على مشارف مدينة الإسماعيلية ستجد لوحة تأمرك بالابتسام.. فأنت فى الإسماعيلية.. ولكنك فى شوارع وميادين المدينة الجميلة والدافئة.. ستجد لوحات أخرى ليست معنية بك أساسا أو ابتسامتك ومشاعرك أو حتى رأيك.. وإنما هى فقط انتثرت فى كل مكان لتؤكد أن الفخرانى يرحب بجماهير الأهلى.. هكذا مرة واحدة.. قرر اللواء عبدالجليل الفخرانى أن يختصر كل شىء فى شخصه فقط.. ويصبح هو الذى يرحب بجماهير الأهلى وليست الإسماعيلية ولا النادى الإسماعيلى ولا حتى جماهير الإسماعيلى.. وعلى الرغم من أنها المرة الأولى التى تزدان فيها أى مدينة مصرية بلوحات ترحيب تحمل اسم شخص لم يدفع من جيبه ثمن لوحة واحدة.. فإننى لا أود التوقف عند ذلك طويلا.. فهناك ما هو أهم ويستدعى التوقف والقلق والانزعاج.. فاللواء الوزير المحافظ.. عبدالجليل الفخرانى.. اجتمع مع قادة روابط مشجعى الإسماعيلى مساء أمس الأول، وطالبهم بعدم حمل أو رفع أعلام الإسماعيلى وراياته فى مباراة اليوم أمام الأهلى.. لأن التعليمات قررت أن يرفعوا أعلام مصر وليس أعلام الإسماعيلى.. ولا أعرف كيف تخيل محافظ الإسماعيلية وكل من هم وراءه أو فوقه أن جمهور الإسماعيلى.. عاشق كرة القدم وصاحب واحدة من أطول وأجمل وأرق حكاياتها فى تاريخ مصر.. يمكن أن يتابعوا مباراة مهمة لناديهم دون أن يرفعوا راياته وألوانه.. ولا أزال حتى الآن أناشد كل المسؤولين أن يسمحوا لجماهير الدراويش بأن تذهب للملعب وهى تحمل أعلامها وراياتها.. ولا أظن أن ذلك يتعارض مع المبادرة التاريخية التى عقدها مجلسا إدارة الأهلى والإسماعيلى.. وجماهير الأهلى أيضاً لن تقبل التنازل عن راياتها وأعلامها الحمراء ولا يجرؤ عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة أن يطلب منها ذلك.. فهى بالنسبة للأهلاوية والدراويش ليست مجرد أعلام وألوان.. ولكنها تجسيد لحب وانتماء وشجن وتاريخ طويل يجب أن يحترمه كل الآخرين.. وإذا كان من السهل والممكن جدا حل هذه المشكلة والسماح لجماهير الناديين بحمل أعلامها داخل الملعب دون أن يؤثر ذلك على مبادرة السلام والوفاق بين الناديين.. فإن المشكلة الباقية التى لابد لها من حل هى اللواء عبدالجليل الفخرانى نفسه.. ومثله كثيرون من السادة المحافظين والمسؤولين الذين لا يتذكرون كرة القدم إلا عند المشهد الإعلامى الصاخب والمثير ولحظة لمعان فلاشات كاميرات الصحافة والتليفزيون.. وحين ينتهى هذا المشهد.. لا أحد منهم يتذكر كرة القدم.. لا أحد يلتفت إلى جروحها وهمومها ومواجعها.. فهم فى قرارة أنفسهم لا يحترمونها ولا يعترفون بها أصلا ولا يرون لها أى قيمة إلا مغازلة الناس فى لحظة جنون وغرام بالكرة.. محافظون كثيرون جدا فى بلادنا لا يتذكرون أندية تسكن محافظاتهم تتخبط وتتداعى وتوشك على الانهيار فى كل نهار جديد وهم لا يبالون بذلك.. ثم يأتى الأهلى أو الزمالك ليلعب مع أى من هذه الأندية.. فيجرى السيد الوزير المحافظ ليجلس كالطاووس مختالا فى مقصورة الملعب وكأنه العاشق الأول لكرة القدم وللنادى البائس الذى ينتمى للمحافظة.. ومن المؤكد أن الدكتور عبدالمنعم عمارة كان على حق حين أبقى السلطان على كل الأندية الرياضية فى يد المجلس الأعلى للشباب والرياضة.. ولم يكن الدكتور على الدين هلال على صواب حين تنازل عن هذا السلطان للسادة المحافظين.. وجاءت اللحظة التى لابد أن يرفع فيها المحافظون أيديهم عن الناس والأندية وكرة القدم. [email protected]