رسائل دعم من الرئيس اليوناني للسيسي    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    الزمالك يعلن فسخ التعاقد مع المدرب البرتغالي بيسيرو بالتراضي    مدرب برشلونة يفتح النار على التحكيم بعد الخروج الأوروبي    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    مديرية العمل بالإسماعيلية تعقد ندوة فى المنطقة الصناعية عن مخاطر الإدمان    النيابة تعاين مدرسة المعلم المتهم بالاعتداء على 3 طالبات في الإسكندرية    ضبط المتهمين في واقعة تعذيب وسحل شاب بالدقهلية    إطلاق قافلة مائية مجانية لخدمة أهالي قرية أبو الشقوق بالشرقية    طلعت مصطفى تحقق 160 مليار جنيه مبيعات خلال 126 يومًا    «تموين القاهرة»: سحب 30 عينة عشوائية من المواد البترولية لتحليلها    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    مصرع تاجري مخدرات في حملة أمنية بقنا    ب6 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع بلاستيك بالقناطر الخيرية    قبل «دم على نهد».. مسلسلات ل«هند صبري» مستوحاه من روايات    «الصحة» تستقدم خبيراً مصرياً عالمياً في زراعة الأعضاء    المستشار الألماني الجديد يبدأ أول جولة خارجية بزيارة فرنسا    البابا تواضروس: الأم تريزا ومجدي يعقوب شخصيات بنت جسور المحبة بالفعل وليس الكلام    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    وزير العمل يُعلن بدء التقديم في مِنح مجانية للتدريب على 28 مِهنة بشهادات دولية    «طالبوا ببيعه».. جماهير برشلونة تنتقد أداء نجم الفريق أمام إنتر في دوري أبطال أوروبا    تقارير: بايرن ميونخ يرغب في التعاقد مع باتريك شيك    انخفاض أسعار «البامية والبطاطس والبطيخ» بأسواق المنيا اليوم الأربعاء 7 مايو    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة اليوم    وزير التعليم العالي يستقبل وزير خارجية جمهورية القمر المتحدة.. تفاصيل    عمال مصر .. أيادٍ كريمة وإرادة لا تعرف المستحيل    قرار هام من المحكمة بشأن المنتجة سارة خليفة وآخرين في قضية تصنيع المخدرات    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    ضبط 49.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الري: توظيف أحدث التكنولوجيات للتعامل مع تحديات المياه    رغم مرور 22 عاما على عرضه، فيلم "سهر الليالي" يرفع شعار "كامل العدد" بالسينما اليوم    غداً.. صناع فيلم «نجوم الساحل» ضيوف منى الشاذلي    روجينا تهنئ رنا رئيس بزفافها: "أحلى عروسة وأحلى أم عروسة"    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يفتح باب التقديم لمشاريع "ملتقى القاهرة السينمائي"    مخرج «لام شمسية» يكشف السبب وراء اختلاف أسماء الحلقة 14 وتأخر عرض الأخيرة    وائل غنيم يعتذر لتركي آل الشيخ ويعلن توبته: «ظلمت نفسي وسأعيد الحقوق لأصحابها»    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    شقيقي عاجز عن دفع مصاريف مدارس أولاده فهل يجوز دفعها من زكاة مالي؟.. عالم أزهري يجيب    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    جامعة بنها: توقيع الكشف الطبي على 80 حالة بمدرسة المكفوفين    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    الأسباب والأعراض    حظك اليوم.. مواليد هذه الأبراج «شباب دائم» لا تظهر عليهم الشيخوخة هل أنت من بينهم؟    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    قانون الإيجار القديم أمام البرلمان.. الحكم الدستوري لا يحرر العلاقة بل ينظمها بعد عقود من الظلم    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    بيدري منتقدا الحكم بعد توديع الأبطال: ليست المرة الأولى!    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    ترامب: لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية ولن يبقى أمامنا خيار إذا سارت في طريق آخر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة الليبية من بوسليم إلى داعش
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 17 - 02 - 2015

من كان يتخيل، أن يخرج شعب على الزعيم الأكثر عنفًا وجنونًا في المنطقة، لكن هذا ما حدث بالفعل، إذ وصل تأثير الانتفاضات في مصر وتونس، للبلد المتوسطة بينهما؛ لليبيا، لينتفض شعبها أخيرًا على زعيم بلادهم لأكثر من 42 عامًا، لتصبح فترة حكمه الأطول في تاريخ ليبيا منذ أن كانت ولايةً عثمانية في 1551، والأطول لحاكم غير ملكي في التاريخ.
