عادل أبوطالب أصبح دور المنظمات الإقليمية وعلى رأسها جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجى فى أزمات المنطقة موضع تساؤل بعد النتائج التى انتهت إليها تطورات المشهد اليمنى الأخير بسقوط صنعاء فى أيدى الحوثيين. وباتت هذه المنظمات مجرد «شاهد عيان «وربما «متفرج» على تطورات أحداث تقرر مصير دول المنطقة وتخلق فيها أوضاعا تنتهى ليس فقط لصالح أطراف إقليمية هى فى الحالة اليمنية «إيران» بل وتؤكد عجز هذه المنظمات عن لعب أى دور فى دعم أمن واستقرار وربما سياده هذه الدول. واكتفت هذه المنظمات بالوقوف على الهامش فى متابعة التطورات الجارية فى اليمن ، بل واقتصر دوره على التنسيق مع المبعوث الأممى جمال بن عمر فى متابعة تصريحاته التى كان يدلى بها من حين لآخر للصحف ووسائل الإعلام العربية والعالمية. شكل سقوط صنعاء فى أيدى الحوثيين ضربة لجهود الجامعة العربية التى سعت للتدخل فى أزمة اليمن من دون جدوى ، وأيضا للمبادرة الخليجية التى أسقط الاتفاق الأخير مع الحوثيين الحكومة الانتقالية التى نصت عليها المبادره ضمن خطة الانتقال السلمى للسلطة المنصوص عليها فى الاتفاق . وتكشفت عن مصادر خليجية مطلعة ل «الأهرام العربى» أن الدور الأساسى الذى استوعب الموقف الذى شهدته العاصمة اليمنية صنعاء ليلة التوقيع على الاتفاق سبقته جهود وساطة عمانية مكثفة أفضت إلى التوصل إلى اتفاق الحوثيين والدولة اليمنية، مع ضغوط إيرانية على الحوثيين لتوقيع عيه. ولم تخف المصادر أن هناك مشاورات جارية الآن داخل أجهزة مجلس التعاون الخليجى لبحث مستقبل الأزمة وسط مؤشرات تؤكد بأن الأزمة اليمنية باتت مرشحة للمزيد من التدهور وسط سيطرة الحوثيين على غالبية المواقع السيادية فى الدولة، وانهيارالجيش وقوات الأمن أمام زحفها على المؤسسات العامة ومعظم صنعاء. وتشير إلى أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى سوف يعقدون اجتماعا تشاوريا فور عودتهم من نيويورك بعد المشاركة فى اجتماعات الدورة العادية الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل بحث مستقبل الأزمة، والنظر فى مساعى الوساطة الخليجية القائمة حاليا والتى تقودها سلطنة عمان بشكل قد يدخل المزيد من التعديلات على بنود الاتفاق الأخير فى اليمن ويسعى لخلق إطار توافقى متوازن بين الطرفين وليس التيار المنتصر فى صنعاء الذى يسعى للضغط لتلبية كل شروطه وربما إلغاء الاتفاق من الأساس. لقد بات اليمن على حافة مرحلة جديدة قد تحمل عناوين عديدة أبرزها التقسيم، والتفتيت، والحرب الأهلية والقبلية، والطائفية، وربما الفوضى العارمة على غرار ما حدث ويحدث فى ليبيا، وربما سوريا أيضا. والخطر أن فرص صمود الاتفاق الأخير مع الحوثيين تظل ضعيفة أمام صموده، بل وموضع شك الكثيرين فى اليمن ونخبته السياسية. وهو ما يضع مجلس التعاون الخليجى الأقرب جغرافيا إلى اليمن فى ورطة يبقى الخروج منها مرتبطا بدور داعم ربما تبقى المملكة العربية السعوديه هى الوحيده المؤهلة له على خلفية أنها الجارة الشمالية والنافذة لليمن عما يحدث من تطورات. ويبقى السؤال المحير هو أنه إذا كان التيار الحوثى هو الذى يقوم بمهمة اجتثاث حركة الإخوان المسلمين فى اليمن الممثلة فى حزب الإصلاح بكل تفرعاته القبلية (آل الأحمر) والعقائدية، والعسكرية (اللواء على محسن الأحمر) ... فما الموقف فى شأن الدور الإيرانى وهل انتصار الحوثيين على الإخوان يعيد اليمن إلى إطاره العربى أم يقع ورقة رابعة فى أيدى إيران بعد العراقوسوريا ولبنان.... وهل ستقبل دول مجلس التعاون الخليجى بهيمنة الحوثيين المدعومين من إيران على اليمن خاصرتها الجنوبية الأضعف، ومصدر التهديد التاريخى لها. وحينها سنجد مرشدا أعلى فى اليمن يستولى على السلطة. خطورة الأمر تكمن فى تكرار سيناريوهات تبدو البيئة الداخلية فى اليمن وأيضا الإقليمية والدولية مؤهلة لها بقوة، فالأوضاع فى المنطقة مقبلة على حرب على إرهاب داعش ربما تستغرق سنوات، والجميع سوف يوجه كل اهتماهه نحوها. واليمن فى حالة داخلية «مرعبة» وسيناريوهات عديدة تنتظره بعد معادلة سياسية وقبلية وعسكرية مضطربه عاشها لأكثر من نصف قرن ، وباتت الفوضى المسلحة، هى السيناريو الأقرب أمام تيار حوثى لا يعنيه تفكك الدولة ويحصر اهتمامه فى المناطق الزيدية فقط فى الشمال. والحال فى شأن الجامعة العربية محير أيضا، فحالة ليبيا فى الشمال الإفريقى من المنطقة العربية ربما يكررها اليمن فى منطقة الخليج ..فوضى سلاح... خطر إرهاب وتيارات أصولية متشددة... فهناك أكثر من ثلاثين مليون قطعة سلاح فى اليمن، وربما يتكرر سيناريو داعش فى اليمن بحرب طائفية نصحو عليها بين حركات إسلامية شيعية وأخرى سنية على الدرجة نفسها من التشدد.