قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب أحمد التوفيق إن المغرب تمكن من بناء نموذج فريد للاعتدال في المنطقة العربية بقيادة "إمارة المؤمنين"، معتبرا أن "المغاربة سلفيون كل على طريقته". وجاء ذلك في ندوة علمية نظمها اليوم الخميس المجلس العلمي الأعلى في المغرب (المؤسسة الدينية الرسمية في البلاد يرأسها الملك) اليوم، حول موضوع السلفية: تحقيق المفهوم وبيان المضمون، بمشاركة عدد من الفقهاء وعلماء الدين المغاربة، تعد الأولى من نوعها في المغرب والتي تناقش بشكل عمومي موضوع السلفية وتياراتها ومفاهيمها. واعتبر الوزير المغربي أن "المغاربة سلفيون لكن كل على طريقته"، مضيفا في ذات السياق أن مناقشة موضوع السلفية "شديد الالتباس"، خاصة حين ينظر إليه حاليا من جهة "الطعن في ثوابت الأمة الدينية والأنظمة السياسية". وأشار الوزير المغربي إلى أن الوهن الذي أصاب "الجماعة" في الإسلام تاريخيا، أدى إلى ظهور جماعات هامشية سعت لمصادرة اسم الجماعة الأم ولكسب الزعامة الدينية، مضيفا أن هناك بعض الجماعات تعمل على "انتحال السلفية"، وعلى تصوير المُحتمع الأول بأنه الملجأ المخلص وبأنه ينتمي لزمن غير تاريخي. وأوضح توفيق أن بعض الجماعات تحت غطاء السلفية تعمل على البحث عن هوية خاصة بها داخل بلدان إسلامية لها هويتها العامة، داعيا العلماء المسلمين إلى الانكباب على الاهتمام بموضوع "السلفية" وشرحه للعموم. من جانبه اعتبر محمد الفيزازي، أحد أبرز شيوخ التيار السلفي في المغرب، الذي سبق أن اعتقل بمقتضى قانون الإرهاب سنة 2003، حيث قضى 8 سنوات في السجن قبل الإفراج عنه بعفو ملكي، أن مفهوم السلفية أضحى مُشوها عند غالبية عموم الناس، بسبب خروج بعض الجماعات الإرهابية من تحت عباءة السلفية وممارستها أعمال إرهابية شنيعة باسمها. وشدد الفيزازي على أهمية مناقشة موضوع السلفية وطرحه في أوساط النخب والعلماء وكذلك في صفوف الجمهور، لراهنيته القصوى، وفي ظل انتشار فهم قاصر لهذا المصطلح وربطه ب"تميز في اللباس، أو نظرة خاصة للمرأة، أو معاداة للصوفية". في المقابل اعتبر المفكر المغربي مصطفى بن حمزة أن السلفية في المغرب كانت تسعى منذ ظهورها إلى محاربة مختلف أشكال الابتداع ورد المجتمع إلى الكتاب والسنة وتحرير الأرض والمساهمة في تحرير الوطن من الاستعمار، ما جعلها -حسب بن حمزة- سلفية علمية حريصة على وحدة الأمة وتآلفها. ودعا بن حمزة في ذات السياق إلى ضرورة المحافظة على وحدة الأمة الإسلامية، بديلا عن التشرذم والخلاف الذي وقعت فيه الأمة حاليا. وكان المغرب قد شهد موجة اعتقالات وتوقيفات طالت، حسب منظمات حقوقية مغربية ودولية مستقلة، أكثر من 3 آلاف شخص في صفوف ما بات يُعرف ب"السلفية الجهادية" على خلفية التفجيرات الإرهابية التي هزّت العاصمة الاقتصادية للبلاد الدار البيضاء (شمال ) 16 مايو سنة 2003، وأودت بحياة 42 شخصا بينهم 12 من منفذي التفجيرات، و8 أوروبيين، في هجمات انتحارية وصفت بالأسوأ والأكثر دموية في تاريخ المغرب. ومباشرة بعد هذه الأحداث تمت المصادقة بالبرلمان على قانون مكافحة الإرهاب، رغم المعارضة التي كان يلقاها قبيل حدوث التفجيرات. وأبرمت وزارة العدل المغربية إلى جانب مؤسسات حكومية أخرى اتفاقًا مع ممثلي السجناء في 25 من شهر مارس/آذار 2011 يقضي بالإفراج عنهم على عدة دفعات. وأفرجت السلطات المغربية بالفعل على عدد من أبرز قادة التيار السلفي في البلاد، لكن "اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين" تتهم السلطات ب"التأخّر في تنفيذ باقي بنود الاتفاق". ولا يعرف على وجه الدقة عدد المعتقلين الذين يقبعون في السجون. ويطالب سجناء محسوبون على بعض التيارات السلفية الجهادية الحكومة المغربية ب"فتح تحقيق حول عمليات تعذيب" يقولون إنهم تعرّضوا لها داخل السجون، فيما تنفي الإدارة العامة للسجون وإعادة الإدماج المغربية هذه الاتهامات قائلة إنه "لا دليل على ارتكاب مثل هذه التجاوزات"، وأنه يتم احترام القانون ومعايير حقوق الإنسان في التعامل معهم.