ففي 17 فبراير 2011 شهدت ليبيا انتفاضة شعبية على الرئيس الذي وصفته صحيفة نيويورك تايمز بالغوغائي؛ لتقابل الانتفاضة بمزيد من قمع قوات أمن القذافي ومرتزقته الذين أتى بهم من إفريقيا وغيرها، ما أدى لتحولها لثورة مسلحة، اشتبكت مع قوات القذافي على مدار 8 أشهر، حتى استطاعت السيطرة على آخر معاقله، واعتقاله حيًا، ثم إعدامه، وذلك في 20 أكتوبر 2011.
وخلال الشهور الثمانية، عمر الثورة، وبعدها، سقط الكثير من القتلى، وجمع غفير من المصابين، مع اضطراب في التوثيق والإحصاء، كما هو حال ليبيا على مدار 4 سنوات، منذ بداية ثورتها وحتى الآن.
البدايات الأولى للثورة
في 15 فبراير، اعتقلت قوات الأمن في بنغازي المحامي فتحي تربل (محامي أهالي شهداء سجن بوسليم)، فاندلعت تظاهرات، واجهتها قوات الأمن، ما أدى لسقوط 38 جريحًا.
وفي 16 فبراير، خرجت تظاهرات في مدينة البيضاء، تعد الأولى من نوعها في ليبيا منذ حكم القذافي. واجهتها قوات الأمن، ما أدى لسقوط 3 قتلى، لتكون شرارة الثورة الليبية. ثمّ في 17 فبراير، وتحت شعار يوم الغضب الليبي، انطلقت الاحتجاجات في 7 مدن رئيسية، هي: بنغازي، البيضاء، طبرق، درنة، أجادبيا، نالوت، الزاوية، الزنتان ويفرن. واجهتها قوات الأمن، ليتطور الأمر لاشتباكات ومواجهات عنيفة، إذ قام المتظاهرون بإحراق عدد من المباني الحكومية، فيما قتل من المتظاهرين نحو 49 شخصًا (20 في بنغازي و23 في البيضاء و3 في أجدابيا و3 في درنة)، وذلك بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، فيما قال المحامي فتحي تربل، إن العدد في بنغازي وحدها، وصل لأكثر من 200 قتيل، و1000 جريح.
بحسب تقارير، نقلًا عن شهود عيان، فإن عددًا من أفراد الأمن، رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين. بدورها قامت الحكومة الليبيبة بإقالة مسؤول أمني في مدينة البيضاء، كما شنت قواتها حملة اعتقالات في العاصمة طرابلس، ألقي خلالها على 14 ناشطًا، وذلك بحسب موقع بي بي سي عربي.
لاحقًا، اتسعت دائرة الاحتجاجات، لتشمل أغلب المدن الليبية، فيما استطاع المتظاهرون في عدد منها، السيطرة على مدنهم، وطرد أنصار القذافي، فضلًا عن حدوث انشقاقات واسعة في صفوف الجيش قوات الأمن، وانحياز المنشقين للثوار.
