بدأت كتائب الثورة الليبية التي تعمل تحت قيادة رئاسة أركان القوات المسلحة التابعة لحكومة طرابلس ، بدأت معركتها الخطيرة والحاسمة ضد تنظيم "داعش" في وسط البلاد ، والذي يسيطر على أجزاء ليست قليلة من مدينة سرت ومحيطها ، ومدينة سرت هي معقل أنصار القذافي ونظامه من سنوات طويلة ، وقد أكدت التقارير التي نشرتها الصحافة الغربية عن عمل فلول نظام القذافي ضد الثورة لتخريبها مختبئين تحت أعلام تنظيم الدولة ، كما أنه موثق ثناء أحد أبرز فلول نظام القذافي وقياداته الهاربة ، أحمد قذاف الدم ، على تنظيم داعش ومقاتليه ، ووصفهم بأنهم أتقياء أنقياء ، وأنه يؤيدهم ويرى أنهم تأخروا كثيرا في الظهور ، وذلك في حواره الشهير مع الإعلامي المصري وائل الإبراشي ، وكان مراقبون عديدون قد لاحظوا أن ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التابعة لحكومة طبرق لم تستهدف أبدا قوات داعش في سرت ، رغم أن طيرانها وهجماتها طالت التراب الليبي كله من شرقه لغربه لجنوبه لشماله ، فيما اعتبر أن حفتر يلعب بورقة داعش لإنهاك قوات فجر ليبيا وكتائب الثوار واستنزافهم هناك . خلال هذا الأسبوع قررت كتائب الثوار التابعة لرئاسة أركان الجيش الليبي في طرابلس التحرك بقوة لإنهاء سيطرة داعش وعملياتها العدوانية في سرت وضواحيها ، ومنها عملية ذبح قرابة عشرين مواطنا مصريا قبل أسابيع ، والمعركة مستعرة الآن وقدمت كتائب الثوار شهداء كثيرين وتضحيات كبيرة في تلك المعركة الحاسمة ، المعركة ضد الإرهاب ، غير أن هذه العملية تتم وسط صمت غريب جدا من القاهرة ، التي تتحدث عن مخاطر الإرهاب في مصر وليبيا وتونس ، وتقول أن داعش خطر على الإنسانية ولا بد من رص الصفوف لمواجهتها ، كما ظلل الصمت قوات حفتر وحكومة طبرق ، إلا أن وزير خارجيتها شعر بحرج موقفهم أمام المجتمع الدولي ، فأصدر بيانا أثنى فيه على هجوم قوات فجر ليبيا دون أن يسميها على داعش وأكد أن هذا يعزز التوافق الوطني ، إلا أن المفاجأة أتت في اليوم التالي مباشرة عندما حرك خليفة حفتر قواته في غرب ليبيا لفتح جبهة معركة عنيفة مع كتائب الثوار وفجر ليبيا ، مدعومة بقصف طيرانه الذي تدعمه وتموله الإمارات و"غيرها" ، وفي مفاهيم الحرب البسيطة ، يمثل هذا السلوك دعما مباشرا وقويا لتنظيم داعش الإرهابي ، بمعنى أن فتح جبهة عنيفة وملتهبة على القوات المهاجمة لداعش هو سلوك يخفف الضغط بداهة على داعش ويرهق خصومها ويضطرهم لوقف حملتهم ضد الإرهاب للالتفاف إلى المعركة الأخرى التي نشأت في ظهرهم ، وهذا باختصار ، وبوضوح كامل ، يعني أن خليفة حفتر يلعب مع داعش وينسق معها ويوظفها ، وأن حديث أحمد قذاف الدم عن تأييده داعش والثناء على مقاتليها ورسالتهم لم يكن من فراغ . المجتمع الدولي يبدو أنه بدأ يشكل رؤية جديدة وقريبة حول الخريطة الجديدة في ليبيا ، وخاصة بعد البيان العنيف الذي أصدرته الأممالمتحدة وتندد فيه بهجوم خليفة حفتر على مطار "معيتيقة" الدولي في طرابلس العاصمة وهو المطار المدني الوحيد في العاصمة لربطها بالعالم الخارجي ، واعتبرت الأممالمتحدة أن من قام بالهجوم حفتر يتعمد إرباك الحوار الوطني الليبي ويعوقه ، وهذه أول إشارة إلى اتهام حفتر بأنه يتعمد إعاقة الحوار الوطني بما يعني أنه معرض لعقوبة أممية عما قريب . معركة "فجر ليبيا" ضد الإرهاب ، أحرجت الجميع ، وعرت الجميع ، وكشفت عن أن "حدوتة" الإرهاب ، يستخدمها البعض فقط للتوظيف السياسي وابتزاز المجتمع الدولي ، ولا يتورع البعض عن دعم الإرهابيين واللعب معهم إذا كان ذلك سيحقق لهم مصالح آنية ، وهو نفس ما فعله بشار في سوريا من قبل .