"ابتسم أنت في الإسماعيلية" هذه اللوحة تقابلك عندما تدخل إلى المدينة الجميلة الهادئة الوادعة ، مدينة الإسماعيلية ، وبالفعل حق لأهلها أن يضعوا هذه العبارة المتفائلة وهم واثقون ، ولكن يبدو أن ابتسامات الزائر للمدينة لها أسباب أخرى غير الجمال والهدوء ، خاصة بعض الظواهر المثيرة للاستغراب أو الضحك أيهما أقرب ، والتي يصعب أن تجد لها تفسيرا ، على سبيل المثال هناك شارع شهير لدى السائحين في المدينة وهو شارع البلاجات كما هو مشهور لدى الناس ، أو شارع عمارة السياحي كما هو مكتوب عليه بشكل رسمي ، وهذا الشارع هو قبلة السائحين للمدينة لما فيه من شواطئ ونوادي واستراحات ومقاه وغير ذلك من لوازم استجمام السائحين ، إلا أن السائح ما إن يدخل إلى هذا الشارع حتى يفاجأ بالطريق الفسيح يختنق ويضيق ويفاجأ بكتل خرسانية تسد نصف الطريق على الأقل ومدافع رشاشة مشرعة في وجهه وجنود غاضبون وسيارات شرطة تكمن في جوانب الطريق ، حتى ليخيل للسائح أنه داخل إلى ثكنة عسكرية أو بقايا مواجهة بين الشرطة وعصابات مسلحة ، هذا المشهد الغريب سببه أن جهاز مباحث أمن الدولة لم يجد في طول المدينة وعرضها موقعا يتخذه مقرا سوى الشارع السياحي الرئيسي في المدينة ، ربما باعتبار أن أجهزة الأمن من المعالم السياحية الشهيرة في مصر ، وفي شهور الصيف بشكل خاص تجد هذا الطريق شبه مغلق بسبب هذه "الخوازيق" الخرسانية وسيارات السادة الضباط وسيارات الحراسة التي تسد ثلثي الطريق مما يجعل المرور بالغ الصعوبة في الشارع السياحي ، ومدينة الإسماعيلية لها امتدادات كبيرة لأن محيطها صحراوي ، وهناك مواقع كثيرة في المدينة متميزة وبعيدة عن السياحة والسائحين والزحام والمتزاحمين يمكن أن تكون بديلا أكثر من مناسب ، ولكن يبدو أن وزارة الداخلية ما زالت مصرة على اعتبار مقر مباحث أمن الدولة من المعالم السياحية الخالدة للمدينة ، أسباب أخرى للابتسام في الاسماعيلية ، فقد كانت هناك لمسات جمالية في مدخل المدينة وميادينها العامة الشهيرة ، تتمثل في أعمال فنية لطيفة تعبر عن جمال المدينة وتجعل السائح والزائر مقبلا على أجواء من الراحة والتفاؤل والاسترخاء، ولكن أحد الجهابذة رأى أن يستبدل هذا كله بمجموعة من التماثيل الفجة بلا أي معنى أو مبرر ، مثل ذلك التمثال الذي وضعوه في مدخل المدينة للقادم من القاهرة في صورة فلاح ضخم يرفع فأسه ويوشك أن يهوي بها على رأس من يقابله بدعوى أن هذا رمز للفلاح الذي حفر القناة ، وقد كانت هناك من قبل في نفس المكان تحفة فنية جميلة في صورة مجسم ثمرة مانجو وثمرة فراولة مدلاة وهي من أشهر ثمار الإسماعيلية التي يحبها الناس ويذكرونها بها ، وكان زوار المدينة يشعرون بالتفاؤل وهم يرون هذا المشهد الجميل يحتضنهم عند مدخل المدينة ، فأبى ذلك الجهبذ المجهول إلا أن يضع لهم بدلا منها الفأس مشرعة في وجوههم يشعر من ينظر إليها وكأنها ستهبط على رأسه أو سيارته ، وأخيرا تم إنشاء نفق جديد جميل في وسط المدينة لحل مشكلة مرورية لربط جانبي المدينة التي يقسمها شريط السكة الحديد وهو حل جميل وبديع لولا أن الخارج من هذا النفق سيفاجأ بإشارتي مرور متتاليتين لا يفصل بينهما سوى مائة وخمسين مترا ، وهذه عبقرية مصرية نادرة ، لأنها أقصر مسافة بين إشارتي مرور في التاريخ الإنساني من يوم أن اخترع " بنز" السيارة ذات المحرك . [email protected]