تباينت آراء ومواقف عدد من الإسلاميين والخبراء في شئون الجماعات الإسلامية حول المبادرة التي تقدم بها القيادي الجهادي طارق الزمر لتفعيل مبادرة الجماعة الإسلامية لوقف العنف، من خلال إصدار العفو عن ضباط الشرطة المتورطين في تعذيب المعتقلين وتفكيك عناصر الصدام داخل الجماعات في مقابل قيام الحكومة بالإفراج عن المعتقلين وتعويضهم ماليا. وأشار فريق من المراقبين إلى إمكانية تعاطي الحكومة بشكل إيجابي مع المبادرة في ظل مأزقها الشديد سواء على مستوى الأوضاع الداخلية أو بشأن توتر علاقاتها مع واشنطن وحاجتها إلى إحداث إنفراجة في العديد من الملفات وعلى رأسها الملف الإصلاحي. في حين استبعد الفريق الآخر إمكانية قبول الحكومة بهذه المبادرة بسبب سيطرة المعالجة الأمنية على أسلوب تعاطي الحكومة على أي مبادرة تخص جماعة الجهاد، مشددا على أن الحكومة تفضل الاحتفاظ بقادة الجهاد داخل المعتقلات خوفا من زيادة حدة معارضيها بعد تبني العديد من قادة الجهاد للملف الإصلاحي. وأكد الدكتور عمر هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن الحكومة تفضل التحفظ تجاه أي مبادرة تقدمها الجماعات الإسلامية بسبب ميراث الشكوك الرهيبة التي تحكم علاقات الطرفين ثم أن قيام الجهات الأمنية بنقل القيادي الجهادي عبود الزمر إلى سجن وادي النطرون يثبت استبعاد قيامها بالإفراج عن قادة الجهاد. وشدد ربيع على أن النظام مازال يفضل المعالجة الأمنية لقضية الجماعات الإسلامية خصوصا أن العديد من رموز الجهاد داخل المعتقلات لديهم شعبية في الشارع السياسي وهو ما يقلق الحكومة ، وتخشى أن تكون موافقة قادة الجهاد على مبادرة وقف العنف ما هي إلا مسعى تكتيكي للخروج من السجون ومعاودة نشاطهم. من جانبه ، رأى الدكتور السيد عوض عثمان المحلل السياسي أن طرح الزمر لهذه المبادرة الجديدة لوقف العنف في هذا التوقيت قد يعود إلى رغبته ورغبة تنظيم الجهاد إلى إيقاف التصعيد والصدام مع النظام والأمن ومحاولة استغلال ما هو متاح من هامش ديمقراطي حتى تكون الجماعة ضمن المشهد السياسي ولا تترك الساحة السياسية للقوى والأحزاب السياسية الأخرى أو بعض الأجنحة في فصيل الإسلام السياسي. وعن مدى تجاوب النظام مع هذه المبادرة ، أكد الدكتور عثمان أن النظام السياسي في الوقت الراهن مأزوم فيما يتعلق بالحريات العامة واحترام حقوق الإنسان وأن هناك قوى داخلية وخارجية تتربص بهذا النظام في الوقت الذي احتلت فيه قضية حرية الرأي والتعبير مكانة محورية ،وحتى لو كان ذلك بشكل مظهري ، وبالتالي فإن الجرائم والانتهاكات التي كان يرتكبها النظام لم يعد بمقدوره ارتكابها الآن ، مشيرا إلى إمكانية أن يتعاطى النظام بعض المرونة مع هذه المبادرة. في المقابل ، أكد الدكتور كمال حبيب الباحث بالعلوم السياسية أن النظام ليس جادا في التعامل مع قضية المعتقلين السياسيين ، خصوصا معتقلي الجماعات الإسلامية ، وإلا كان من المفترض الإفراج عن المعتقلين منذ إطلاق عدد المبادرات قبل ذلك ، مشددا على أن الجهات الأمنية لن تتجاوب مع هذه المبادئ وخصوصا وأنها خرجت بعيدا عن طابع الأمن والذي سيطر على العديد من قيادات الجماعات الإسلامية ، ففي هذه المبادرة يظهر الزمر وكأنه ند للحكومة والنظام ويقايضهم فهو يطرح إمكانية الإفراج عن المعتقلين في مقابل التعهد بعدم ملاحقة مسئولي وضباط وزارة الداخلية في المحاكم الدولية بسبب ارتكابهم جرائم تعذيب بحق هؤلاء المعتقلين. ويتفق مع الرأي السابق ممدوح إسماعيل محامي الجماعات الإسلامية ومحامي الزمر ، مشيرا إلى أن النظام السياسي ترك ملف التعامل مع الإسلاميين في يد الأجهزة والأمنية وفق رؤية أمنية بحتة بعيدة كل البعد عن السياسة ، نافيا أن يكون هناك أي تجاوب مع هذه المبادرة لأنه منذ إطلاقها قبل 9 سنوات والأمن لم ينه حالة الاعتقال الجماعي رغم وقف حالة العنف . واعتبر إسماعيل أن النظام والأمن يستفيدان من هذه المبادرات إلا أن التنظيم لا يستفيد منها وهي مبادرات تصب في مصلحة الأمن القومي المصري ، وأرجع إسماعيل المبادرة إلى أن طارق الزمر وجد نفسه في حالة إعلامية واتصالية مع المجتمع المصري والقوي السياسية الأخرى فأراد أن يرسل هذه المبادرة مستفيدا من فرصة التواجد الإعلامي أثناء مناقشة رسالة الدكتورة. وأكد محامي الجماعات الإسلامية أن هذه المبادرة تنهي حالة الاحتقان بين النظام والفصائل الإسلامية وبها قدر كبير من التسامح إلا أن حق إعفاء مسئولي وزرة الداخلية من قضايا التعذيب يبقي حرية شخصية لكل معتقل.