قال الدكتور عصام شرف يوم أمس، إن تفعيل قانون الطوارئ جاء ل"حماية الثورة"..! ولم يشرح لنا رئيس الحكومة كيف تلتقي "الثورة" مع "الطوارئ".. على الرغم من أن الأولى قامت أصلا لسحق هذا القانون سيئ الذكر والسمعة؟! الثورة لن يحميها إلا وهج الشوارع.. ورقابة الرأي العام لأداء الحكومة والمجلس العسكري.. الثورة يهددها قانون الطوارئ ولا يحميها.. بل إن قرار مد العمل به، ينذر بإحياء أيام الثورة الأولى في النفوس والضمائر، ويغري بعودة المليونيات إلى الميادين العامة.. لأن عودته أي قانون الطوارئ كان في فحواه ومعناه الحقيقي، "تكريما" لمبارك ورد اعتبار لنظامه الفاسد وأجهزته الأمنية الوحشية. منذ أيام قليلة اجتمعت الأحزاب السياسية مع المجلس العسكري، ولم يتحدث أحد عن هذه "المصيبة" التي وضعت البلاد والعباد في أتونها ونارها مجددا.. الكل تحدث عن الضمانات التي تكفل له "حصة" من مقاعد البرلمان.. بل بعضهم طالب المجلس العسكري أن يبقى في الحكم إلى أجل غير مسمى.. والبعض الآخر، طالب برئيس "عسكري" للبلاد.. فيما غاب أي كلام جاد يكون في وزن وحجم كارثة "الطوارئ" رغم أنها وضعت أصلا، ليس لمكافحة البلطجة، وإنما لمكافحة "السياسة" حال خرجت عن "مقاس" صاحب القرار وعكننت عليه "مزاجه". من قاموا بالثورة.. ليس من بينهم حزب واحد من تلك التي اجتمع بها المجلس العسكري، واستمع إليهم.. من قاموا بالثورة لا يزالون على أطراف وهوامش المشهد يراقبون ما يجري.. ويعلمون جيدا أن ثورة 25 يناير، نجحت بعدما تقرر تجاوز كل هذه الخشب المسندة، والقفز على "أحزاب الأنابيب" التي صنعها مبارك في حضانات ومعامل مباحث أمن الدولة المنحل. الأحزاب التي اجتمعت مع المجلس العسكري، وتجاهلت قانون الطوارئ وبحثت فقط عن حصتها في كعكة البرلمان القادم.. هي جزء من نظام مبارك.. وتحمل ذات جيناته الوراثية.. ولم يكن لها من دور إلا تجميل النظام والخدمة تحت أحذيته واضفاء الشرعية على "الوريث" حيث انقطع حلمه بعد الثورة وبقيت تلك الكائنات بكل حمولتها الطفيلية الموروثة من نظام الرئيس السابق. مد العمل بقانون الطوارئ كان رسالة شديدة الوضوح، مفادها أن عقلية مبارك لا زالت تتبوأ مركز الثقل في العقل السياسي الرسمي المصري الذي يدير الفترة الانتقالية..وهي في معناها الحقيقي تعني أن نجاح الثورة ربما كان "شكليا" حيث اختفى مبارك وبقي العشرات مثله في المؤسسات السياسية والأمنية الرسمية التي ورثت مؤقتا تركته.. اتشحت بوشاح الثورة، فيما ظل ضميرها يدين بالولاء لعقيدة مبارك في أكثر صورها قمعا ووحشية. الغاء قانون الطوارئ.. بات هو المطلب الأهم الآن.. وله الأولوية على أية مطالب أخرى.. وسيكون من العار على الجميع إن سكتوا .. ومالوا إلى "الطواطؤ" .. لأن هذا السكوت "خيانة" للثورة ولدم الشهداء الذين سحقوا وسقطوا برصاص استقى شرعيته من هذا القانون الذي اذل المصريين على مدى ثلاثين عاما مضت. [email protected]