قلت من قبل: إن رهانات مصر، في مناطق التوتر المتماسة مع أمنها القومي، كلها تقريبًا بلا استثناء رهانات خاسرة، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، فهي تراهن على "حفتر" في ليبيا، وعلى "دحلان" في فلسطين، و"بشار" في سوريا، وعلى النظام الشيعي الطائفي المتطرف في بغداد!! غير أن أخطر هذه الرهانات "الخاسرة" هو الرهان على "الحوثيين الشيعة" في اليمن.. وهو رهان ليس مستفزًا فقط للرئة الخليجية التي تتنفس عليها مصر اقتصاديًا.. وإنما قد يجعل قناة السويس رهينة رضا أو سخط ذوي العمائم السوداء في "قم" الإيرانية. حتى الآن.. يظل موقف القاهرة من اليمن مبهمًا وغامضًا، وفي حين تتجه العواصم الخليجية وعلى رأسها الرياض صوب الحل السياسي.. فإن في مصر أصواتًا زاعقة تتحدث عن التدخل العسكري!! وهي مفارقة خارج سياق اللحظة ودروس التجارب، حيث لم تنفع لغة "العضلات" القوى الكبرى، وانتهى بها الحال على أن تغلب "العقل" على "العجرفة" في تسوية الأزمات الدولية والإقليمية. اليمن.. تعتبر هي الأخطر الآن، فيما يتعلق بالأطراف الإقليمية التي تزعج القاهرة، و"اللعب" مع الحوثيين، لن يعزز وحسب من الغضب السعودي التي يمثل موقفها محصلة القرار الخليجي مجتمعًا وتأثير هذا الغضب على المظلة المالية الخليجية التي يراهن عليها الرئيس السيسي، في تخطي تحديات خطرة تهدد مباشرة بقائه في السلطة، وإنما لما تواتر من أنباء بالغة الخطورة بشأن سيناريوهات إيرانية، تقتفي أثر تجربة روسيا مع أوكرانيا.. وهي سيناريوهات كشف عنها المفكر السياسي الكويتي الكبير د.عبدالله النفيسي. والأخير يعد أهم مرجعية عربية في الشأن الإيراني بشقيه السياسي والمذهبي، ويعتبر الباحث العربي الأكثر اطلاعًا على ما يدور خلف الأبواب المغلقة في طهران، بحكم مصادره المتعددة منذ أن تفرغ للبحث والتأليف في الشؤون الإيرانية. النفيسي في تغريدة له على تويتر يوم أمس 10 مارس 2015، قال: "صدق أو لا تصدق بأن إيران ستنظم (استفتاء) في العراق لضم الأخير إلى إيران تمامًا كما ضمت روسيا القرم مؤخرًا؟ هل تخطط إيران لذلك في اليمن"؟ ولا ينبغي الاستخفاف بكلام النفيسي، فإيران تحتل فعلاً العراقوسوريا، وفرضت احتلالها لهما بمنطق "وضع اليد" أو الأمر الواقع.. وأن فكرة الاستفتاء على ضم العراق ثم اليمن إليها، مسألة ليست مستبعدة، وتجربة إيران مع الإمارات تشجعها على مثل هذا الصنيع، فهي تحتل منذ أكثر من ربع قرن، ثلاث جزر إماراتية، وتتعامل مع البحرين بوصفها محافظة إيرانية. فماذا ستفعل مصر.. حال تحققت توقعات النفيسي وضمت إيران اليمن إليها باستفتاء رسمي؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.