في 20 فبراير وفي نفس اليوم، كاد متظاهرو العاصمة طرابلس، أن يسيطروا على المدينة، بعد خروج تظاهرات حاشدة، انضمت إليها قوات الأمن، ليسيطر المتظاهرون على مبنى الإذاعة، متوجهين نحو الساحة الخضراء بوسط العاصمة، إذ أعلنوا بدأهم في اعتصام مفتوح، إلا أن مرتزقة من خارج المدينة، بالإضافة إلى آخرين مناصرين للقذافي من داخلها، خرجوا اشتبكوا بالأسلحة النارية مع المعتصمين بالساحة الخضراء، إلا أنه، وفيما عدا بنغازي، فلا يوجد إحصائيات دقيقة، بخصوص عدد القتلى في المدن الأخرى، بما فيها طرابلس.
وخرج يومها، ولأول مرة منذ بدء الاحتجاجات، سيف الإسلام القذافي، في خطاب متلفز، يحذر فيه من اندلاع حرب أهلية في ليبيا لطبيعتها القبلية، واعدً بسن قوانين إصلاحية، وتعديلات دستورية، في المقابل أعلنت قبائل عدة انحيازها للثورة، على الرأس منها قبيلة ورفلة (أكبر قبيلة بتعداد مليون ونصف نسمة)، وقبيلة ترهونة، ثاني أكبر قبيلة، وينتسب إليها معظم جنود جيش القذافي، فيما أعلنت الزوي، المتواجدة في مناطق حقول النفط في الجنوب؛ أنها ستوقف ضخ النفط للعالم، إذا لم يتوقف "سفك الدم الليبي"، بحسب بيان لها، نقلته وسائل الإعلام المختلفة.
في يوم 22 فبراير، ألقى القذافي خطابه الشهير، الذي شبه المتظاهرين فيه بالجرذان. وبعيد الخطاب، بدأت عمليات إطلاق نار في طرابلس، التي شهدت حصارًا مفروضًا عليها من قبل المرتزقة. في المقابل، شهدت مدن شرق ليبيا سيطرة شبه تامة من قبل المتظاهرين، فيما انشقت كتائب الجيش في مدينة الجبل الأخضر، معلنة انضمامها للثوار، واستطاع أهالي مدينة البيضاء، إلقاء القبض على 400 مرتزق.
هذا وشهدت الدبلوماسية الليبية، عددًا من الاستقالات بين سفرائها، كما شهدت الحكومة انشقاق عدد من وزرائها، على رأسهم وزير العدل، مصطفى عبدالجليل، ووزير الداخلية، عبدالفتاح يونس العبيدي.
وعلى الصعيد الدولي، أصدر مجلس الأمن قرار رقم 1970، بفرض عقوبات دولية على نظام القذافي، مخولًا محكمة الجنايات الدولية، بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبها النظام بحق المدنيين الليبيين. كما قرر الاتحاد الأوروبي، حظر بيع الأسلحة والذخيرة لليبيا، مجمدًا أصولًا للقذافي و5 أفراد من عائلته.
ما بعد المجلس الوطني الانتقالي
وفي يوم 27 فبراير، شهدت الثورة تطورًا هامًا، بإعلان تأسيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، شرق ليبيا، في المدن التي سيطر عليها الثوار، برئاسة الوزير المستقبل، مصطفى عبدالجليل.
وأعلن المجلس أنه ليس حكومة مؤقتة، إنما واجهة للثورة في الفترة الانتقالية، مؤكدًا أن تأسيسيه جاء بالتعاون مع قيادات الثوار في مختلف المدن، وأن له مقارًا ومجالس في كافة المدن، فيما أعلن ناشطون في مدن غربية وضع أنفسهم وغيرهم من الثوار، تحت إدارة المجلس الانتقالي.
وقبل تأسيس المجلس الوطني الانتقالي، كانت حالات استخدام السلاح من قبل الثوار، قليلة ومعدودة، رغم وجود عدد من مخازن الأسلحة تحت أيديهم، في مدن الشرق الليبي، فضلًا عن قوات الجيش التي انشقت لتنضم إليهم.
وبعد تأسيس المجلس الوطني الانتقالي، وتحديدًا في أول شهر مارس 2011، بدأ المجلس في تأسيس جيش التحرير الوطني الليبي، جيشًا للثورة الليبية، مكون من عسكريين منشقين من الجيش والأمن، ومتطوعين، لتبدأ بعدها أولى المواجهات المسلحة المنظمة من قبل الثوار، بغية تحرير مناطق غرب ليبيا، وصد هجمات قوات القذافي على مدن شرق ليبيا.
