إن نتائج تحليل الحامض النووي Dna يمكن أن تكون غير دقيقة بنسبة 2 في الألف، وذلك بناءً على مدى الدقة المتبعة أثناء إجراء التحليل من حيث تعقيم المعمل وعدم وجود عوامل طبية أو بكتيرية يمكنها التأثير على نتيجة التحليل علاوة على المعرفة الكاملة لمن يجرى التحليل بخطوات إجرائه بدقة، مشيرًا إلى أن هذه الأسباب وراء أن المشرع المصري لم يعط الأولوية لتحليلDna في قضايا النسب لذلك لم يعترف به كإجراء نهائي ووضع بداخل أخرى منها "القيافة" والتي لها أساس علمي وليس تاريخيًا فقط لأن أي جنين يحمل 50% من الصفات الوراثية لأحد الوالدين.
إثبات النسب في الشريعة جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي "إن نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية في إثبات نسب الأولاد إلى الوالدين أو نفيهم عنهما، وفي إسناد العينة (من الدم أو المني أو اللعاب) التي توجد في مسرح الحادث إلى صاحبها، فهي أقوى بكثير من القيافة العادية (التي هي إثبات النسب بوجود الشبه الجسماني بين الأصل والفرع)". أما إثبات نسب الولد الناتج من علاقة غير شرعية فغير وارد باتفاق الفقهاء، حتى لو أثبتت فحوصات البصمة الوراثية نسبه إليه؛ لأن الزنا لا يصلح سببًا لثبوت النسب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الوَلَدُ لِلفِراشِ وَلِلعاهِرِ الحَجَرُ) والمراد ب(الفِراش) أن تحمل الزوجة من عقد زواج صحيح، فيكون ولدها ابنًا لهذا الزوج.
خبير حقوق الطفل: "المجتمع يوصف الطفل مجهول النسب ب"ابن حرام" وتحليلDna الأمل الوحيد لزينة أكدت الدكتورة سمية الألفي، خبير حقوق الطفل والأسرة وعضو اللجنة الاستشارية للطفولة بجامعة الدول العربية، أن ظاهرة انتشار الأطفال مجهولي النسب ليست جديدة، فهي السبب في عمل العديد من التشريعات والقوانين ولكنها انتشرت في الفترة الأخيرة نتيجة علاقات غير شرعية وأطفال لا يمكن التخلص منهم نتيجة لها، مشيرًا إلى أن ذلك التزايد له علاقة بالتغيرات التي حدثت داخل المجتمع وعدم الاهتمام بالأطفال نتيجة انشغال الأب والأم بتوفير متطلبات الحياة، فالأطفال أصبحوا يتركون بمفردهم طوال اليوم بالإضافة إلى تملص دور المدرسة. وأضافت الألفي في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الانفتاح الشديد من الإعلام على الثقافات المختلفة والدرجات العالية من الحرية الجنسية غير الملائمة لمجتمعنا وانتشار المخدرات والفن الهابط السبب وراء الأطفال مجهولي النسب، قائلة "المجتمع يوصف الابن مجهول النسب بابن حرام". وأشارت إلى أننا في حاجة إلى تيسير التشريعات الخاصة بالأسر البديلة وكفالة الأيتام وإيجاد صيغة لا تتعارض مع الدين الإسلامي لتبني هؤلاء الأطفال، خاصة أن الدولة لا تعترف بالعقد العرفي والقانون يأخذ بتحليل Dna الذي أعطي الفرصة لزينة لرفع قضية على أحمد عز فهو الأمل الوحيد لها.
علماء الطب الحديث يستطيعون إثبات النسب عن طريق الجينات قال الدكتور عبدالهادي مصباح، في تصريحات له، إن علماء الطب الحديث يستطيعون إثبات الأبوة، أو البنوة لشخص ما أو نفيه عنه من خلال إجراءات الفحص على جيناته الوراثية؛ حيث قد دلت الأبحاث الطبية التجريبية على أن نسبة النجاح في إثبات النسب أو نفيه عن طريق معرفة البصمات الوراثية يصل في حالة النفي إلى حد القطع أي بنسبة 100 %، أما في حالة الإثبات فإنه يصل إلى قريب من القطع وذلك بنسبة 99 % تقريبًا. وأضاف مصباح أن طريقة معرفة ذلك أن يؤخذ عينة من أجزاء الإنسان وفحص ما تحتوي عليه من كروموسومات تحمل الصفات الوراثية فبعد معرفتها يمكن أن يثبت بعض هذه الصفات الوراثية في الابن موروثة له عن أبيه لاتفاقهما في بعض هذه الجينات فيحكم عندئذ بأبوته له، أو يقطع بنفي أبوته له.