ففي يوم 2 مارس اجتاحت 500 مدرعة عسكرية تابعة لقوات القذافي، مدينة البريقة، إلا أن قوة من جيش التحرير الوطني، قدرت بالآلاف، خرجت من أجدابيا نحو بريقة، لتخوض ما عرف بمعركة البريقة الأولى، منتصرةً على قوات القذافي، التي تقهقرت إلى راس لانوف.
وقع في تلك المعركة، نحو 18 قتيلًا، يرجح كون أغلبهم من الثوار، فيما لا توجد تفاصيل نؤكد ذلك.
كانت تلك بداية المعارك المسلحة، التي خاضها الثوار بشكل منظم، ضد قوات القذافي وكتائب مرتزقته، للتوالى المواقع، ومعارك الكر والفر، حتى استطاعت كتائب القذافي في 19 مارس الانتصار فيما عرف بمعركة أجدابيا الأولى، متقدمة نحو بنغازي، التي كانت تمثل عاصمة للثوار آنذاك، لتبدأ ما عرفت بمعركة بنغازي الثانية، إذ قامت قوات القذافي، بحصار المدينة، وقصفها بالطائرات، لتخلف إجمالًا ما لا يقل عن 100 قتيل من الجانبين، بحسب مصادر إعلامية وحقوقية متعددة.
بعيد بدء المعركة، وعلى خلفية المعارك السابقة، أعلن الرئيس الفرنسي وقتها، نيكولاي ساركوزي، البدء في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1973، والصادر بتاريخ 17 مارس 2011، بإقامة حظر جوي على ليبيا. وبدأ تنفيذ القرار بعدة غارات جوية استهدفت قوات القذافي، حول مدينة بنغازي، ما أجبرها على الانسحاب نحو مدينة أجدابيا.
بعد ذلك بأيام، بدأت معركة جديدة في مدينة أجدابيا التي تتمركز فيها قوات القذافي، إذ قامت كتائب الثوار، مدعومة بالطيران الدولي، بالهجوم على قوات القذافي، في معركة دامت نحو 5 أيام، منذ 21 وحتى 26 مارس، سقط خلالها إجمالًا، نحو 180 قتيلًا، بحسب CNN.
لاحقًا، وبعد عدد كبير من المعارك التي شهدت كرًا وفرًا من الجانبين، وسقوط آلاف القتلى، وعشرات آلاف المصابين، فضلًا عن الخسائر الفادحة في البنية التحتية؛ استطاعت كتائب الثوار (جيش التحرير الوطني الليبي)، أخيرًا، وبمساعدة كبيرة من قبل الغطاء الجوي الدولي (طائرات حلف شمال الأطلسي)؛ من الوصول إلى العاصمة الليبية طرابلس في 20 أغسطس 2011، ليحققوا انتصارات جزئية في بعض الأحياء، التي استطاعوا السيطرة عليها، كما استطاعوا إلقاء القبض على أعداد من قوات القذافي، فضلًا عن سيطرتهم على قاعدة معيتيقية العسكرية، ودخولهم منزل منصور ضو، قائد الكتائب الأمنية في العاصمة.
في اليوم التالي، 21 أغسطس، استطاع الثور السيطرة على مطار طرابلس الدولي، وكذلك مبنى الإذاعة والتلفزيون، ثم في 23 أغسطس، دخل الثوار قصر باب العزيزية، مقر إقامة القذافي، الذي كان هرب إلى مدينة سرت، وبعض قواته. كذلك استطاع الثوار أسر محمد القذافي، الابن الأول للقذافي.
وفي 20 أكتوبر 2011، استطاعت طائرات الناتو، استهداف موكب للقذافي، أثناء محاولته الخروج من سرت باتجاه الغرب، ليلقي ثوار مدينة مصراته، القبض عليه، قبل قتله فيما وصف بالظروف الغامضة. ويقال إن جثته الآن مدفونة في الصحراء غرب ليبيا.
وخلال الفترة منذ بدء الثورة، وحتى مقتل القذافي، يقدر عدد الضحايا في ليبيا، بنحو 50 ألف قتيل، وذلك بحسب هشام بوحجر، قائد قوات جيش التحرير الوطني الليبي (قوات الثوار)، نقلًا عن رويترز.
الفترة الانتقالية
شهدت الفترة الانتقالية، منذ مقتل القذافي، عديدًا من المراحل التي اتسم أغلبها بالتوتر والاضطراب، بخاصة مع وفرة السلاح بين الشعب الليبي، ومع انتهاء وجود الهدف الواحد الذي وحد الليبيين (الإطاحة بالقذافي)، تفرقت السبل بين الشعب الليبي، كل بحسب توجهاته وخلفياته.
لكن وفي 7 يوليو 2012، استطاع الليبيون التصويت في أول انتخابات برلمانية، ليسلم المجلس الوطني الانتقالي، السلطة إلى المؤتمر الوطني العام المنتخب، والذي أوكلت إليه مهمة تشكيل حكومة مؤقتة، وصياغة دستور جديد لليبيا.
وقام المؤتمر الوطني العام، بتشكيل لجنة، لإعداد قانون الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، والذي وقع بمدينة البيضاء، في 20 يوليو 2013، تمهيدًا لإجراء انتخابات للجنة الستين (لجنة وضع الدستور المشكلة من 60 عضوًا منتخبًا)، والتي لم تستطع حتى الآن إتمام عملها بسبب ما تشهده ليبيا من اضطرابات وانقسامات.
شهدت ليبيا، خلال تلك الفترة أحداثًا مسلحة (هجومات وتفجيرات) من قبل من وصفوا بحسب مصادر إعلامية متعددة بالمتشددين، فيما أكدت أخرى أنهم أفراد تابعون لتنظيم القاعدة؛ كان من بين تلك الأحداث، الهجوم على مساجد وساحات تابعة للصوفية، فيما وصفته رويترز بالهجوم "الطائفي"، وكذلك الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، في 11 سبتمبر 2012 ما أدى لمقتل السفير الأمريكي في ليبيا، وهو الحادث الذي وصفه محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني، بالمدبر، مؤكدًا أن عناصر أجنبية متورطة فيه، مشيرًا إلى علاقة تربط تنظيم القاعدة بالمتورطين في الحادثة.
كذلك شهدت ليبيا في أكتوبر 2012، انتخاب المؤتمر الوطني العام، للمحامي الحقوقي، علي زيدان؛ رئيسًا للوزار.
وتعرض "زيدان" في 10 أكتوبر 2013 للاختطاف من قبل غرفة عمليات ثوار ليبيا، من الفندق الذي كان يقيم فيه بطرابلس، ليتم تحريره بعدها بساعات، دون ورود تفاصيل عن أسباب الاختطاف.
وقام المؤتمر الوطني بسحب الثقة من حكومة زيدان، في 11 مارس 2014، ليتم تكليف وزير الدفاع، عبدالله الثني، بمهام رئيس الحكومة لحين انتخاب رئيس وزراء جديد.
انقلاب اللواء خليفة حفتر
في 14 فبراير 2014، أعلن اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، عبر تسجيل مصور، نشر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ قيامه بتحرك عسكري، بغية إيقاف المجلس الوطني عن العمل، فيما وصفه بالاستجابة لمطالب الشعب الليبي، نافيًا أن يكون تحركه انقلابًا عسكريًا.
وفي 16 مايو 2014، أعلن حفتر رسميًا، إطلاق عملية عسكرية أسماها "عملية الكرامة"، قائلًا، إنها تهدف إلى "تطهير ليبيا من الإرهاب والعصابات والخارجين عن القانون، والالتزام بالعملية الديموقراطية، ووقف الاغتيالات، خصوصًا التي تستهدف الجيش والشرطة"، مضيفًا، أنها "ليست انقلابًا، وأن الجيش لن يمارس العمل السياسي".
حازت عملية الكرامة، تأييدًا من قبل قيادات في القوات المسلحة الليبية، بل حازت تأييد رئيس الحكومة المؤقتة، المعين من قبل المؤتمر الوطني العام، عبدالله الثني، وكذلك سابقه علي زيدان.
وشهدت ليبيا في 25 يونيو 2014 أول انتخابات برلمانية منذ الإطاحة بالقذافي، إذ شهدت تقدمًا للتيار الليبرالي على الإسلامي. ثم لاحقًا وفي يوليو 2014، وبدعوى الظروف الأمنية المضطربة، عقد البرلمان جلساته في مدينة طبرق، الواقعة تحت سيطرة قوات حفتر، فيما يعد انتهاكًا للقانون الذي ينص على "الاستلام والتسليم في طرابلس، وأن يكون مقر البرلمان في بنغازي".
واعتبر المؤتمر الوطني العام، ومعه التيارات الإسلامية المختلفة، عقد البرلمان غير شرعي، فيما وقفت قوات حفتر في صف البرلمان، الذي أعطاها الشرعية، معتبرًا إياها الجيش النظامي الليبي.
في المقابل تكونت قوات عملية فجر ليبيا من مجموعات ثورية مسلحة، مثل درع ليبيا الوسطة، غرفة ثوار ليبيا، الحرس الوطني ومعسكر 27، ومجموعات مسلحة من مدن مصراتة، الغريان، الزاوية وصبراتة، لمواجهة ما وصفته بالانقلاب العسكري، بقيادة عسكرية من اللواء خليفة حفتر، وزعامة سياسية من برلمان طبرق، وللآن تدور معارك الكر والفر بين الجانبين.
وبحسب تقارير عدة، فإن قوات عملية فجر ليبيا، تسيطر على أغلب المساحات المتقاتل عليها، إذ سيطرت على مدينة طرابلس بمطارها الدولي، الذي خاضت عليه معارك طويلة، كذلك تسيطر فجر ليبيا على أغلب المدن الليبية، فضلًا عن أجزاء كبيرة من مدينة بنغازي، والتي يدور فيها صراع مسلح بينها وبين قوات عملية الكرامة.
داعش ليبيا
وفي أواخر 2014، أعلنت جماعة ليبية مسلحة، تدعى مجلس شورى شباب الإسلام (تحالف بين عدد من الجماعات المسلحة الإسلامية)؛ مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
التنظيم، ومنذ ظهوره في ليبيا، أعلن عن تنفيذه عددًا من العمليات، في مدن ليبيا مختلفة، تركزت معظمها ضد قوات حفتر.
وأخيرًا وليس آخرًا، بث داعش تسجيلًا مصورًا، يوم الأحد السابق، يظهر فيه إعدامه ل21 قبطيًا مصريًا، كانوا يعملون في ليبيا؛ كان اختطفهم منذ فترة معلنًا عن ذلك، إلا أن سلطات الانقلاب المصرية، لم تتحرك لتخليصهم.
من جانبها، أعلنت القوات المصرية، شن طائراتها، 8 غارات جوية على مدينة درنة، شرقي ليبيا، ما أودى بحياة 50 شخص بحسب التلفزيون المصري، الذي قال إنهم إرهابيون، بينما قالت فجر ليبيا، التي أدانت الغارات؛ إنها (أي الغارات) استهدفت مدنيين، من بينهم 3 أطفال لقوا حتفهم.
ورد داعش على غارات طيران الجيش المصري، ببيان أعلن فيه استهدافه للمصريين على الأراضي الليبية. هذا وذكرت صحيفة "ليبيا هيرالد"، أن نحو 35 مصريًا خطفو، أمس الإثنين، من مناطق متفرقة في ليبيا، على يد عناصر من داعش، فيما يبدو أن تنفيذ من داعش لتهديدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.